صحيفة عناية (د.أيمن بدر كريّم *) توعية صحية : من المثبت علميا ضرر التدخين النشط للسجائر على الصحة، لكن الأقل وضوحا هو تأثير التدخين السلبي (غير المباشر) على صحة غير المدخنين. والحقيقة، إن معظم الدخان الناتج عن حرق السجائر، لايتم استنشاقه من قبل المدخن نفسه، بل ينتشر ليتنفسه غيره من المحيطين به. وفي سعيها الحثيث لحماية غير المدخنين، فضلا عن المدخنين أنفسهم، سنّت كثير من الدول والمجتمعات قوانين حظر التدخين في الأماكن العامة، نتيجة لتواتر الأدلة العلمية المتعلقة بضرره المباشر على غير المدخنين. ففي عام 2006م، أصدرت منظمة الجراحين الأمريكية، تقريرا أكد على خطورة التعرض للتدخين غير المباشر، لاحتوائه على 50 مادة مسرطنة، وارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الرئة (20 - 30 %) لدى الأشخاص المتعرضين للتدخين السلبي في بيئة البيت أو العمل. ويصل خطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية إلى 30 % لدى الأشخاص غير المدخنين في حال تعرضهم للدخان بطريقة غير مباشرة، تبعا لتصلب الشرايين، وزيادة التصاق الصفائح الدموية. ويُعد الأطفال الفئة الأكثر تعرضا لأضرار التدخين غير المباشر، حيث ترتفع نسبة الموت المفاجيء في المواليد والأطفال بسبب تدخين المدخنات أثناء الحمل وبعد الولادة، كما أظهر تقرير الهيئة الأسترالية للسرطان رصد 103حالات وفاة (عام 1999) في فئة الأطفال (1 - 14 عام)، وتسجيل زيادة كبيرة في نسبة دخولهم للمستشفيات خلال ذلك العام نتيجة لتأثرهم بالتدخين السلبي. ومعروف طبيا أن تعرض الأطفال لتدخين أحد الوالدين، يُعد أحد عوامل الخطر المرتبطة بإصابتهم بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة والمتكررة، وأعراض السعال المزمن وصفير الصدر المرتبطة بمرض الربو. وفي دراسة حديثة، نُشرت نتائجها في مجلة "الأطفال" الطبية الدورية، الصادرة في شهر فبراير من العام الجاري، تبين تأثر الأطفال المصابين بالرّبو، والمتعرضين في الوقت نفسه لتدخين الوالدين في البيت (219 طفل) إلى اضطرابات في النوم بشكل ملحوظ، نتجت عن استنشاق دخان السجائر أو التدخين بطريقة غير مباشرة. وأظهرت الدراسة التي أجراها الدكتور (يولتون) من جامعة سنسيناتي بولاية أوهايو الأمريكية، معاناة هؤلاء الأطفال من تأخر الدخول في مرحلة بداية النوم، وتعرضهم لاضطرابات التنفس أثناء النوم (الشخير وانقطاع التنفس، والربو الشُّعبي الليلي)، واضطرابات الحركة والسلوك أثناء النوم (الكلام، وطحن الأسنان وغيرها)، إضافة إلى ازدياد تعرضهم إلى فرط النعاس والإرهاق أثناء النهار، نتيجة لرداءة نومهم. وتضيف هذه الدراسة إلى رصيد الدراسات والتقارير العلمية التي بحثت في خطورة التعرض للتدخين غير المباشر على الصحة، كما تصب في صالح الدعوات المجتمعية والطبية، للحد من التعرض للتدخين (النشط والسلبي)، خاصة لدى الأطفال والمراهقين، لتجنب آثاره السلبية على الصحة العامة، واقتصاد الدول. *استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم بجدة