أصبحت إصابة الرباط الصليبي شبحا يؤرق لاعبي كرة القدم في الملاعب السعودية، بعد ارتفاع نسبة تساقط اللاعبين الذين يعانون هذه الإصابة، سواء كان ذلك سابقا؛ مثل فؤاد أنور وفهد المهلل ونواف التمياط، أو حاليا من اللاعبين الذين يمنّون النفس بالعودة؛ مثل سعد الحارثي ونايف الهزازي وناصر الشمراني، وبقية القائمة التي تطول حتى تصل إلى الدولي حسين عبدالغني قائد فريق النصر والمنتخب السعودي الأول لكرة القدم. “شمس” بدورها أعادت فتح ملف إصابات الرباط الصليبي، وناقشت عددا من الأبعاد وعلى رأسها: تدهور مستوى اللاعبين الذين يخضعون لجراحة الرباط، والأسباب الرئيسية لذلك، وما الفرق بين إجراء العملية داخل السعودية وخارجها خاصة أن عددا من اللاعبين في الدول الأخرى استعادوا عافيتهم ومستوياتهم خلال فترة قياسية، وعلى رأسهم العالمي البرازيلي رونالدو الذي أصيب في عام 2001 مع الإنتر وعاد في عام 2002 هدافا لكأس العالم، وكذلك اللاعب الغاني آسيان أحد الركائز الأساسية لنادي تشلسي، وأسطورة روما الإيطالي النجم توتي، إلى جانب اللاعب المصري عماد متعب. الجلوس الخاطئ البداية كانت مع المدرب الوطني عبداللطيف الحسيني الذي أكد أن هناك عدة أسباب تقف وراء إصابات الرباط الصليبي؛ منها ما هو داخل الملعب، ومنها ما هو خارجه؛ مثل سوء أرضية الملعب ونوع الحذاء الذي يرتديه اللاعب، إلى جانب الإهمال في عملية تدريب العضلات الأمامية والخلفية، وقال: “من الأسباب المؤدية لإصابة اللاعب بالرباط الصليبي خارج الملعب الجلوس فترات طويلة بطريقة خاطئة، سواء كان ذلك خلال لعب “البلوت” أو غيرها من الجلسات”. وعن تدهور مستويات اللاعبين وعدم استعادة عطائهم كما كانوا في السابق، يقول الحسيني: “من الطبيعي أن يجد اللاعب صعوبة في استعادة مستواه؛ لأنه من الملاحظ أن اللاعب يجهز من خلال الفريق الرديف والمباريات الودية ويلعب لدقائق محدودة؛ مما يسبب ضغطا نفسيا كبيرا عليه، ومن المستحيل أن نطالبه بمستوى مميز خلال عشر دقائق، ويفترض تجهيزه للمباريات الرسمية القوية”. سوء التغذية وحمل المدرب الوطني بندر الجعيثن اللاعبين مسؤولية مثل هذه الإصابات، وقال: “مع الأسف يفتقد الكثير من اللاعبين المحليين المعنى الحقيقي للثقافة الصحية والثقافة الاحترافية، ولو سألنا بعضهم عن معرفته بمعنى اللياقة والحيوية لكانت غالبية الإجابات خاطئة، والإهمال في تدريبات تقوية العضلات سبب رئيس في حدوث الإصابة، إلى جانب المعاناة من سوء التغذية”، وأضاف: “الحقيقة المرة أن لاعبنا المحلي بعد الإصابة يحتاج لتأهيل نفسي وإرادة قوية للتغلب على ما أصابه، عكس اللاعب الأوروبي الذي تجد ثقافته كبيرة ولديه القدرة الفائقة على التأقلم مع إصابته وسرعة العودة للملاعب ولمستواه الحقيقي، ويجب على اللاعب المحلي أن يضع في الحسبان مهما وقف معه رئيس النادي والجهاز الإداري والجماهير أنه يظل هو المسؤول الأول عن عودته لمستواه الطبيعي وثقته في نفسه”. إهمال التقوية وكان للمدرب الوطني خالد القروني رأي مغاير حيث أشرك الجميع في مسؤولية الإصابة إلى جانب اللاعب، وقال: “إدارات الأندية تتحمل الجزء الأول من خلال الإعداد السيئ في بداية الموسم، إلى جانب عدم محافظة اللاعب على نفسه؛ حيث إنه متى ما أراد العودة لمستواه بعد الإصابة وكذلك إدارة النادي فيجب الحرص على العلاج والتأهيل خارج السعودية على يد مختصين لوجود الاهتمام الكبير بموضوع التقوية والعلاج الطبيعي؛ مثل ما حدث مع اللاعب نواف التمياط، ولكن مع الأسف لدينا إهمال كبير في هذا الجانب”. سوء أرضية الملاعب ويرى المدرب الوطني خالد الحوار أن عامل الاحتراف هو السبب الرئيس فيما يحدث للاعب من عقبات في جميع أموره؛ حيث قال: “يجب على اللاعب أن يعلم أن الاحتراف يعني التأهيل الفني واللياقي والالتزام