أسقط مجلس الشورى مشروع قانون «الوحدة الوطنية» عقب مداخلات أعضاء شابها تهكم على النظام، بالتساؤل عن إمكان سماع التهاني في رمضان والعيد في يوم واحد في أرجاء الوطن كافة. وتباينت آراء الأعضاء في جلسة صاخبة أمس (الثلثاء) حول المشروع. وطغى النقاش حول موضوع الطائفية على بقية مواد النظام الأخرى الداعية إلى نبذ بث الكراهية، والعنصرية القبلية، واستخدم الفريقان مبادئ النظام الأساسي للحكم منطلقاً لحديثهم. وقال العضو فايز الشهري: «المشروع المقدم لا يرقى قانونياً إلى أن يكون نظاماً، كما أنه لا يوضح علة التجريم أو المخالفات اليومية مثل التنابز والشتائم»، معتبراً تطبيقه مستقبلاً «مكارثية تلاحق الناس في مشاعرهم وخواطرهم». واستخدم اللواء ناصر العتيبي أسلوب التساؤلات لإنكار وجود النعرات الطائفية. وحذّر من أن قبول المشروع يشكك في إجراءات وأنظمة الدولة الحالية. وأضاف: «لا يوجد فراغ تشريعي، ولا تحتاج المملكة إلى وثيقة وطنية مثل الدول العربية، فلديهما الإسلام» . واعتبر العضوان فهد بن جمعة وعلي الوزرة أن النظام الأساسي للحكم يستند إلى القرآن الكريم والسنّة النبوية، ويجّرم كل ما ذكر في النظام المقترح من مناطقية وقبائلية ومساواة، وأن تطبيقه «شرعنة ما لا شرع له، ومدخل إلى أبعاد خطرة، وسيؤدي إلى شيء من التشويش»، وبرر ابن جمعة رفضه للنظام لأنه لم يوثق بحثياً وجود ظاهرة تمييز طائفية وعنصرية أو كراهية متفشية في المجتمع تهدد الوحدة الوطنية. ويذكر أن مشروع النظام المذكور بقي قيد الدرس في المجلس زهاء ست سنوات، منذ أن قدمه العضو زهير الحارثي، قبل أن يسحب من اللجنة الإسلامية والقضائية في المجلس، ويحال إلى لجنة خاصة. إلا أن اللجنة الإسلامية هي التي قدمته إلى الأعضاء أمس، وتبنت ملاءمة درسه. تفاصيل أسقط مجلس الشورى في جلسة صاخبة بين أعضائه أمس، مشروع نظام الوحدة الوطنية وذلك استناداً للمادة 23 من نظام المجلس. وأوضح مساعد رئيس مجلس الشورى الدكتور يحيى بن عبدالله الصمعان في تصريح صحافي عقب الجلسة أن المجلس صوّت بعدم ملاءمة الدراسة بعد مناقشته لتقرير لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية بشأن المشاريع المقترحة الذي تلاه رئيس اللجنة الدكتور فالح الصغير. وقال إن التصويت جاء بعد أن استمع المجلس لعدد من الأعضاء في مداخلاتهم على تقرير اللجنة وتوصيتها بالموافقة على ملاءمة درس المقترح، إذ اتفق عدد منهم على أن النظام الأساسي للحكم يؤكد في مادته ال12 أن «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وأن الدولة تمنع كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام»، مؤكدين أن أي نظام مقترح لن يكون أقوى من النظام الأساسي للحكم. وأصر معظم المعارضين للنظام على تلاوة مقدمة توضيحية قبل أن يدلفوا في صلب الموضوع للتعبير عن تأييدهم لمفهوم الوحدة الوطنية، واعتراضهم على النظام المقدم، ومن تلك المداخلات ما قاله الدكتور فايز الشهري: «المشروع المقدم لا يرقى قانونياً إلى أن يكون نظاماً، كما أنه لا يوضح علة التجريم أو المخالفات اليومية مثل التنابز والشتائم»، معتبراً تطبيقه مستقبلاً «مكارثية» تلاحق الناس في مشاعرهم وخواطرهم. وحذّر اللواء ناصر العتيبي من أن قبول مقترح مشروع الوحدة الوطنية يشكك في إجراءات وأنظمة الدولة الحالية، ويُعد إشعاراً للعالم بأن المملكة كانت في الطريق الخطأ سابقاً. وأضاف: «لا يوجد فراغ تشريعي، ولا تحتاج المملكة إلى وثيقة وطنية مثل الدول العربية فلديهم الإسلام». واعتبر العضوان الدكتور فهد بن جمعة وعلي الوزرة أن النظام الأساسي للحكم يستند إلى القران والسنّة، ويجّرم كل ما ذكر في النظام المقترح من مناطقية وقبائلية ومساواة، وأن تطبيقه «شرعنة ما لا شرع له ومدخل إلى أبعاد خطرة (دون أن يوضحها)، وسيؤدي إلى شيء من التشويش»، وبرر ابن جمعة رفضه للنظام بأنه لم يوثق بحثياً وجود ظاهرة تمييز طائفية وعنصرية أو كراهية متفشية في المجتمع تهدد الوحدة الوطنية. من جهة ثانية، كان المؤيدون لنظام الوحدة الوطنية أقل حدة في الطرح عبر تأكيدهم بأنه لا يوجد فراغ تشريعي في الأنظمة، وأن المطلوب جمعها في نظام، موضحين أن النظام في مرحلة ملاءمة الدراسة. ودعا