هكذا بدأ القصبي موسمه مبكراً في حربٍ فكرية دامت طويلاً.. واختصر كل كلام السياسة، وأصحاب الوجوه الكئيبة.. والتحليلات التي لا تكل ولا تمل من مواصلة عجلة الظاهرة الصوتية العربية، وكل كتَّاب الرأي التي تتزاحم بها كل صحفنا العربية.. نعم يا ناصر عرَّيت ذاك الفكر الدموي الغاشم.. وبدأت رحلة البحث عن ذاك الوجه الدرامي الغابر.. ذاك الوجه الذي يقول عنه الفنان الكبير بسَّام كوسا مشكلتنا مع الفن ليست في الفن، وإنما مع أنفسنا غير قادرين على مواجهة وجوهنا عبر مرآة الفن الصادقة كي تكون الصورة جلية واضحة! أرأيتم كيف لناصر أن يخرج الفن من مغبَّة التأثير، والخوف من طرح فكرة التطرف، والطائفية، والعنصرية، والمناطقية، ومن تسطيح الفكرة لمجموعة تضحك حتى على موسيقى الMBC الرمضانية.. ناصر أثار ضغينة الفنانين الذي بدأوا في سن رماحهم، واتهاماتهم.. وكانوا أشد بأساً من "وقع الحسام المهند"..! فكانت هنا تعرية أخرى لدراما تعزف الابتذال لدرجة التسويف، والتهريج الدرامي، وضحكوا علينا سنين طويلة في أنها كوميديا.. والكوميديا في حقيقتها أعظم، وأبعد من حكايات النصر، والهلال، وحمود الفشقة.. وتقليد المشاهير، وهذا ما جعل القصبي يتخلى عن السدحان لأن السدحان لم يعد لديه القدرة الفنية على الإضافة، فبات ناصر أكثر بهاءً، وتجلياً، وبروزاً، وظهوراً فكان في (أبو الملايين) مع القدير حسين عبدالرضا العام الماضي.. وتجلى بوضوح الصورة، والشفافية، وكان أكثر جرأةً، وعمقاً في المشهد الدرامي السعودي، والخليجي، والعربي تاركاً لكل اللاهثين، والمنتقدين من أصحاب الصنعة الفنية، والذين لا يجدون اللعب، والعبث الفني إلا في الهامش الذي كان، ومازال الكثير يطرق أبوابه، ويمارس الوصاية الفنية تاركاً لنفسه الحكم على الفنانين، ولم يكتشف أن وجهه مازال غابراً خلف أقنعة كثيرة، وتبريرات طويلة هكذا قرأتها جلياً في أحاديث الفنان عبدالله السدحان بعدما فض القصبي شراكة العشرين عاماً، ومعها ذبل نجم السدحان، وانحسرت كل نجوميته وتذهب كلها لتلتقط سيلفي فاخر مع الأفضل طرحاً، والأجمل ظهوراً، وصدقاً.. هل رأيتم كيف يكون الفن رسالة..؟! ومضة: فناننا الكبير ناصر القصبي ستبقى في ذاكرتنا تلك الصورة الباحثة عن حقيقة ابنها الداعشي الذي كشفته قبل أن يستنجد بأبي سراقة، وأبي سكروب كي يقتلك بفكرٍ ظالم مختطف.