لم تفلح تهديدات هيئة حقوق الإنسان في الحد من ظاهرة المتاجرة بالعاملات المنزليات، إذ كشف حلول شهر رمضان انتعاش هذه السوق التي تؤمن أرباحا كبيرة للمشتغلين فيها، إذ يصل هامش ربح سماسرة نقل كفالة العاملات إلى 50%. اللجنة الدائمة لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في هيئة حقوق الإنسان أكدت أنها تعمل بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة على محاربة ظاهرة استغلال العاملات، وكذلك ظاهرة التسول بالأطفال والنساء، خصوصا في رمضان، وقال أمين اللجنة بدر سالم باجابر ل"الوطن" إن رمضان يكون عادة سوقا رائجة للمتاجرة بالعمالة المنزلية، حيث يعاني كثير من العائلات صعوبة الحصول على عاملة، ولذلك يستغل بعض السماسرة هذا الوضع قبل رمضان بفترة ويؤوون لديهم عاملات منزليات هاربات، ليتم تشغيلهن خلال الشهر بمبالغ مرتفعة. وعلى الرغم من تأكيد باجابر أن عقوبة الاتجار بالعاملات تصل إلى السجن 15 عاما والغرامة نحو مليون ريال، إلا أن إعلانات طلب العاملات والتنازل عنهن تتزايد بشكل لافت مع حلول رمضان. مع بداية شهر رمضان الكريم وحاجة الأسر السعودية للعاملات المنزليات، دخل سماسرة نقل الخدمات في المملكة بعروضهم وإغراءاتهم أخيرا طرفا في أزمة سوق الاستقدام الذي يعاني شللاً في حركته بسبب قلة الدول المرسلة وعدم التزام المكاتب بوصول العمالة في الأوقات المحددة، الأمر الذي جعل أولئك السماسرة يرفعون أسعار نقل خدمات العاملات المنزليات من جميع الجنسيات لتتجاوز 30 ألف ريال خلال الشهر الكريم. إعلانات طلب العاملات والتنازل عنهن انتشر في الصحف وعلى جدران المباني، تحمل هواتف السماسرة المستعدين لإتمام الإجراءات بعد قبض الأجر الذي لا يقبل التفاوض. وكشف عدد من السماسرة ل"الوطن" أن العاملات الفلبينيات تصدرن قائمة أسعار العرض والطلب، إذ وصل سعر نقل كفالة العاملة الفلبينية إلى 30 ألف ريال، فيما التنازل عن العاملة الإثيوبية والكينية يكون بمبلغ لا يتجاوز 18 ألف ريال، أما عاملة المنزل السريلانكية فيتنازل عنها السمسار للكفيل الجديد بمبلغ يتراوح ما بين 25 إلى 28 ألف ريال. وبين العرض والطلب يظهر جشع سماسرة نقل خدمات العاملات المنزليات، إذ اشتعلت أسعار نقل كفالة العاملة بعد عدم التزام مكاتب الاستقدام الأهلية بوصول العمالة المنزلية إلى المملكة في الوقت الذي حدد عند إبرام عقد التوسط، إضافة إلى قلة الدول المرسلة للعمالة المنزلية المتاحة أمام المكاتب المرخص لها بالتوسط في الاستقدام. ولوحظ خلال هذه الأيام كثرة الإعلانات في الصحف المحلية بعنوان: "للتنازل أو مطلوب خادمات من جميع الجنسيات"، وللاستفسار عن هذه الإعلانات اتصلت "الوطن" بالمعلنين الذين كشفوا أن العاملة المنزلية الفلبينية تصدرت قائمة أسعار العرض والطلب، إذ وصل سعر نقل كفالة العاملة التي ترفض العمل عند كفيلها الأول والمطلوبة للسمسار بحدود 16 ألف ريال، أما عندما يبحث المواطن عن عاملة، فيتنازل له السماسرة عنها بمبلغ يصل إلى 30 ألف ريال، لتصبح 14 ألف ريال قيمة عمولة السمسار للتنازل عن العاملة. وحلَّت العاملة المنزلية السريلانكية الثانية في قائمة الطلب والتنازل، حيث يقوم السمسار بطلب السريلانكية من المتنازل عنها بسعر يتراوح ما بين 15 و18 ألف ريال، ويتنازل عنها السمسار للكفيل الجديد ما بين 25 إلى 28 ألف ريال. أما العاملة المنزلية الإثيوبية والكينية، فتطلب من السمسار بمبلغ يتراوح ما بين 8 و11 ألف ريال، في حين يعرضها السمسار للتنازل عنها بأسعار تتراوح ما بين 16 و18 ألف ريال. وبيَّن أصحاب الإعلانات أن طلبات التنازل عن العاملات المنزليات تنحصر في 4 جنسيات تتمثل في "الفلبين، وسريلانكا، وإثيوبيا، وكينيا"، متوقعين زيادة الطلب عليهن خلال الشهر الحالي، وذلك لسبب شهر رمضان الذي تكثر الطلبات خلاله. شبكة الإنترنت لم تكن غائبة عن السمسرة، حيث نشطت مواقع عدة للترويج للخادمات بأسعار مرتفعة تجاوزت سقف ال30 ألف ريال، فيما وصل الإيجار الشهري إلى 4000 ريال في شهر رمضان، خاصة أن البعض اتخذها وسيلة للتجارة والتكسب غير المشروع، كل ذلك في ظل عدم التزام المكاتب المرخصة بمواعيد وصول العمالة المنزلية في الوقت المتفق عليه مسبقا. وفي الدول المسموح بالاستقدام منها شكل عامل الزمن عائقا جديدا للأسر خاصة أن المكاتب تشترط ثلاثة إلى أربعة أشهر لوصول الخادمة من دولتها في ظل ارتفاع الأسعار ومن دون أية ضمانات للمستقدم للوصول في الوقت المحدد. كما أن العمالة "المخالفة" هي من بدأت في استثمار هذه الإشكالات خاصة من جنسيات أفريقية تخالف نظام الإقامة والعمل، حيث بدأت في الاشتراطات برواتب تصل إلى 2000 ريال شهريا وبدل سمسرة يصل إلى 300 ريال مع عدم وجود أية ضمانات للمواطن الذي قد يجد نفسه دون خادمة في اليوم التالي.