فضل الله سبحانه وتعالى الإنسان على سائر المخلوقات بنعمة العقل، ليتفكر ويتدبر ويسلك طريق الخير ويبتعد عن طريق الشر، لكن البعض رضي لنفسه أن يكون بهائميا متوحشا، ينام ويصحو على جثث وجماجم البشر ناسيا قول الحق تبارك وتعالى: (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) . وا أسفا على عقول سُلمت طوعا وكرها من بعض بني جلدتنا ليعبث بها غيرهم دون رحمة ولا شفقة، وبذلوا أنفسهم ليركلها من يضحك عليهم كما تركل بقايا البالونات المهترئة في مزابل الحريق والنفايات، وا أسفا أن يكون من بيننا من يطعن خاصرة الوطن ويزهق أرواحا لا ذنب لها، من يفجر ويدمر ويقتل في مسجد أو محفل أو سوق أو غيره إنما يقتل أمه وأباه وأخته وأخاه وبني عمومته وأناسا بريئين، ضحكوا عليهم شياطين الإنس حتى أعموا بصيرتهم وبصائرهم، وأصبح الواحد منهم متوهما بفعله معتقدا أن الجنة خلف زر يُضغط لينقل حامله إليها، بينما ينسفهم إلى جهنم وبئس المصير. أي عقل هذا الذي يتشدق به حامل الحقد والغل والرصاص؟ وهو في حقيقته كالحمار يحمل أسفارا، فقد اتخذوه هواة الدمار وإراقة الدماء مطية لتنفيذ مآربهم اللعينة، وا أسفا أن تقض المضاجع من قبل بعض بني جلدتنا ممن يشاركنا المأوى والماء والهواء، إلى متى وهم تائهون في سكة الغي والطيش والإرهاب؟ ألا يعودون لجادة الطريق؟، (ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين؟)، حسبنا الله ونعم الوكيل.