"الغدارة والشيطان وأم نقشه والبتار والمطواة"، أسماء تطلق على الأسلحة البيضاء، وهي مسمى يطلق على كل من الأدوات الحادة ومنها السواطير والسكاكين التي يستخدمها الشباب من صغار السن في المضاربات والمشاجرات، ويعتبرها عدد من المختصين والقانونين ظاهرة باتت تقلق المجتمع ويطالبون بوضع عقوبات صارمة حيال من يحملها أو يستخدمها، فيما أكد اختصاصيون في علم النفس والاجتماع أن هذه الظاهرة تستوجب المناصحة والرعاية القصوى التي تنطلق من البيت والمدرسة.
افتقاد التربية يرى مدير عام مركز أبحاث مكافحة الجريمة بوزارة الداخلية سابقا الدكتور سلطان عبد العزيز العنقري، أن استخدام الأسلحة البيضاء بين الشباب وطلاب المدارس والتعدي بها في المشاجرات يعود لعدة عوامل منها التربية الخاطئة من قبل الوالدين والمتمثلة في أربعة طرق هي: التسلط والقسوة في تربية الأطفال، والتدليل والحماية الزائدة، والحرمان العاطفي، والإهمال. وأشار إلى أن بعض الأسر تلجأ لاستعمال وسيلة الطرد من البيت للشباب الجانح فيصبح الشارع عامل جذب للأطفال والمراهقين، وتكمن المشكلة الأبشع بالانحرافات الفكرية والسلوكية التي منها حمل السلاح الأبيض أو المسدسات والرشاشات. أوضح الدكتور العنقري أن عدم تعاون الأسرة مع المدرسة وإغفالها تصحيح السلوك العدواني للأبناء وعدم ربط البيت والمدرسة لتعديل السلوك المنحرف، مما يجعل هؤلاء الطلاب من صغار السن والذين يشبهون العجينة اللينة، عرضة لتطويع المجرمين من المنحرفين والجانحين من أصحاب السوء، فيبدؤون تطويعه بالكيفية التي يريدونها فيعلمونه حمل السلاح الأبيض وغيره من الأسلحة الخطرة، وكذا تعاطي المخدرات وارتكاب الجرائم التي لا يعرف الطفل خطورتها على نفسه وأسرته والمجتمع.
ظاهرة مرتبطة بالمخدرات وأكد الدكتور العنقري، أن حمل السلاح الأبيض يرتبط ارتباطا وثيقا بتعاطي المخدرات وترويجها بين الأطفال الذين تمت تربيتهم في الشارع بعيدا عن الأسرة، مشيراً إلى أن أقسام الشرطة سجلت جرائم وحوادث قتل حدثت بين الشباب على أتفه الأسباب والأخطاء، وتبدأ بتشكيل تكتلات وشللية، بين الطلاب بالمدارس المتوسطة والثانوية وسرعان ما تطبق على أقرانهم بالتسلط والقسوة وإظهار الفتوة، وغالبا نجد بجميع المشاجرات والمضاربات بين الطلاب المراهقين بعد خروجهم من المدرسة استخدام السلاح الأبيض. ترويج الأسلحة عن ظهور حمل الأسلحة البيضاء بين طلاب المدارس، يقول المعلم صالح الجهني، إن من بين السلوكيات الخطرة التي انتشرت بين الطلاب استخدام الأسلحة البيضاء كالسكاكين والمطاوي والخناجر في المشاجرات العادية والتي سرعان ما تتحول إلى اعتداء على النفس بالإصابة أو القتل، ويرى أن كثرة مشاهدة أفلام العنف والإيذاء الجسدي دفعت بعضا من فئات الشباب لتقليد الصور الإجرامية التي يشاهدونها حبا في الظهور بمظهر الشاب القوي الذي يهابه الصغار والكبار، مبيناً أن أكثر المشاغبات سرعان ما تتحول لجرائم قتل، لتبدأ السجون والمحاكم بمعاقبة الجاني ومطالبة أهل المقتول بالقصاص من القاتل. وأضاف، تجهل الأوساط التعليمية من المعلمين وقائدي المدارس الأسباب التي تدفع الطالب لحمل السلاح وإخفائه، محذراً من العمالة التي تستخدم مواقع التواصل والانستجرام للترويج للأسلحة والتخطيط لإثارة الفوضى بين فئة الشباب بالمملكة، مطالباً بسحب تراخيص المحال التي تستهدف عمليات بيع الخناجر والسواطير لغرض الكسب المالي دونما مرعاة للأرواح التي ستزهق بسببها.
