عادت قضية "فرنسة" التعليم المغربي، مرة أخرى، إلى دائرة الضوء والجدل، بعد قرار أصدرته أخيراً وزارة التربية الوطنية (التعليم) المغربية، بتدريس المواد العلمية والتكنولوجية في المرحلة الثانوية باللغة الفرنسية، ابتداء من الموسم الدراسي المقبل، مع إمكانية البدء من الموسم الحالي "إذا توافرت الشروط الضرورية لذلك". قرار أثار سخطا كبيرا في صفوف "حماة" اللغة العربية، والمدافعين عنها، في دولة يعد دستورها العربية اللغة الرسمية للبلاد، فقد عدوا القرار الصادر عن وزارة تنتمي إلى حكومة يقودها حزب يوصف ب"الإسلامي"، "انتهاكا للدستور المغربي، وانقلابا على الهوية المغربية". وما يزيد الموضوع التباسا، في نظر معارضي هذا المسعى، أن الوزارة عدت الإجراء الذي اتخذته "تصحيحا للاختلالات التي تعرفها المنظومة التعليمية". ولم يمر هذا القرار دون أن يثير موجه من الاستنكار، تولى الجزء الأكبر منها، دعاة "حماية" اللغة العربية والمدافعين عنها وعن التمكين لها، في التعليم والإعلام والإدارة، مستندين إلى الدستور المغربي الذي ينص على أن اللغة الرسمية في البلاد هي اللغة العربية، ثم الأمازيغية، ومستندين على مبادئ الحركة الوطنية المغربية الداعية إلى "تعريب التعليم والإدارة" عقب استقلال المغرب عن فرنسا، في بداية خمسينات القرن الماضي. بدوره، أكد الناشط ورئيس رابطة "أمازيغيين من أجل فلسطين" أحمد ويحمان، "فرنسة" تعليم العلوم بالمغرب "استعمارا ثقافيا". ورأى ويحمان أن القرار "استهداف للعروبة كواحد من الركائز الثلاث الموحدة للمغرب، وهي الإسلام والعروبة والنظام السياسي"، مشيرا إلى أن "هناك أطرافا معروفة بجهلها بالعربية، بل وعدائها لها، تسعى إلى فصل أبناء المغرب عن لغتهم وتاريخهم الحضاري والعلمي، ليصبحوا لقمة سائغة للفرانكوفونية والاستعمار الثقافي، وذلك عبر اللعب على وتر تدريس اللهجة المغربية والتعليم بالفرنسية". واعتمد المغرب سياسة تعريب التعليم منذ عام 1977، لكن هذه السياسة ظلت متعثرة، وبقيت المواد العلمية والتكنولوجية والرياضيات تدرس باللغة الفرنسية في التعليم الثانوي بالبلاد، إلى مطلع تسعينات القرن الماضي، حيث تقرر تعريب جميع المواد حتى نهاية البكالوريا (شهادة الثانوية العامة)، مع استمرار تدريس العلوم والاقتصاد والطب والهندسة باللغة الفرنسية في جميع جامعات المغرب إلى اليوم.