يتفق كل من يزور الرياض أو يقيم فيها على الضجر والانزعاج من الازدحام المروري الذي انبثق أخيراً من (مشروع قطار الرياض السريع) المنتظر الذي يعمل وعلى مدى 24 ساعة في اليوم، والذي يهدف إلى توفير بدائل أخرى تساعد على سرعة وسهولة التنقل، وتعد مدينة الرياض أكبر نسبة سكان بين مناطق المملكة، حيث بلغ العدد نحو ستة ملايين نسمة، والازدحام المروري موجود قبل مشروع القطار، إنما بعد انطلاق المشروع وإغلاق بعض الطرق وكثرة وتعدد التحويلات المتجددة أدى إلى ازدياد تكدس المركبات في بعض الطرق والشوارع الرئيسية. ومن الطبيعي أن ينعكس الازدحام المروري على مشاعر ونفسية الإنسان، وخاصة السائقين منهم بشيء من التذمر والملل والكآبة، وخاصة مع طول الوقت الذي يستغرقه الإنسان منا حين يريد الانتقال من موقع إلى آخر داخل المدينة، ولديّ شخصياً تجربة متواضعة في هذا الشأن، انعكس بعضها سلباً على مشاعري ومزاجي، وجعلني أعبر عن هذا الانزعاج في كل لحظة يُفتح فيها الموضوع، إلا أني وجدت خطورة وخطأ في ذلك، وهو تنامي وتكاثر الشعور السلبي بداخلي كلما تحدثت بتذمر، وكما يقال "كما نفكر ونتحدث نكون"، لذا ففي زيارتي الأخيرة للرياض طلبت من زوجتي - وفقها الله - أن نتعاون في التفكير والتأمل وملاحظة أبرز الإيجابيات التي تسهم في تعديل رؤيتنا وبالتالي مشاعرنا تجاه ذلك الزحام الخانق، فتوصلنا إلى كتابة إحدى عشرة مهارة ومبدأ يمكن اكتسابها واستخراجها وتوظيفها من ذلك الزحام. أولاً تحديد الهدف أي الموقع الذي نريد الخروج والذهاب إليه، لأنه سيسهم في اجترار مبدأ التخطيط وهو التفكير في خطة ميسرة للوصول إلى ذلك الموقع بالاستفادة من التجارب السابقة، ويليه مبدأ التركيز فلا قيادة ناجحة وسط الزحام دون تركيز، وكذلك مبدأ التقبل، وهذا يعني التكيف والتأقلم مع الواقع كي تستطيع التعامل معه، ويساعد على اكتساب الصبر، ومن أكبر صوره ومظاهره عدم استخدام منبه السيارة أو كثرة الالتفات أو التنقل يمينا ويسارا، وأيضاً مبدأ الإيثار، وهذا يظهر كثيراً في القيادة عندما تسمح لغيرك بالتجاوز أو المرور عند المداخل والتقاطعات الرئيسية والفرعية، ومن المبادئ التفهم، وهو أن الذين يقودون المركبات حولك ومعك يختلفون في ثقافاتهم وأعمارهم وظروفهم، لذا حينما سألوا حكيماً ما هي أكبر الأشياء الدالة على عقل الرجل؟ أجاب: مداراته للناس، ولا أنسى مبدأ التسامح مع الغير وعدم التدقيق، ويأتي مبدأ الحلم تجاه أخطاء السائقين الآخرين من المبادئ المهمة، ولعل مبدأ اللباقة يفسره حسن التصرف أثناء القيادة، ويقودنا إلى مبدأ الذوق ويمكن أن نراه في الاحتفاظ بخط المسار وعدم التجاوز العشوائي والمحافظة على سرعة معقولة أثناء القيادة وهو نتيجة تطبيق لكل سبق.