بعد اختتام فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، لم يذهب الناشرون المشاركون بعيدا عن المنطقة؛ إذ حزموا حقائبهم باتجاه المنامة؛ حيث أقيم معرض البحرين الدولي ال14 للكتاب الذي تنظمه وزارة الثقافة والإعلام، مستغلين تزامن الفعاليات الثقافية وتصادف إقامتها في مارس الجاري بين مختلف العواصم الخليجية. واستقبل معرض البحرين أكثر من 345 دارا للنشر من 22 دولة توزعوا على 304 أجنحة، وهي أرقام لا تكاد تبلغ نصف مثيلتها في معرض الرياض الذي شاركت فيه نحو 600 دار خلال أيامه العشرة التي انقضت منتصف مارس الجاري. وفي مقارنة بين المعرضين، أشار نديم مروّة، مسؤول جناح دار الانتشار العربي، إلى تباعد القوة الشرائية بين المنامة والرياض التي تميز معرضها بالإقبال الواسع على الحضور والشراء، وهو ما تؤكده أغلب الدور المشاركة ومنهم قاسم بركات من دار الفارابي: “في الرياض لم نكن نستطيع التقاط أنفاسنا من شدة الازدحام، بينما معرض البحرين يتسم بالركود والهدوء؛ إذ نجلس مترقبين الساعة في انتظار أن ينقضي الوقت ويحين موعد الإغلاق!”. ويعزو عصام حمدان، من دار الساقي، هذا التفاوت الجماهيري بين المعرضين إلى البعد السكاني: “فعدد سكان الرياض يفوق سكان البحرين بأجمعها، ولا بدّ أن تنعكس هذه الغزارة العددية على جمهور المعرض، إضافة إلى أن معرض الرياض له رونق خاص، وجمهوره متعدد الأذواق والميول والاهتمامات”. ونفى محمد الجعيد، من دار رياض الريس، أن يكون في حديثه أو حديث زملائه انتقاص من قيمة معرض البحرين أو المعارض العربية الأخرى، لكن المقارنة بين معرض الرياض والمعارض الأخرى تظهر التفوق الواضح الذي يتصف به الجمهور السعودي حسب وصفه: “فالسعوديون أصبحوا مهتمين بالكتاب بصورة ملحوظة، وهذا يعكس الانتعاش الثقافي الذي تشهده السعودية”. ومن الشائع بين القرّاء والمهتمين أن معرض المنامة يتفوق إيجابيا على معرض الرياض من الناحية الرقابية، إلا أن مروّة ينفي هذا الانطباع: “فالحرية في معرض الرياض قطعت أشواطا كبيرة، ومقص الرقابة السعودي كان متسامحا هذا العام، ولا يكاد يختلف عن مثيله البحريني كثيرا”. لكن بركات الذي يتفق جزئيا مع مروّة يرى أن: “تقدم الحريات الذي شهدناه في الرياض لم يمنع بعض التحفظات التي أبدتها الرقابة تجاه بعض العناوين والمؤلفات”. وفي تفصيل أكثر، أشار محمود مرعي، من شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، إلى التساهل الذي تبديه الرقابة البحرينية على الروايات والكتب السياسية مقابل التشدد الذي يطول الكتب الدينية التي “تخضع لتدقيق شديد ولا تجاز بسهولة”. وإذا كان الجعيد يعتقد أن “الرقابة حق مشروع لكل دولة، ولها أن تفرضه بالصورة التي تراها مناسبة”، فإن حمدان يرى أن سياسة المنع تصب في مصلحة الناشر: “فالقارئ سيصرّ على اقتناء الكتاب المحظور مهما تكلّف من عناء أو مال في سبيل الحصول عليه؛ فالرقابة أصبحت محدودة النفع في هذا الزمن الذي يتيح لأي امرئ أن يقتني ما يريد من الكتب عبر الإنترنت أو حين يسافر إلى دولة أخرى”.