من الثابت علميا ضرر التدخين النشط للسجائر على الصحة، لكن الأقل وضوحا هو تأثير التدخين السلبي (غير المباشر) على صحة غير المدخنين. والحقيقة، إن معظم الدخان الناتج عن حرق السجائر، لايتم استنشاقه من قبل المدخن نفسه، بل ينتشر ليتنفسه غيره من المحيطين به. وفي سعيها الحثيث لحماية غير المدخنين، فضلا عن المدخنين أنفسهم، سنّت كثير من الدول والمجتمعات قوانين حظر التدخين في الأماكن العامة، نتيجة لتواتر الأدلة العلمية على ضرره المباشر على غير المدخنين. ففي عام 2006 م، أصدرت منظمة الجراحين الأمريكية، تقريرا أكد على خطورة التعرض للتدخين غير المباشر، لاحتوائه على 50 مادة مسرطنة، وارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الرئة (20 - 30 %) لدى الأشخاص المتعرضين للتدخين السلبي في بيئة البيت أو العمل. ويصل خطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية إلى 30 % لدى الأشخاص غير المدخنين، في حال تعرضهم للدخان بطريقة غير مباشرة، تبعا لتصلب الشرايين، وزيادة التصاق الصفائح الدموية. ويُعد التدخين أحد أسباب الأرق التي تخفى على كثير من المدخنين ممن اعتادوا على أخذ عدة أنفاس من الدخان قبل الخلود للنوم بفترة وجيزة. فمادة النيكوتين المستنشقة تعمل على تحفيز المخ والجهاز العصبي وتتسبب في تكرار الاستيقاظ أثناء الليل ورداءة النوم. فالتدخين المزمن - بحد ذاته – يعد أحد أسباب الشخير وزيادة خطر الإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم إلى أربعة أضعاف، تبعا لما ينتج عنه من تهيج واحتقان أغشية الفم والبلعوم. وإضافة إلى الأثر السلبي على طبيعة النوم، يسبب التدخين مرض التهاب الشعب الهوائية الساد المزمن، وتدهور حالة المصابين بالربو الشُّعَبي، إضافة إلى ارتجاع حموضة المعدة مما يجعل المدخن عرضة للسعال وضيق التنفس خلال الليل، وبالتالي التململ أثناء النوم والإرهاق والخمول أثناء النهار. وفي دراسة نشرت في مجلّة (الصدر) الطبية عام 2008، تبين الأثر السلبي للتدخين على طبيعة النوم لدى 40 من المدخنين، حيث قضى معظمهم وقتا أطول في مرحلة النوم الخفيف ووقتا أقصر في مرحلة النوم العميق مقارنة بغيرهم من غير المدخنين خاصة في الساعات الأولى من النوم، تأثرا مباشرا بمادة النيكوتين المحفزة على الأرق، كما اشتكى %22.5 منهم من من رداءة وتقطّع النوم مقارنة ب %5 من غير المدخنين. ويُعتقد كذلك أن الأعراض الانسحابية للنيكوتين أثناء الساعات الأخيرة من الليل يمكن أن تسبب الشعور بالأرق خاصة لدى المدخنين الشرهين. وبسبب رداءة النوم وتعكر المزاج والاضطرابات النفسية والبدنية، يصعب على كثير من المدخنين الإقلاع عن هذه العادة فيدخلون في حلقة مفرغة يصعب الخروج منها إلا بالرغبة الأكيدة والعزيمة القوية واستشارة الطبيب المختص. ويُعد الأطفال الفئة الأكثر تعرضا لأضرار التدخين غير المباشر، حيث ترتفع نسبة الموت المفاجيء في المواليد والأطفال بسبب تدخين المدخنات أثناء الحمل وبعد الولادة، كما أظهر تقرير الهيئة الأسترالية للسرطان رصد (103) حالة وفاة (عام 1999) في فئة الأطفال (1 - 14 عام)، وتسجيل زيادة كبيرة في نسبة دخولهم للمستشفيات خلال ذلك العام نتيجة لتأثرهم بالتدخين السلبي. استشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم بجدة