بالأخلاق والشخصية داخل الملعب وخارجه، إلى جانب التقيد ببرامج الإعداد والعقلانية الكبيرة والتهيئة النفسية من خلال الثقة في النفس، سواء قبل الإصابة أو أثنائها أو حتى بعد العودة منها، ولكن الحقيقة أن الغالبية العظمى من اللاعبين غير المصابين والمتميزين لا يطبقون الاحتراف بمعناه الحقيقي سوى 90 في المئة، فما بالك باللاعب المصاب، وليعلم اللاعب أنه مهما تحدث عن الحجج لتبرير إصابته يفاجأ بأن الحقيقة تظهر فكم لاعب اتهم سوء أرضية الملاعب بما يحدث له، وكم نشاهد نحن من لاعبين أجانب حضروا وتميزوا على الملاعب نفسها ولم يتعرضوا لمثل تلك الإصابات”. معاقبة المهملين والتهميش رفض وليد الناجم مدير فريق القادسية لكرة القدم تحميلهم كإدارة مسؤولية إصابات اللاعبين بمثل الرباط الصليبي وعدم القدرة على استعادة المستوى، وقال: “من غير المعقول تحميلنا ما يحدث للاعب من إصابة؛ فأنا كلاعب يجب أن أعلم أن رزقي قد كتبه الله؛ وعلي أن أحافظ على نفسي وأتبع أي خطوة تحميني بعد الله من تلك الإصابة أو تساعدني على العودة في حالة أني أصبت، ولكن للأسف بعض اللاعبين مهمل لنفسه وعقلانيته محدودة للغاية، فيكون مصيره الإصابة وتوديع الملاعب على أقرب رحلة، وليعلم الجميع أن العقلانية لها دور؛ على سبيل المثال اللاعب المتميز مناف بوشقير ألم يعمل عملية الرباط ثلاث مرات، ومازال يلعب ويقدم مستويات جيدة أهلته لمشاركة المنتخب عدة مرات، والسبب ثقافة اللاعب، وكذلك لدينا في القادسية على سبيل المثال اللاعب عائض السهيمي عمل العملية على يد الدكتور المتميز سالم الزهراني وعاد لمستواه، إذن متى ما أراد اللاعب أن يعود لمستواه سيعود، ونحن كإدارة لا نعطي اللاعب حريته في اتباع هواه؛ فمتى ما شاهدناه يهمل إصابته نتخذ العديد من الإجراءات منها الحسم من الراتب إلى درجة عدم وجود الراتب، وتهميشه في حال عدم تجاوبه. حرب أعداء النجاح وكانت الوقفة الأخيرة في محطة صاحب الاختصاص في عمليات الرباط الصليبي االبروفيسور السعودي سالم الزهراني الذي رفض فكرة فشل اللاعب في العودة إلى مستواه بعد إجرائه لعملية الرباط الصليبي، وقال: “من يتحدث بأن اللاعب يفشل أو فشل في العودة إلى مستواه بعد الجراحة لا يفقه فيما يتحدث، والأدلة والبراهين على ذلك كثيرة: ألم يصب اللاعب فهد المهلل بتلك الإصابة وعاد للملاعب ما يقارب ثلاث سنوات مثل فيها المنتخب بل حتى نادي النصر ضمه وشاركه في البطولة العالمية، وكذلك سعيد الأحمري لاعب التعاون وفارس العمري من الرائد، وكذلك ناجي مجرشي عمليته كانت نسبة نجاحها 20 في المئة فقط ونجحت ولله الحمد وعاد لمستواه، إذن أين الفشل؟؟ وليعلم الجميع بأنني ولله الحمد عملت ما يفوق 200 عملية جميعها نجحت وبإمكانكم العودة لها، ومن الذين عالجتهم نجوم من الإمارات والكويت بل تم تكريمي من قبل نادي الشارقة والكويت الكويتي وصحار العماني ولا أنشاهد هنا الا الفلسفة والثرثرة من أعداء النجاح ممن يحارب نجاحي كطبيب سعودي”. و أضاف: “أقول لمن يتهمنا بالفشل ألم يعمل اللاعب ياسر الطايفي من الرياض وعبدالله الحارثي من الشباب وإبراهيم الشويع من النصر ونواف التمياط من الهلال، عمليات الرباط خارج السعودية؟ إذن أين هم الآن؟ وأنا هنا ليعلم الجميع لست ضد العلاج خارج السعودية بل أعتبره شيئا طبيعيا وظاهرة صحية، فقد عملت مسبقا في أمريكا وفرنسا وبريطانيا، وهذا أمر طبيعي، ولكن الغمز واللمز والنظر لنا كأننا فشلنا أمر لا نقبله، وكذلك مقارنة عودة اللاعب السعودي بعد الإصابة باللاعب الأوروبي مقارنة باطلة؛ فالعودة نفسها لا فرق بينها، ولو حدث فرق فربما يعود لنفسية اللاعب فقط ولا علاقة للتدخل الجراحي في الفرق، وأتمنى أن تتحدث الناس بعقلانية و أتمنى من الإعلاميين الحديث بنزاهة وتأدية رسالتهم بالطريقة الصحيحة”.