منذ لحظة إعلان السلطات اليمنية تحرير مدينة عدن وإعلانها مدينة آمنة، بدأت أحلام العودة إلى الديار تراود أبناءها النازحين منها في مختلف محافظات الجنوب، ودول الجوار بفعل الحرب وبطش آلة الإرهاب الحوثية العسكرية. ويقول مواطن عدني في مدينة المكلا، إنه بدأ فعليا في حزم أمتعته واصطحاب عائلته للعودة إلى مدينته، قائلا إن فترة الشهرين التي قضاها في المكلا بعيدا عن مدينته كانت من أصعب أيام حياته. بدورها، تقول أم محمود، وهي سيدة عدنية فقدت ابنها وزوجها في المعارك التي شهدتها مدينة خور مكسر في أبريل الماضي، إنها تحلم بالعودة لعدن لكنها لا تستطيع ذلك، لأن منزلها دمر بالكامل. أما الطفلة ندى التي لم تتجاوز 12 عاما من عمرها، فقالت إنها تحاول إقناع والدها بالعودة، فاشتاقت لمدرستها وصديقاتها في الحارة. وفي السياق ذاته، أعرب تجار من مدينة عدن عن رغبتهم في العودة إلى مدينتهم التي كانوا قد فارقوها خلال فترة الاحتلال الحوثي، مشيرين إلى أنهم اضطروا لمفارقتها بسبب آلة البطش الحوثية، وأكدوا أن عناصر التمرد اعتدت عليهم، وصادرت جزءا من ممتلكاتهم وبضائعهم، ما دفعهم إلى إغلاق محالهم، والخروج إلى مدن أخرى. لكن العودة إلى مدينة عدن ليست بالأمر السهل والآمن، فالطريق المؤدي إليها يمر بمناطق لا تزال خاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح التي لا تتردد في إطلاق نيران أسلحتها على أي مركبات، حتى وإن كانت مدنية، وسجل عدد من حوادث استهداف حافلات ومركبات نقل النازحين من قبل الحوثيين. وتبدو أمام النازحين مشكلة أخرى تتمثل في أن كثيرا من المنازل هدمت، وأحرقت بأيدي عصابات الإجرام الحوثية، إذ تبذل السلطات في المدينة جهودا مقدرة لرفع الركام وإزالة الأنقاض، وإعادة كل مرافق الحياة مثل الكهرباء والماء والاتصالات. وأشارت مصادر من داخل المدينة إلى أن بعض الأحياء باتت مثل بيوت الأشباح، حيث تهدمت المنازل، وأتلفت شبكات المياه، وأعمدة الإنارة. حتى شبكات الصرف الصحي لم تسلم من التخريب المتعمد، ما يجعل عودة السكان مرة أخرى إلى مدينتهم أمرا صعبا في الوقت الراهن. ويشير الأستاذ عبدالله الحضرمي، وهو أحد مسؤولي دور الرعاية التي تؤوي عددا من النازحين في مدينة المكلا، إلى أن كثيرا من العائلات النازحة تتساءل عما إذا كان بإمكانها العودة إلى عدن، مشيرا إلى أنهم ينصحون تلك العائلات بمزيد من الصبر، لأن الطرق ليست آمنة، وحتى إن كانت كذلك فهنالك كثير من الصعوبات، فكثير من الأسر فقدت منازلها التي دمرت أو أحرقت بالكامل. متسائلا ماذا سيكون مصير هذه الأسر وأين ستقطن هل ستمكث في الشارع؟ غير أنه أكد أن عددا من العائلات غادر بالفعل رغم كل التحذيرات. ويقول محافظ محافظة عدن الجديد نايف البكري، في تصريحات إعلامية، إن عدن تحتاج إلى الدعم بصورة عاجلة في كل مجالات الخدمات العامة والإغاثية، داعيا إلى ضرورة إعادة البنى التحتية والبدء في تعمير المدينة ومرافقها العامة المدمرة.