من الجرائم الكبرى أوضح المحامي والمستشار القانوني ورئيس لجنة رعاية السجناء "تراحم" أشرف سراج، أن المشاجرات والمعارك التي تحدث بالشوارع تستوجب التحقيق والإيقاف وتشدد العقوبة التعزيرية فيها حسب ما يرد في لائحة الدعوى وما يراه ناظر القضية، وتقبض الشرطة على الأشخاص المعتدين بالمشاجرات ومن ثم يحولون إلى التحقيق معهم بهيئة التحقيق والادعاء العام بدائرة الاعتداء على النفس ويتم تجريمهم، ومنها تحول ملفات القضية إلى المحكمة الجزائية. بين سراج، أن قرار وزير الداخلية رقم 2000 والذي صدر في 1435، نص على أن الجرائم المنصوص عليها في نظام الأسلحة والذخائر تعد من الجرائم الكبرى ويعاقب عليها بالسجن سنتين، وتنص الفقرة (9) من القرار على أن الاعتداء المتعمد على النفس والذي ينتج عنه تعطيل منفعة أو زوال عضو أو إصابة تزيد مدة الشفاء فيها عن خمسة عشر يوما تغلظ العقوبة فيها. التقليد الأعمى أخصائي علم الاجتماع التربوي محمود كسناوي، أكد أنه يلاحظ في الفترة الحالية أن بعض الشباب يحاولون اقتناء ما يسمى بالأسلحة البيضاء، وحملها في الأماكن العامة ومنهم من يحملها معه داخل السيارة متباهين بأنهم يملكون أسلحة، ويعتقد الشخص أن وجود مثل هذه الأسلحة سيحميهم من الأعداء أو عند المشاجرات أو لاستخدامها في بعض من المناقشات والمشاغبات، وللأسف الشديد أن بعض الآباء خاصة في بعض المناطق البعيدة عن المدن، يحملون بأنفسهم هذه الأسلحة الأمر الذي يجعل الأبناء يقلدونهم ويعتبرونها من التقاليد والعادات المتوارثة من الأجداد. فهم خاطئ للقوة عن الشباب والمراهقين والذين يرون في حمل الأسلحة شجاعة وحماية لهم يقول استشاري الطب النفسي محمد شاوش، هناك بعض الأشخاص يكون لديهم أحيانا بعض التشوهات المعرفية ناتجة عن فهم خاطئ لمعنى القوة والرجولة، وهذا موروث خاطئ وللأسف تتناقل هذه الصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر الأشخاص المستخدمين للأسلحة وكأنهم أبطال وأنهم يستطيعون الحصول على الأشياء بالقوة والجبروت. أيضا هناك بعض الناس تكون لديهم القدرات العقلية والنفسية محدودة فهو لا يملك القدرة على التعامل مع المواقف الضاغطة أو الصارمة التي يتعرض لها، فعند أي موقف يلجأ إلى استخدام هذه الأسلحة. الأمر الآخر أنه يكون هناك سوء تقدير من الأصحاب بمعنى أن الشخص يفترض افتراضات سيئة بأنه قد يقع في مشكلة وهذه ناتجة عن بعض الشكوك والمعتقدات الخاطئة والتي تسمى بالضلالات، وأحيانا تكون ناتجة عن تعاطي المخدرات.
وذكر الدكتور شاوش أن هذه الظاهرة ليست بالكثيرة ولكنها موجودة ويجب أن يتم تداركها من الناحية الاجتماعية والنفسية، ودراستها للتعرف على الدوافع النفسية والاجتماعية التي تجعل المراهقين والشباب يقتنون مثل هذه الأسلحة، والأشياء المعززة لهذا التفكير السلبي. عوامل تدفع الشباب لحمل الأسلحة البيضاء التربية الخاطئة من قبل الوالدين عدم تعاون الأسرة مع المدرسة في تصحيح السلوك العدواني تعاطي المخدرات وترويجها بين الأطفال متابعة أفلام العنف والإيذاء الجسدي الترويج عبر مواقع التواصل لاستخدام الأسلحة البيضاء وإثارة الفوضى اعتبارها من التقاليد والعادات المتوارثة من الأجداد فهم خاطئ لمعنى القوة والرجولة ومحدودية القدرات العقلية والنفسية تفتك بالشباب ومطالب بعقوبات لحامليها