شرَّع الدين الإسلامي خصوصية الفرد قبل أكثر من أربعة عشر قرناً. وقامت الدولة بسن تشريعات وقوانين تحفظ الفرد وممتلكاته. ووصى الفرد المسلم بحفظ عورة أخيه المسلم إنْ تمكن منها. ورتِّب سبحانه العقوبات في الحياة الدنيا والوعيد الشديد في الآخرة، لردع كل مخالف لأوامره. والمحافظة على خصوصية الفرد من صفات المؤمنين. ولكن من المؤسف ان نرى بعض المتنطعين الذين كسرو هذه القاعدة ووكلوا أنفسهم حراساً للفضيلة وبدون وجه حق يتم الاعتداء على خصوصية الأفراد وفضح سترهم بشكل لا يمت يمس للدين بصلة. في عام 1984 صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وذكر في مادته الخامسة عشر: "لا يُعرَّض أي شخص لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو رسائله، أو شن حملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في طلب حماية القانون له من مثل هذه التدخلات أو تلك الحملات ". وتصنف الخصوصية إلى ثلاثة انواع: الخصوصية المادية والخصوصية المعلوماتية والخصوصية التنظيمية. اليوم نحن أمام تحدي كبير لأنه مع وسائل التقنية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي أصبح من الصعب السيطرة على هذا الأمر، ولهذا يقع عبء كبير لحفظ الأفراد وممتلكاتهم وأعراضهم، ولا سبيل لذلك إلا بفرض قوانين ووضع عقوبات مشددة كما شرعها الله سبحانه وتعالى في كتابة. قال الله -عز وجل- في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} سورة النور. وقال سبحانه: {ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا} سورة الحجرات. الإسلام دين عظيم يكفل الحريات ويكفل الحياة الكريمة للإنسان. ولنصل لمجتمع سوي وحياة طيبة يجب أن يدرك جميع الأفراد خطورة انتهاك الخصوصية وما يسبب انتهاك هذا الحق من الضغائن وتشويه صورة المجتمع المتسامح والذي رأس ماله التعايش الذي يدفعنا لحفظ هذا الوطن وحمايته، وأن يكون ابنائه على قلب واحد وكالجسد الواحد. لا للفوضى واستغلال الغطاء الديني وتشويه صورة الدين والتدين. وانتهاك خصوصية الفرد أما أن يكون نابع من تدني مستوى الوعي وهنا ينبغي زيادة التوعية والبرامج التي تركز على خطورة هذا الأمر ومن تبعاته. وأما إن كان عن قصد هذا الانتهاك فلا حل الا القانون والعقوبة ليكون درس للنفوس المريضة. الوطن أمانة وحفظ هذا الوطن وحفظ جميع أفراده مسؤولية تقع على الجميع.