بينما تقام هذه الأيام الاستعدادات لانتخابات المجلس البلدي، يستعد المرشحون لقيادة حملاتهم الانتخابية وجمع أكبر قدر من الأصوات، بينما يغيب عن الناخبين ثقافة الترشيح وإعطاء المرشَّح أصواتهم؛ لذلك كان علينا تعريف الناخبين بالقنوات التي تقودهم إلى طريقة الإدلاء بأصواتهم إلى مرشحيهم، خصوصا أنه استشرى بين الناس عنصرة الانتخاب دون وعي وإلمام بماهية المُرشح وحيثيات الانتخاب، ففي الدورات الماضية كان بعض المواطنين ينتخبون من ينتمي إلى عائلاتهم أو قبائلهم مثلا، أو من يقوم بتقديم هدايا مادية أو عينية أو غيرها؛ لجذب أكبر عدد من الأصوات، تلك الأصوات التي تذهب إليه دون وعي أو اهتمام بماهية ما سيقدمه، ليجد نفسه دون أن يشعر ينتقد سوء ورداءة وفقر المشروعات والخدمات التي قدمها لهم، مع العلم أنه هو من انتخب ذلك المرشح، وهو بنفسه من وضعه ضمن قائمة المجلس. ليجد نفسه يلوم ويستنكر ذلك التقصير، وفي الحقيقة إن كان هناك من لوم فإنه يعود على من قدم صوته بلا دراية ولا بحث في تفاصيل ما سيقدمه مرشحه، فهو من وضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب. وهنا أتساءل هل سيكرر الناخبون الممارسة نفسها لتعود الدورة كما كانت، أم سيعتبر المرشح صاحب الصوت ويتعلم بأن عليه اختيار المرشح الذي يعلم ويعي تماما بأنه سيخدمه ويرتقي بمحافظته وأهلها؟ إذ لا سبيل إلا من خلال التعرف على ذلك المرشح وتوجهاته وأنشطته السابقة، خصوصا أن الكثير من المرشحين بعيدون عن الأنشطة الخدمية والخيرية ومساعدة الناس، بل وحتى لم تعرف هوياتهم إلا مع إعلانات الحملات الانتخابية، بينما يُخيم هوس السلطة والوجاهة على معظم المرشحين، وهي رسالة أوجهها إلى كل من أراد أن يرشح نفسه، فمن أراد السلطة والوجاهة فليبحث عنها بعيدا عن مصالح الشعب والوطن، ومن أراد أن يعمل بفكر وإخلاص لخدمة الوطن والإنسان فليوفقه الله، فهل ستغلب عنصرة الناخبين لتصبح ديدنا يغلف ثقافة الانتخاب لدينا فتتكرر الحسرات، أم سيكون هناك وعي لمفهوم معنى الانتخاب وانعكاس نتائجه؟