مثلما هي جدة دائماً، فإن كل محاولة إصلاح فيها تواجه معضلة يجب حلها، وبعض هذه المعضلات يستحيل الاجتهاد فيها، ومنها على وجه التحديد أسماء الشوارع القديمة التي تمت تسميتها في مرحلة الطفرة، حيث قامت أمانة جدة بتكليف إحدى الشركات بإطلاق أسماء على الشوارع المستحدثة. في الشارع المؤدي من شارع فلسطين إلى مقر صحيفة الوطن في حي الرويس، نلحظ آثار المعضلة التي يصعب حلها، فنعثر مثلاً على شارع باسم "عبدالله جمال" ولا أحد يعرف من هو عبدالله جمال حتى الأمانة نفسها، ولو فتشنا بين سكان جدة الأربعة ملايين نسمة لوجدنا عشرات الأشخاص باسم "عبدالله جمال" كل منهم لديه الحق بالادعاء بأن الشارع يحمل اسمه. ويبدو أن تسمية شوارع جدة تمت بصورة عشوائية، فلا بد أن أحدهم كان مهتماً بالعلم فأطلق اسم شارع "بحور العلم" على أحدها، وآخر لديه ميول صوفية فسمى أحد شوارعها "مفتاح السعد" أما ثالثهم فقد يكون عاشقا للطيور فسمى أحد شوارعها باسم "روضة العصافير" على الرغم من أنه لا توجد شجرة واحدة لتقف عليها العصافير في هذا الشارع. أما شارع الشاكرين فيمر بالقرب من مقبرة الرويس، ويؤدي شارع "رسالة الحياة" إلى نفس المقبرة إذا عبرت شوارع أخرى موصولة به، أما شارع المستقبل، وهو شارع قصير ولكن المفارقة أنه مغلق في نهايته ولا يوحي بالمستقبل أو يلامس آفاقه مطلقا، فقط يدل على أفق من سماه. الأسماء لا تنتهي إلا إذا انتهت الكلمات وشارع باسم "عبدالله جمال" يكاد يكون أشبه بنكتة، لكن هذا لا يضحك عضو لجنة تسمية شوارع جدة الدكتور عبدالعزيز النهاري، الذي أوضح ل"الوطن" أن تسمية الشوارع القديمة لا يمكن تغييرها لأسباب وجيهة، منها أنها قديمة، وقد دونت أسماؤها في الصكوك ومخططات البناء، ومراجع الأمانة والبلديات، لذلك يبدو تغيير هذه ألأسماء عسيراً. لكن وأنت تقطع الشارع الجميل المسمى بشارع الملك عبدالله وقد أنهت الجهات المسؤولة بناء النفق والجسر الخاص به مؤدياً بك نحو شاطئ حي الحمراء لابد أن تثيرك لافتة مكتوب عليها "شارع مفتاح السعد" ويعلق الدكتور النهاري على ذلك بالقول للأسف مهما كان الاسم فإنه من الصعب تغييره، وأشار إلى أن اللجنة انتهت من اختيار 5 آلاف اسم جميعها من الأعلام لإطلاقها على شوارع جدة التي يمكن تغيير أسمائها، خاصة الشوارع الرئيسية والجديدة منها. وبالرجوع إلى أخبار لجنة تسمية شوارع جدة نجد أخباراً تعود إلى عام 2007 توضح أن لجنة تسمية شوارع جدة اعتمدت تسمية 16 منها بصفتها طرقا رئيسية، أما الآخرى ففي شوارع أو ممرات. وبسؤال المكتب الإعلامي في أمانة جدة أوضح أن اللجنة انتهت من تسمية الأحياء الجديدة المحيطة بمدينة جدة، التي تضم (107)، وتمت تسمية 22 ألف شارع، وأنها قامت بتصنيف الشوارع إلى فئات "أ" أسماء الصحابة وكبار الشخصيات على مستوى البلاد وأبرز العلماء والمفكرين، وتوضع أسماء هذه الفئة على الشوارع الرئيسية التي تربط الشوارع المحورية الكبرى، وتشمل فئة (ب) أسماء التابعين وأبرز الأدباء والشعراء وتوضع أسماء هذه الفئة على الشوارع الثانوية التي تتفرع من شوارع الفئة السابقة، أما فئة (ج) فتشمل أسماء الشخصيات العامة للعلماء والأدباء والشعراء وغيرهم وتوضع أسماء هذه الشوارع على الشوارع الفرعية التي تتفرع من شوارع الفئة السابقة. ومع ذلك لا زلنا نرى شارع باسم حراء في البغدادية الغربية مع أن شارع حراء الشهير يقع في شمال جدة، في حين نجد شارعين باسم حائل، أحدهما المؤدي إلى جدة التاريخية وآخر في حي الروضة، ولعل الأهم من ذلك هو أن تنهي اللجنة أسماء الشوارع التي لا تدل على شيء مثل "بذور الرشاد" أو عبدالله جمال.