د. أحمد الرضيمان تؤخذ عقيدة الشخص أو النظام من شيئين: قوله، وفعله. والراصد لأقوال ملالي نظام إيران وقادته، التي وثقوها في كتبهم، أو قالوها بأفواههم، وكذا ما أيدوه من كتب مراجعهم، يجد تلك الأقوال طافحة بتكفير جميع المسلمين، بدءا بخيار الأمة؛ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين وصفهم الله بقوله (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود)، ثم التابعين، ومن تبعهم بإحسان. فكل من لم يؤمن بأئمتهم المعصومين، فهو عندهم كافر. يقول شيخهم المفيد في كتاب "أوائل المقالات" صفحة 44: (اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد الأئمة، وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة، فهو كافر ضال، مستحق للخلود في النار). ويقول شيخهم المجلسي، في "حق اليقين" صفحة 519: (وعقيدتنا أننا نتبرأ من الأصنام الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية، والنساء الأربع: عائشة وحفصة وهند، وأم الحكم، ومِن جميع أتباعهم وأشياعهم، وأنهم شر خلق الله على وجه الأرض). ويقول أيضا في "بحار الأنوار" صفحة 137: (أبو بكر وعمر كافران، كافر من أحبهما). ومعلوم أن كل المسلمين يحبون صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فهم بهذه المحبة عند هؤلاء الغلاة كفار. فأي غلو في التكفير أشد من هذا؟! ووصف الخميني في كتابه الطهارة المجلد الثالث عائشة والزبير وطلحة بأنهم أخبث من الكلاب والخنازير. وروى شيخهم الكُلَيني في أصول الكافي 2/244 عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر: جُعلت فداك، ما أقلَّنا، لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها! فقال: ألا أحدثك بأعجب من ذلك، المهاجرون والأنصار ذهبوا إلا – وأشار بيده – ثلاثة). هكذا نظرتهم للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، الذين رضي الله عنهم، وأثنى عليهم، وأعد لهم الجنات، كما في قوله تعالى (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار). وإن تعجب – أخي القارئ الكريم– من هذا التكفير لسادات الصحابة، وعموم المسلمين، فعجبٌ عدم اكتفائهم بهذا البهتان العظيم، وإنما تجاوزوه إلى اتهامهم لأئمة المسلمين، بأنهم يتوسعون في التكفير، وأنهم المرجع للجماعات الغالية، وصدق الله إذ يقول: (ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا)، ولو كانوا يعقلون؛ لكانوا آخر من يتكلم عن خطر حركات الغلو والتكفير؛ لأنهم رعاتها، وهم أحق بها، وأهلها. فقد وفرّ النظام الإيراني الحماية لعدد من المتورطين في تفجير الخُبر، عام 1416ه، وشكل ملاذا آمنا على أراضيه لزعامات تنظيم القاعدة، وبعض عائلاتهم منذ عام 1422ه، كما أن تنظيم داعش صنيعة لإيران، ومن معها في الإجرام، ولذلك لم يحدث أن استُهدفت إيران قط من داعش، وليس هناك أي مواجهة لهذا التنظيم من قبل النظام الإيراني. وقد قال قائد القوات البرية في الجيش الإيراني "كيومرث حيدري": (لن تكون هناك أي مواجهة محتملة لإيران مع تنظيم داعش، وليست هناك تهديدات من قبل التنظيم). وهذا أمر طبعي، فكيف يكون هناك مواجهة مع داعش، وكثير من عناصرهم وقادتهم، يتم تدريبهم على أيدي الحرس الثوري الإيراني، كما أن النظام الإيراني دأب على زرع الفساد والعنف والميليشيات في الدول العربية، وقد قال وزير الاستخبارات الإيراني "حيدر مصلحي": (إن إيران تسيطر فعلا على أربع عواصم عربية). ونقلت وكالة أنباء فارس عن مصلحي، تناغم تصريحاته مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو". ولا نعجب من هذا التناغم بين نظام إيران واليهود، وإنما العجب أن يتحدث النظام عن حبه للإسلام، وعداوته لليهود. ذلك أن النظام الإيراني أوجد أكثر من 200 معبد يهودي في طهران، بينما يبلغ عدد المسلمين من أهل السنة في طهران مليونا ونصف المليون، ولا يوجد لهم مسجد واحد، ولا يسمح لهم ببناء مسجد. ومن تناغمه مع اليهود، الاستفادة من اليهود الإيرانيين في الكونجرس الأميركي، ومجلس الشيوخ؛ للتضييق على الإسلام والمسلمين، لا سيما مهبط الوحي، ومنبع الإسلام، المملكة العربية السعودية. ومن ذلك هجومهم على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وزعمهم أنها هي الأصل للقاعدة وداعش، مع أنهم يعلمون - قبل غيرهم - بطلان هذا الزعم، ويعلمون أن داعشا والقاعدة تديرهما استخباراتهم المعادية للإسلام والمسلمين، ولا علاقة لهذه التنظيمات بدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب، لكنهم يريدون الكيد للإسلام؛ لعلمهم أن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب هي الدعوة الإسلامية، التي دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرادوا تشويهها من خلال هذه التنظيمات التي أحدثوها، وهذه كتب الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – موجودة، نتحداهم أن يأتوا بنقل واحد عنه من كتبه؛ أنه كفّر مسلما بغير حق، أو أنه أتى بشيء يُخالف إجماع المسلمين، وأنى لهم ذلك. بل الموجود في كتبه هو التحذير من ذلك: كقوله – رحمه الله -: (ولا أُكَفِّر أحدا من المسلمين بذنب، ولا أخرجه من دائرة الإسلام). وقال أيضا: (وإذا كنا لا نُكفِّر مَن عبد الصنم الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما، لأجل جهلهم، وعدم من ينبههم، فكيف نُكفِّر من لم يشرك بالله...). وقال أيضا: (وأما القول بأنا نُكفِّر بالعموم، فذلك من بهتان الأعداء، الذي يصدون به عن هذا الدين، ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم). هذه أقوال الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله -، وتلك التي نقلناها أقوال ملالي وقادة ومراجع النظام الإيراني، فأي الفريقين أحق بالرفق والاعتدال والوسطية؟ ويلحظ القارئ الكريم: أنني تحدثت في هذا المقال عن النظام الإيراني وملاليه، وليس عن شعب إيران، ولا الفرس، ولا الشيعة. لأن كثيرا من شعب إيران لا يرتضون النظام الدموي الثوري في إيران، كما أن كثيرا من الفرس مسلمون أخيار، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من فارس"، وكثير من الشيعة لا سيما العرب منهم، يعلمون أن النظام الإيراني يكرههم لعروبتهم، ويزجهم في أماكن الصراع، ويُخطط لقتلهم في أماكن العبادة؛ ليتخذ ذلك ذريعة لتدخلاته الشريرة، ويُوهم الجهالَ أنه المُخلِّص للشيعة، والحقيقة نقيض ذلك. وبهذا يتبين: أن الأقوال والأفعال تدل على سوء معتقد النظام الإيراني، وعداوته للإسلام والمسلمين، وأنه الداعم للإرهاب والعنف ضد المسلمين. فحريٌّ بكل مسلم – لا سيما الشباب- أن يحذروا من هذه الجماعات الغالية، كالقاعدة وداعش ونحوهما، فهما صنيعتان للنظام الإيراني وأعوانه من أهل الإجرام، أراد بهما الكيد للإسلام والمسلمين، اتباعا لخطط ومكر اليهودي عبد الله بن سبأ، ولكن (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)، و (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله). أستاذ العقيدة المشارك بجامعة حائل