العضوان الدكتور عبدالله الفيفي وصالح الحصيني بقية الأعضاء إلى منح النظام الفرصة لمزيد من الدراسات المعمقة، متمنين ألا يرفض بسبب احتقانات لا يحتاج إليها المجلس، وأن تدس الرؤوس في عصر الإعلام المفتوح الذي كشف واقعاً لا يصح تجاهله (بحسب تعبيرهما). وكانت لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية أوصت في تقريرها بملاءمة دراسة المقترح، إذ رأت أهمية منح الموضوع حقه من الدراسة وإخضاعه للمزيد من التتبع والاستقصاء، مشيرة إلى أن الوحدة الوطنية ركيزة أساسية من ركائز أي مجتمع، وضرورة أساسية ومطلباً مهماً يقاس على ضوئه انسجام المجتمع وسكينته وتقدمه وقدرته على تحقيق حال من الوفاق والانسجام بين أفراده. ولفتت اللجنة في رأيها إلى أن الاختلاف والتنوع الفكري وتعدد المذاهب والأطياف واختلاف الأفكار والطروحات حقيقة موجودة تحتاج إلى إستراتيجية للتعامل معها، ووجهة سليمة تخدم أهداف البلاد وثوابتها وقيمها الشرعية بعيداً عن التنافر والخلاف ووحشة القلوب وإساءة الظن بالآخر. يذكر أن النظام بقي قيد الدرس في المجلس زهاء ست سنوات بعد أن قدمه للمرة الأولى العضو الدكتور زهير الحارثي («الحياة» 4 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي)، قبل أن يسحب من اللجنة الإسلامية والقضائية في المجلس، ويحال إلى لجنة خاصة عقب أحداث الدالوة في الأحساء، بحسب تصريح عضو المجلس محمد رضا نصرالله للصحيفة آنذاك، إلا أن اللجنة الإسلامية كانت من قدمه أمس، وتبنت ملاءمة درسه. الحارثي ل«الحياة»: ما حدث انتكاسة * أكد عضو مجلس الشورى خبير القانون الجنائي الدكتور زهير الحارثي عدم وجود أية مادة نظامية تجرم أفعالاً تهدد الوحدة الوطنية، مثل التكفير أو التعصب الرياضي، أو تنص على مفردات الطائفية والتخوين والإقصاء والكراهية. وقال الحارثي في تصريح ل«الحياة» إن نظام الوحدة الوطنية الذي أُسقط قبل مرحلة ملاءمة الدرس يعزز مواد النظام الأساسي للحكم التي تنص على منع كل ما يؤدي إلى الفرقة، وأن الوحدة الوطنية يجب المحافظة عليها، وأضاف: «كيف؟ لا بد أن يصدر نظام يحدد كيفية المحافظة على الوحدة ويعززها». جاء تعليق الحارثي عقب تعليقات قانونية في جلسة أمس تدعي أن النظام يعارض دستور الدولة، وهو ما اعتبره مفهوماً غير دقيق، موضحاً -وفقاً لاختصاصه في الأنظمة والتحقيق الجنائي- أن الدساتير تتناول الإطار العام مثل المواطنة وتترك للتشريعات ترجمة ذلك في إطار القوانين التي تجرم الأفعال المهددة للوحدة الوطنية. ولفت الحارثي إلى أن الأفعال المشار إليها أعلاه لا يوجد ما يجرمها في حين أن النظام الأساسي للحكم ينص على أنه لا يوجد عقوبة ولا جريمة إلا بنص، وعندما تكمل أركان الجريمة يتم تطبيق العقوبة، منوهاً بأن مرجعية النظام المقترح القرآن والسنّة، ولكن هذا لم يمنع صدور أنظمة أخرى للغش والتزوير -مثلاً-. واعتبر الحارثي ما حدث في الشورى انتكاسة للعمل الحقوقي، متمنياً أن يعاد إلى المجلس بتصور آخر، وهو ما سمعه من بعض الأعضاء. جدل السقوط ينتقل ل«تويتر» انتقل جدل أعضاء الشورى حول نظام الوحدة الوطنية إلى ساحة «تويتر»، وأبرزها للأعضاء الدكتورة حمدة العنزي والدكتور ناصر بن داوُد، والدكتورة لطيفة الشعلان، إذ غردت الأخيرة مباشرة عقب سقوط النظام محمِّلة الفكر المؤدلج اللوم، لأنه تغلب على الشعور بالوطنية، مطالبة بقرار سياسي لحل هذا الإشكال. أما الدكتورة العنزي وابن داوُد فدار بينهما حديث «الحسرة» على سقوط النظام، وتمنت الأولى ألا يأتي اليوم الذي يتأسف فيه معارضو نظام الوحدة الوطنية على هدمهم إياه، ليرد الثاني: «أسقطوه كما أسقطوا قبله نظام مكافحة الفساد بنفس الطريقة، يكفينا قول الله (فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء). وقبل أن يسقط المقترح اقترحت العضوة الدكتورة حنان الأحمدي تغيير اسم المقترح إلى مكافحة التمييز العنصري وتحقيق المساواة، وأن يشمل المخالفات المرتكبة ضد الأجانب، وأن تكون المرجعية للنظام هيئة حقوق الإنسان. واستبق العضو الدكتور فايز الشهري الجدال في «تويتر» بالحديث عنه قائلاً: «الوحدة الوطنية ليست شعاراً رومانسياً، وليست مقالة في جريدة أو تغريدة في تويتر».