سجلت المنافسات الكروية المحلية الموسم الماضي عددا غير معتاد من الإصابات بين لاعبي الفرق، ربما يعد الأكبر منذ مواسم طويلة، ولعل إصابة القطع في الرباط الصليبي كانت أحد أكثر إصابات الملاعب التي عانى منها اللاعبون وغيبتهم عن الملاعب لفترات تجاوزت ستة أشهر ، كان آخرهم صانع لعب النصر أحمد الفريدي وقبله حارس الشباب وليد عبدالله ومحور النصر أيضا إبراهيم غالب ومدافع الأهلي الأيسر منصور الحربي، فيما ضمت قائمة ضحايا الرباط في الموسمين الأخيرين أسماء بارزة في مقدمتها ياسر القحطاني (الهلال)، ياسر الفهمي ومحسن العيسى (الأهلي)، محمد كنو وريان بلال وزامل السليم (الاتفاق)، عبدالإله نصار (العروبة)، تركي الخضير (الخليج) وعبدالسلام الشريف (الرائد). وتتسبب إصابة الرباط الصليبي في ضرر بالغ للاعب المصاب، ليس جسديا فحسب، بل نفسيا أيضا لأنها تفقده فرصة اللعب لمدة طويلة يبتعد فيها عن معشوقته المستديرة، ويغيب عن منصات التتويج، وربما تصل الأمور في أسوأ الأحوال إلى أفول نجمه واضطراره لاعتزال اللعبة، وفي وقت يعد الطب هذه الإصابة طبيعية، ولها أسباب داخلية تتعلق بجسد اللاعب، وأخرى خارجية بعيدة عن إرادته، إلا أن الوقاية منها ممكنة، خصوصا إذا توافرت الأرضيات المناسبة في الملاعب. أرضية غير صالحة إصابة الرباط الصليبي تشكل التجربة الأكثر قسوة بالنسبة لمن يعايشها من اللاعبين، حيث يصفها لاعب الفريق الكروي الأول بالنادي الأهلي محسن العيسى، بالمريرة من شدة الألم والمعاناة والغياب، موضحا أنها "أكثر إصابات الملاعب ألما إلى جانب الكسر المضاعف ويجد اللاعب صعوبة بالغة في تحمل الألم حتى أنه يفقد الوعي نحو دقيقة في الملعب"، وعن تفاصيل لحظات تعرضه للإصابة يقول "عندما تعرضت للضرب تألمت قبل أن أفقد الوعي ثم شعرت بالألم عندما عدت للمنزل من جديد واستمر الألم بعد العملية لفترة ما، وخلال فترة العلاج التي استمرت ستة أشهر كان من الصعب أن أنام بشكل طبيعي حيث يجب أن يرقد المريض لأشهر رافعا الرأس إلى أعلى والساقين ممتدين دون تحريك الرجل لأن الحركة تؤثر على الرباط والغضاريف، وكنت أتمرن في النادي صباحا ومساء، فكانت مرحلة قاسية في حياتي، ولا يعود لمزاولة كرة القدم إلا من هو محب لها بعد هذه المعاناة ومتسلحا بالإرادة، خصوصا أنه يبتعد عن التدريبات الجماعية". ويضيف "أرى أن كثرة الإصابات تعود إلى سوء أرضية الملاعب، ، حتى أنني أذكر عندما تعرضت للضرب كانت أرضية الملعب جافة. التثقيف والوقاية ويوضح أخصائي العلاج الطبيعي للعظام والعضلات والمفاصل، الدكتور عثمان القصبي، أن هناك أسبابا لهذه الإصابة لها صلة باللاعب نفسه وتتعلق بالمشاكل التشريحية أو ليونة الأربطة أو ضعف العضلات أو العيوب الخلقية مثل انبساط القدم (الفلات فوت) أو مرونة أربطة الجسد بشكل عام، مضيفا أن هناك أسبابا خارجة عن إرادته تتسبب في الإصابة بقطع في الرباط الصليبي تكمن في سوء أرضية الملعب أو الاحتكاك المباشر مع اللاعب في الفريق المنافس. ويبين أن الأسباب الخارجة عن إرادة اللاعب "تقع على عاتق الجهة المسؤولة عن إنشاء وصيانة الملاعب، إذ يجب أن تكون مجهزة بالصورة الصحيحة، وأن تراعي معايير معينة ذات علاقة بأرضية الملعب، فملعب الجوهرة على سبيل المثال يعاب عليه سوء الأرضية ويحتاج إلى الإصلاح، أما فيما يتعلق بالخشونة بين اللاعبين خلال اللعب، فإن الأمر يتطلب تثقيف اللاعبين بعدم اللعب الخشن مع الزملاء، وعادة ما يوصي الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بأهمية اللعب النظيف". ويشير إلى ضرورة أن يعتني الجهاز الطبي في النادي بإجراء الفحوص اللازمة على جميع اللاعبين خلال التحضير للموسم، ولابد أن يعمل الجهاز الطبي في النادي على مراجعة سجل اللاعب لوضع برنامج وقاية وحتى يكون قادرا على التنبؤ بالإصابات قبل حدوثها، مضيفا "الإرهاق يتسبب أيضا في الإصابة بالرباط الصليبي إذا زادت مشاركات الأندية، ونلاحظ أن مستوى لاعبي بعض الأندية السعودية المشاركة في دوري أبطال آسيا كالهلال مثلا انخفضت حتى لجأ المدرب إلى التغييرات الكثيرة، كما تعرض لاعب النصر غالب إلى الإصابة بالرباط نتيجة خشونة لاعب لخويا القطري عندما دهسه على ساقه". واستطرد القصبي "الإرهاق الذهني يتسبب في الإصابات لأنه يؤدي إلى قلة التركيز فيختل التوازن عند اللاعب ، خصوصا مع تعرضه للضغط النفسي نتيجة المنافسة القوية، فاللاعب المتوتر أثناء الاشتراك في اللعبة قد لا يكون متوازنا فيسدد على الأرض بدلا من الكرة"، مشددا على أهمية التغذية السليمة وأن يتزود اللاعب بالسوائل الكافية "حتى إذا كان اللاعب يتميز باللياقة البدنية العالية والعضلات القوية إلا أن سوء التغذية قد يؤدي إلى أن يلعب بطاقة غير كافية فلا يقدم النشاط البدني المطلوب لقلة كفاءة العضلات، وهنا تتعرض الأنسجة اللينة للإصابة بشكل أكبر"، مختتما بضرورة أن يجيد اللاعب عملية السقوط الصحيح في الملعب. كثرة المشاركات ويؤكد البروفيسور سالم الزهراني أن البرنامج العلاجي يتطلب أن يخضع اللاعب إلى عملية جراحية بشكل إلزامي، يتحدد موعدها بين يوم وأسبوعين من تاريخ التعرض للإصابة حسب شدة الألم، موضحا "أحيانا يكون من الأفضل تأجيلها عدة أيام إذا لم يكن اللاعب يستطيع أن يحرك الركبة تفاديا لحدوث تيبس إذا وجد ألم شديد دون حركة"، وأضاف "يتطلب العلاج من 4.5 إلى 6 أشهر حتى يلتئم القطع لأنه يتم زرع وتر نأتي به من خلاف الركبة ويوضع داخلها تماما كما فعلنا مع لاعب النصر إبراهيم غالب، أما بالنسبة لإصابة نايف هزازي فقد كان وضعها أفضل حيث أجرينا العملية الجراحية بعد يومين من الإصابة". وشدد على أن كثرة المشاركات في المباريات تؤدي إلى زيادة الإصابة بالرباط الصليبي بسبب وهن العضلات، وهنا يتطلب من الأندية أن تعمل على التدوير بين اللاعبين، فإذا كان الفريق مكونا من 30 لاعبا مثلا، يجب إعطاء الفرصة للبدلاء أحيانا لإراحة الأساسيين. ويبين الزهراني أن هناك عوامل داخلية وخارجية للتعرض لهذه الإصابة، تكمن الداخلية منها في جسد اللاعب مثل ضغط العضلات والتشوهات في الحوض والركبة مما يزيد درجة التعرض للإصابات، وكذلك خضوعه لعمليات جراحية سابقة، ويضيف "بالنسبة للعوامل الخارجية فهي في أرضية الملاعب والإنارة اللتين يجب أن تكونا على أعلى مستويات من الجودة، ولا ننسى أن على اللاعب العناية بالغذاء السليم لأنه يحميه من التعرض للإصابة". الإعداد المبكر من جهته، يبين مدرب اللياقة البدنية وتأهيل إصابات الملاعب بنادي الاتحاد، محسن أبو الخير، أن "الرياضيين غالبا ما يتعرضون للإصابات، لذا علينا أن نستعد منذ أول الموسم تحسبا لحدوثها، فمن واجب كل مدرب أن يعد فريقه بإجراء الكشوف اللازمة والكاملة قبل بدء الموسم بوقت كاف حتى إذا ما ظهرت مشاكل طبية لأحد اللاعبين يستطيع أن يعالجها بحيث يتم الاستشفاء منها مبكرا، كما يجب أن يتم التخطيط الشامل للتدريب على أسس علمية باستخدام الأجهزة الحديثة لفترات الموسم المختلفة كي يصل اللاعب إلى اللياقة الكاملة ويحافظ عليها طوال الموسم، ويشمل التخطيط وضع برنامج تغذية وترفيه". وكشف أن الإصابات "عادة ما تحدث في أول الموسم لعدم كفاية إعداد اللاعبين لأن العضلات لم تتهيأ بعد للقيام بمجهود عنيف ولهذا يجب على المدرب تنفيذ دورات تدريبية خفيفة، ومن المعروف أن الرياضيين يحتاجون لسعرات حرارية عالية لذا يجب عدم الإفراط في الطعام والسوائل وتطبيق أسس التدريب المتدرج لحماية اللاعب من الإصابات". وشدد أبو الخير على دور العلاج الطبيعي في علاج الإصابات لأنه يشمل الوقاية من المضاعفات ويعالج الإصابات ويزيد من قدرات اللاعب الوظيفية والحركية"، منوها إلى أن الضغط الجسدي الزائد الذي يسبب الإصابة قد يحدث في لحظة خاطفة وعادة ما يكون لخطأ في التطبيق أو لحادث غير متوقع أو قد ينشأ نتيجة إصابة بسيطة ومكررة للمكان نفسه تؤدي إلى إصابة جسمية إذا استمرت في الحدوث.