على الرغم من تنامي صناعة العلامات التجارية عالميا ما أوجد سوقا خاصا بها بعيدا عن أصول واستثمارات الكيانات التجارية، حتى أصبحت قيمة العلامة التجارية أصلا يساعد الشركات الضخمة على تجاوز الأزمات التي تتعرض لها مع تقلبات الأسواق، إلا أن التقديرات تشير إلى أن نسبة العلامات التجارية في السوق السعودية لا تتعدى 15% من إجمالي عدد الكيانات التجارية المسجلة. وأكد اقتصاديون أن بروز العلامات التجارية وقدرتها على الرسوخ في أذهان الناس يحقق الانتشار، الأمر الذي فرض على صناعة العلامات التجارية "البراند"، خلق قنوات وأساليب لتطويرها، وتبني الشركات لمفاهيم الهوية التجارية التي تنعكس على روح وأداء الشركات وتعزيز حضورها في أذهان عملائها. هوية أساسية ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله باعشن في حديثه إلى "الوطن"، أن العلامة التجارية هي هوية الشركة، وعنصر مهم من عناصر إبرازها للمتعاملين والمستهلكين، إذ تهتم الشركة بالعلامة التجارية لها لأنها تحقق خلالها أهدافها التجارية كالجودة والاستحواذ على شريحة تسويقية، مشيرا إلى أن نسبة العلامات التجارية القوية ذات التأثير في السوق السعودية تصل إلى 15%. وأشار باعشن إلى وجود أسس لتطوير هذه الهوية، مبينا أن هوية الشركات تبدأ من قوة حضور العلامة التجارية ومدى انتشارها، وتقبّل المستقبِل لمنتجاتها وخدماتها، مضيفا: "وفي المملكة هناك شركات لها علامتها التجارية المعروفة ولم تأت بين يومٍ وليلة، إنما هي عملية تراكمية وزمنية أدت إلى نمو هذه الشركات، إذ تبدأ هذه الهوية من مؤسيسها وروادها". تطورات اقتصادية وذكر باعشن أنه نظرا لعملية التطورات الاقتصادية ونمو الشركات المساهمة والعابرة للقارات، فإن هوية كثير من الشركات أصبحت تنبع من المؤسسين وقوة الشركات التي استحوذت عليها، مضيفا أنه من الضروري التفرقة بين الشركات الوطنية وبين الشركات القادمة من الخارج نتيجة للانفتاح الاقتصادي العالمي، إذ تقوم الأخيرة بجلب هويتها معها، والتي تكون هوية عالمية لا تقتصر على نطاق جغرافي معين، بينما أن هناك نطاقا تنظيميا للعلامات التجارية من خلال تسجيل هذه العلامة من وزارة التجارة. وأوضح باعشن أن أهمية العلامة التجارية للشركة تنطلق من أنها هوية للشركة ووسيلة من وسائل التسويق في تعريف المنتج والخدمة، مشيرا إلى أنها من الناحية الاقتصادية تعدّ قيمة مضافة للشركة، فحين تصبح للشركة علامتها التجارية سيكون لها اسمها ومكانتها في السوق. أهمية العلامات وحول استيعاب الشركات السعودية لأهمية العلامة التجارية، أوضح باعشن أن الشركات السعودية لديها هوية ربما تنافس بعض الشركات العالمية كشركتي سابك وأرامكو، إلا أن عملية التطوير والتنظيم والحفاظ عليها ما زال في طور النمو، فيما بدأ مجتمع الأعمال يهتم بمسألة العلامة التجارية للشركات ويصرف عليها الأموال للتطوير والإخراج، والتي ربما تكلف من الناحية المالية، إلا أنها قيمة مضافة لانتشار السلعة والحصول على حصة سوقية كبيرة وزيادة لإيرادات الشركات.
شعار خاص من جانبه، قال المستشار الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن الصنيع ل"الوطن"، إن العلامة التجارية تعد علامة فارقة ومميزة، توضع أو تختم على السلع والبضائع والخدمات، وربما تكون رمزا أو مجموعة كلمات قصيرة أو كلاهما وتعدّ شعارا واضحا للمنتج. أما عن أهميتها فقال الصنيع، إنها تعرّف المستهلك بالشركة المنتجة للسلعة، وعادة ما يتم تسجيل العلامة التجارية، وذلك منعا لعمليات الاحتيالات والغش التجاري لصناعة سلع وبضائع شبيهة، مضيفا: "وبذلك يحق لصاحب الماركة المسجلة محاكمة الجهات المسؤولة عن تقليد ومحاكاة منتجاته". تقليد العلامات وأضاف الصنيع أنه منذ نهاية عقد السبعينات ومطلع الثمانينات بدأت كثير من دول شرق آسيا تصنيع وتقليد سلع وبضائع المنتجات الغربية، بكلفة منخفضة جدا نظرا لرخص كلفة تشغيل المصانع لديها من المواد الخام والعمالة والمنافع وغيرها، إذ إن البضائع المقلدة لكبرى الشركات العالمية، يتم تصديرها من دول شرق آسيا وتسويقها في منافذ البيع والأسواق الشعبية داخل المملكة. وقدر الصنيع حجم مبيعات هذه المنتجات المقلدة بمبالغ تراوح بين 500 إلى مليار ريال سنويا، وهو ما يشكل خسائر فادحة لوكلاء هذه الماركات العالمية في شتى المنتجات. كما أشار الصنيع إلى إشكال أكثر خطورة، يتمثل في تسبب هذه المنتجات في أمراض لا يحمد عقباها، وحوادث خطرة بسبب رداءة سلامة المواد الداخلة في صناعات السلع المقلدة، مضيفا: "إلا أنه وعلى الرغم من كل ذلك، هناك إقبال شديد ونهم على شراء هذه المنتجات من الطبقة المتوسطة الدخل وما دون، بسبب فقدان الرقابة الشديدة على دخول هذه المنتجات إلى الأسواق المحلية"، داعيا وزارة التجارة والصناعة، وهيئة المواصفات والمقاييس، ومصلحة الجمارك، إلى تضافر الجهود ووضع اللوائح والتشريعات والقوانين التي تمنع استيراد مثل هذه المنتجات.