حسين الهملاني سبع عشرة مرة يقرأ المسلم "إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم" في الصلاة المفروضة إيمانا وقبولا ويقينا بالمنهج الرباني الذي فرضه الله. "لست مؤهلا للتأصيل التفسيري لهذه الآية إنما هي قراءة تأملية بسيطة". أدركت أن الهداية رباط للقلب من الانحراف، وحينما يعلو ويدنو التفكير، يدرك الإيمان العقلي أن الهداية هبة ربانية لا يستطيع أي عقل راجح مكتمل الإيمان أن يجزم باستمرار الهداية، إلا بحفظ وعون ودعاء رب العالمين. التنوع الشرعي واليقين العقدي يتقاسمهما المهتدون للصراط المستقيم، منهم من يعقل ويفهم أن الهداية أمر نسبي، فحينما يتقرب لله أكثر، يجد الهداية أكثر استقامة وثباتا، ومنهم من يعيش الخوف في انحرافه عن الهداية، يقينا منه أن بقاءها وزوالها بيد الله. بين التقرب والخوف، نجد العقل يستحضر ورود هذه الآية في فاتحة الكتاب وتكرار قراءتها في كل صلاة، فعقل يقرؤها عادة، وعقل آخر تفيض عينه خوفا. هنا، نجد الوحي يخبرنا أن استمرار الهداية مشروع حياة، فمن هداه الله الصراط المستقيم يظل طالبا مزيدا منها، وهذا يقين أن الهداية حقيقة لا ينتهي طلبها. ونؤمن جميعا أن بقاء كل قلب ينبض بوريد الحياة، يحتاج الهداية كدائرة نجاة لا تكتمل إلا بالرحيل عن الحياة. التوافق بين العقل والقلب، هو يقين الإيمان أن ملكية الهداية خصوصية الخالق. لذلك، فرضها الله نصا قرآنيا يلهج به كل إنسان مهما كانت درجة تقربه لله. ويظل القلب مناط الحديث بالهداية في التأمل الإيماني والروحي ومشروعية نبضه لا تتوقف ما بقي للإنسان بقاء. كلنا يدرك أن ذلك القلب يقلبه الله كيف يشاء، فإن أراد له الهداية قذفها في نبضاته، وإن أراد له الانحراف نزع منه سكينة الهداية. هنا، يظل نمط إدراك العقل التفكيري مؤمنا أن الهداية تفاعل بين القلب وربه، وتحقيقها يتم بإرادة الله، ولا يذهب عقل ليقين "مطلق الهداية" في قلب مؤمن مهما تقرب لله بالعبادة، أو زاد طلبه لعلوم الدين، وأكثر برهان على ذلك أن جعل الدعاء بطلب هداية الصراط المستقيم حقيقة في كل حين. جعلني الله وإياكم من المهتدين إلى صراطه المستقيم قلبا وعقلا وروحا.