أكد الناقد الدكتور عبدالله الغذامي أن الإبداع الأدبي انتهى، وأن هذا ليس زمنه، مشيرا إلى أن زمننا هذا هو "زمن التفاعلية"، وأوضح في محاضرته مساء أمس بنادي أبها الأدبي، ضمن البرنامج الثقافي المصاحب لجائزة المفتاحة، أن من يدعي أن لنا خصوصية مختلفة عن العالم، يقزم مفهوم الدين الإسلامي الذي هو دين عالمي، ويحولها إلى عائق أمام أي تقدم. وأضاف: من الأخطاء التي نمارسها أن نقول للآخرين، افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا، فمن الأولى أن نبدأ بإصلاح أنفسنا، فإن لم نتمثل قيم ثقافتنا، فكيف ننشرها لدى الآخرين؟. وكان الغذامي بدأ محاضرته بالتأكيد على أن الرئيس الأسبق لأدبي جدة عبدالفتاح أبومدين، أصر عليه في الذهاب إلى أبها لإلقاء محاضرته "الشاشة بوصفها مجازا ثقافيا"،على الرغم من تعارضها مع تكريمه في انطلاق فعاليات ملتقى قراءة النص بأدبي جدة. وقال للحضور الكثيف الذي امتلأت به صالة النادي "قبل أن أبدأ، أريد التأكيد أنني كنت في حيرة من أمري، هل اعتذر عن هذه المحاضرة وأحضر تكريم عبدالفتاح أبومدين، صاحب المكانة الكبيرة في الثقافة وفي نفسي، خصوصا وأن الموعد السابق لهذه المحاضرة كان في يناير الماضي، وتسبب التأجيل في تعارضها مع تكريم أبومدين، ولكن أبومدين نفسه أصر علي في الذهاب إلى هنا، وقال لي إذا أردت تكريمي فاذهب إلى أبها"، وعندها ضجت الصالة بالتصفيق، تقديرا للغذامي وأبومدين. ثم انطلقت المحاضرة التي أدارها رئيس أدبي أبها الدكتور أحمد آل مريع، بتمهيد من الغذامي، حول دور المجاز في الشعر العربي، منذ مقولة "يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره"، ثم انطلق في توصيف الحالة المجازية التي تمثلها وسائل التواصل الاجتماعي قائلا "تحول الفرد إلى التعامل مع عائلتين: عائلته الواقعية، وعائلته الأشمل وهي المجازية التي تمثل من يتابعه أو يتابعهم في وسائل التواصل، وإمكانية استخدام الصورة والاسم الوهميين، في التعبير عن الأفكار ونشرها في كل مكان، مؤكدا أن "الوهمية أصبحت هي المسيطرة حتى على الشخص نفسه". وأضاف: "من مشكلات سيطرة ثقافة الشاشة أنها أشاعت الإغراء، وجعلت المجاز يطغى على الواقع، وتسببت في نشر ثقافة النسيان، لأن الشاشة تخاتل الذاكرة وتضخ عليها صورا ومعلومات كثيرة تشتتها". ووصل إلى نتيجة مفادها أن ثقافتنا الحالية هي ثقافة "كائنات شاشاتية". المداخلات حفلت المحاضرة بمداخلات كثيرة، أهمها مداخلات للدكتور عامر الألمعي والدكتور عثمان الصيني، وعلي فايع الألمعي والدكتورة مريم الغامدي وعبير العلي والدكتور محمود الكحلاوي والدكتور عبدالحميد الحسامي وآخرون. حيث رد الغذامي على تساؤل الألمعي بالتأكيد على أنه يجب علينا أن نحاور أنفسنا ومجتمعنا، وأن نتمثل قيم الإسلام قبل التفكير في نشرها لدى الآخرين. وقال "عدم إعطاء الحوار والتساؤل مجالا واسعا وحرا، أوجد لدينا من يوصفون بأنهم ملحدون، والحقيقة أنني عندما حاورتهم وجدتهم مجرد غاضبين وحائرين، لأن الأسئلة التي تدور في أذهانهم لم يجب عليها". وأضاف في رده على تساؤل الدكتور عثمان الصيني، حول واقع ثقافة المرسل والمستقبل، بأن التقنية الحديثة ألغت هذا المفهوم إلى حد ما، فالجميع أصبح مرسلا ومتلقيا في الوقت نفسه. وفي رده على سؤال علي فايع عن متى ينتهي الجدل بينه وبين الدكتور عوض القرني الذي يصف الغذامي ب"المتنطع" ورد الغذامي عليه بأنه "جاهل"، قال: "ما زالت أؤكد للمرة الألف أن القرني جاهل بالحداثة مثلما أنا جاهل بالشريعة، وكتابه تجهيل للناس وتغرير بهم". واستشهد على ذلك بالقول: "يكفي أنه اتهم محمد عابد الجابري بأنه شيوعي، بعد أن نسب له كلاما ليس له، أورده الجابري في معرض رده على شخص آخر. وفي رده على مريم الغامدي وعبير العلي والحسامي، أكد أن الشاشة أصبحت مجازا جديدا، لكنها ألغت الصوت الواحد. وأيد ما أورده الأصفهاني حول أن قيس وليلى شخصيتان وهميتان وضعهما شخص من بني أمية عشق ابنة عمه، لكنه لم يجرؤ على كشف ذلك إلا من خلال المجاز "قيس وليلى". وتحدث عن أن المجاز لا يحاكم إلا بمجاز مثله، إلا في حال تحول الأمر إلى مطالبة بالحق الشخصي. ونفى في رده على الكحلاوي أن يكون قد تخلى عن النقد الثقافي.