عاودت مياه الآبار القديمة في عيون ينبع النخل جريانها من جديد بعد أن توقفت منذ 30 عاما، حيث كان الناس في الماضي يستغلونها في سقيا نخيلهم ومحاصيلهم الزراعية وكذلك سقيا مواشيهم. وأعادت الأمطار التي هطلت على منطقة المدينةالمنورة أخيرا الحياة إلى تلك العيون، وأنعشت آمال المزارعين بالمنطقة في تحقيق منتوج زراعي جيد، خصوصا أن كثيرا من الأراضي الزراعية تضررت بعد تراجع منسوب المياه الجوفية بسبب قلة الأمطار على المنطقة في الأعوام السابقة. مزارع مهجورة كشفت جولة "الوطن" على عدد من الأراضي الزراعية في مركز ينبع النخل آثار موسم الأمطار لهذا العام على العيون والآبار الجوفية بعد أن عادت الحياة إلى كثير من العيون التي أخذت مياهها تجري وسط المزارع المهجورة بعد انقطاع دام طويلا تسبب في تراجع أعداد مزارع النخيل التي عرفت فيها المنطقة قديما. وتحولت عين "الشريعة" في ينبع النخل إلى مزار يرتاده الأهالي بعد أن عادت إليها الحياة بعد انقطاع دام 30 عاما، وتوافد عليها كثير من المهتمين بالمجال الزراعي للوقوف على العين، وشجعت عودة العين عددا من المواطنين للتطوع وتنظيف العيون وإزالة المخلفات حتى يستمر جريانها، وتستفيد منها المزارع المحيطة بها، كما جرت المياه من عين "الفجة" وعين "البركة" التي أعادت الحياة إلى مزارع النخيل المهجورة منذ عشرات السنين، مما يبشر بموسم زراعي وافر هذا العام. جفاف الآبار الجوفية ذكر عبدالحميد سلام، وهو أحد المهتمين بالمجال الزراعي في محافظة ينبع، أن ينبع النخل من أشهر المواقع في تاريخ الجزيرة العربية المعروفة بمزارع النخيل التي كانت تسقى من العيون المنتشرة فيها، وتسبب ضعف منسوب مياه الأمطار في جفاف العيون منذ أكثر من 30 عاما، وعادت مع زيادة منسوب مياه الأمطار هذا العام. وأضاف سلام أن جفاف الآبار الجوفية وغور العيون تسبب في هجر المزارعين أراضيهم منذ عشرات السنين، ولكنهم عادوا إليها قبل أيام مع عودة المياه للجريان بتلك العيون. وطالب سلام الجهات المعنية بتشجيع الأهالي ودعمهم للعودة إلى مزارعهم و إقامة الدورات والندوات ليعرف الجيل الجديد الطرق الزراعية الصحيحة والسبل المناسبة في ترشيد المياه وعدم استخدام الطرق البدائية التي تسهم في هدر كميات كبيرة منها، مؤكدا أن التمور والحمضيات والخضروات من أهم المحاصيل التي كانت تنتجها مزارع ينبع النخل وما زالت تلك المواقع صالحة للزراعة. فتح سد ينبع قال الباحث التاريخي صالح الجهني إن المملكة عرفت فيها مناطق اشتهرت بالعيون الجارية كالأحساء والخرج والأفلاج وينبع النخل، مشيرا إلى أن كلمة ينبع "من نبع ينبع نبعا"، وتعرف ببعض المراجع بالينبوع وسميت بذلك لوفرة الماء بعيونها الجارية التي ظلت لقرون تغذي الجزيرة العربية بمنتوجها الزراعي، مبينا أن أول من حفر عيون ينبع هو علي بن أبي طالب، حيث حفر عيونا ب"البثنة" و"البغيبغات "، وهما منطقتان زراعيتان معروفتان حتى اليوم بينبع، مضيفا أن موسم الأمطار هذا العام أحدث نقلة كبيرة عندما عادت الحياة إلى تلك العيون بعد جفاف استمر طويلا، وأعاد الأمل في نفوس المزارعين الذين هرعوا لمزارعهم القديمة لإصلاحها وإعادتها إلى الحياة، وطالب الجهني بفتح سد ينبع على الأودية لدعم جريان العيون طوال العام. أفضل المواسم أوضح مدير الجمعية الزراعية في منطقة المدينةالمنورة المهندس حمود الحربي ل"الوطن" أن موسم الأمطار الحالي من أفضل المواسم المطرية التي تمر على المنطقة، حيث توزعت كميات الأمطار على مناطق كثيرة في المملكة، مما تسبب في تحسين الغطاء النباتي فيها، مشيرا إلى أنه لا بد من العناية الكافية بالزراعة، بدءا من برامج البحوث الزراعة البعلية وتطوير الموارد الوراثية النباتية الحالية، واستنباط سلالات جديدة تتأقلم مع الظروف المناخية الجافة في المنطقة، وتتميز بالإنتاجية العالية، ومقاومة الأمراض والحشرات، وإدخال محاصيل جديدة عالية المردود الاقتصادي، وتطوير تقنيات حصاد المياه واستدامتها، وتصميم برامج إرشادية متخصصة في الزراعة البعلية ومواجهة تحديات تنميتها.