كما هو متوقع، مارس الحوثيون سياسة التعنت في جنيف، ورفضوا منذ وصولهم إلى مقر المشاورات، الدخول في أي حوار مع وفد الحكومة الشرعية، الأمر الذي أثار تساؤلات كثير من السياسيين عن مغزى وصول وفد المتمردين إلى جنيف، ما داموا يرفضون الحوار. بدوره، طالب الوفد اليمني بتحديد أسماء أعضاء وفد الحوثيين قبل بدء النقاش في أي من القضايا، في وقت أكد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تمسكه بمبدأ حكومته الرئيسي بأن الوفد الحكومي سيناقش حصرا تنفيذ القرار الدولي 2216 الذي يطالب الحوثيين بالانسحاب من جميع المناطق التي سيطروا عليها. وكانت مصادر من داخل الاجتماع أعلنت في تصريحات إعلامية أن وفد الحكومة شدد خلال اجتماعه مع المبعوث الدولي الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، على أن يتشكل وفد الحوثيين من سبعة أعضاء فقط، فضلا عن ضرورة تحديد هذا الوفد موقفه مسبقا من القرار الدولي رقم 2216. وكان لافتا أن وفد المتمردين شرع فور وصوله إلى جنيف في افتعال الأزمات، ومحاولة نسف المشاورات، قبل أن تبدأ، حيث ضم الوفد عددا كبيرا من الأعضاء، على خلاف ما أعلنته الأممالمتحدة مسبقا من أن وفد أي من طرفي الأزمة ينبغي أن يكون سبعة أشخاص فقط، وعكس موقف الحوثيين الفوضى التي تعيشها الجماعة المتمردة، وعدم احترامها لأي قواعد أو بروتوكولات. وكان عادل شجاع عضو الوفد عن حزب المؤتمر الشعبي العام التابع للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، أشار في تصريحات إعلامية إلى أنهم أتوا إلى جنيف للتشاور مع أطراف سياسية يمنية، وهو ما يعني عدم الاعتراف بالحكومة الشرعية، كما اشترط رفع الحظر البري والبحري والجوي الذي تفرضه قوات التحالف على اليمن تنفيذا للقرار الأممي رقم 2216، قبل الحديث عن تطبيق القرارات الدولية، متجاهلا ومتناسيا أن الإجراءات التي يطالب القرار الدولي بتطبيقها وتشمل انسحاب المتمردين من المدن التي اجتاحوها بعد سبتمبر من العام الماضي، وإعادة الأسلحة التي نهبوها من مخازن الجيش اليمني، ووقف الاعتداءات على المدنيين، كلها خطوات غير قانونية اتخذها المتمردون قبل فرض الحظر. وأمام تعنت الحوثيين، وتمسك الوفد الشرعي بمطالبه القانونية، لم يجد المبعوث الدولي بدا من التنقل في جولات مكوكية بين مقري الوفدين لإجراء "محادثات تقارب". وأشار المحلل السياسي سعيد محسن إلى أن تعنت المتمردين، وتمسكهم بمطالبهم غير المقبولة يعود في الأساس إلى تساهل المنظمة الدولية مع المتمردين، وتجاهلها لقرارها الملزم رقم 2216 الذي أصدره مجلس الأمن بالإجماع، وقال "منذ البداية مارست الأممالمتحدة تهاونا غير مبرر مع جماعة متمردة، ورفضت إلزامها بتنفيذ قرارات المجتمع الدولي، وهو ما أدى إلى شعورها أن بإمكانها التمادي في تحدي رغبة العالم، ومواصلة اعتداءاتها على المدنيين. لذلك ليس مستغربا أن يتمسكوا بمواقفهم المرفوضة لدى الشعب اليمني، ولا سبيل إلى حل المشكلة ما دام المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ يتراجع كل مرة ويتساهل مع الحوثيين".