اعتنى الإسلام بخصوصية الأفراد وأولاها أيما اهتمام، ووصى بحفظها لمن اطلع عليها، ورتّب العقوبات الزاجرة في الحياة الدنيا، والوعيد الشديد في الآخرة لكل من خالف أوامره بانتهاكها، كما اعتبر المحافظة عليها من صفات المؤمنين، قال الله -عز وجل-: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} سورة النور. وقال سبحانه: {ولا تجسسوا …} سورة الحجرات، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من اطَّلعَ في بيتِ قومٍ بغيرِ أذنِهم ففقأوا عينَه، فلا ديةَ له، ولا قصاصَ.)، وعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم: (من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، أو يفرون منه، صُبَّ في أذنه الآنك يوم القيامة) . وقد جرّمت الأنظمة السعودية التدخل في خصوصيات الأشخاص أو شؤون الأسر أو الاطلاع على المراسلات الخاصة ومنعت ذلك من دون إذن، فقد جاءت المادة الأربعون من النظام الأساسي للحكم لتنص على أن "المراسلات البرقية، والبريدية، والمخابرات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال مصونة، ولا يجوز مصادرتها أو تأخيرها، أو الاطلاع عليها، أو الاستماع إليها، إلا في الحالات التي يبينها النظام". ونصت المادة الحادية والأربعون من نظام الإجراءات الجزائية على أن "للأشخاص ومساكنهم ومكاتبهم ومراكبهم حرمة تجب صيانتها، وحرمة الشخص تحمي جسده وملابسه وماله وما معه من أمتعة. وتشمل حرمة المسكن كل مكان مسوّر أو محاط بأي حاجز، أو مُعدٍّ لاستعماله مأوى"، وجاءت المادة السادسة والخمسون لتنص على أن "للرسائل البريدية والبرقية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، فلا يجوز الاطلاع عليها أو مراقبتها إلا بأمر مسبَّب ولمدة محددة، وفقًا لما ينص عليه هذا النظام"، كذلك ضبط نظام الإجراءات الجزائية إجراءات تفتيش الأشخاص والمساكن ابتداءً من المادة الحادية والأربعين حتى المادة الخامسة والخمسين مراعياً في ذلك حقوق الأشخاص الإنسانية. ولأهمية احترام الخصوصية فقد اعتبر المشرع السعودي إجراءات التحقيق ونتائجها من الأسرار التي يجب عدم إفشائها، ويوجب مساءلة من يقوم بذلك، نصت على ذلك المادة الثامنة والستون من نظام الإجراءات الجزائية وذلك بأنه "تعد إجراءات التحقيق نفسها والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار التي يجب على المحققين ومعاونيهم – من كتاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم – عدم إفشائها، ومن يخالف منهم تتعين مساءلته". وفي عام 1948م صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وذكر في مادته الثانية عشرة: "لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات". هيئة حقوق الإنسان @Als333d