زعيم الشرق الأوسط    ولي العهد.. بيعة ورؤية ونماء    بيعة الطموحات الكبرى    رؤية ثابتة و رؤى محققة    دعم ريادة الأعمال التقنية والمنشآت الناشئة.. 1.7 مليار تمويل بنك التنمية الاجتماعية    إنجازات طموحة وبيئة محفزة للابتكار.. 412 مليار ريال مساهمة الصناعة في الناتج المحلي    أثنت على دوره القيادي وكرمه.. واشنطن: جهود ولي العهد قربت وجهات النظر مع أوكرانيا    المملكة تدين وتستنكر بشدة قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية بلدة كويا في سوريا    محمد بن سلمان.. قائد الرؤية وصانع التأثير    باتت وجهة عالمية لاستضافة أبرز البطولات والفعاليات.. الرياضة في المملكة.. قفزات وإنجازات بدعم القيادة الرشيدة    رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان العلاقات الثنائية بين البلدين    ملف الترشيح نال أعلى تقييم في تاريخ الفيفا.. مونديال 2034.. السعودية تحتضن العالم بإرث عريق ومنشآت عصرية    ضبط طبيب وافد لمخالفته أنظمة مزاولة المهن الصحية    564 سلة غذائية لمحتاجين في "دير عمار"    نجاة طفل سقط من سيارة تحت عجلات مركبة أخرى    العمارة السعودية.. تنوع ثقافي وجغرافي    أحد أهم مظاهر التحول التنموي والحضاري الكبير.. الحراك الثقافي في السعودية.. تحولات جذرية وانطلاقة عالمية    الكوميديا السعودية تكتسح شاشات رمضان    الفيصل يشكر العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    لتسهيل نقل الحالات الطارئة للمستشفيات المرجعية.. تدشين مهبطين لطائرات الإسعاف الجوي بالمسجد الحرام    محافظ جدة يطلع على أنشطة "الهيئة"    نائب أمير مكة يترأس اجتماع لجنة الحج المركزية    منصة إحسان ثورة رقمية في العمل الخيري    شغف لا ينتهي    حماية الطفل تبدأ باحترام رأيه    القاضي الخرجي رمز من رموز العدالة    مسيرة الوطن وعز الأمّة    عهد التمكين والتطور    تعطيل المفاوضات نهج إسرائيلي ممتد    محمد بن سلمان وسنوات التجديد    شارع الأعشى كما نراه    ذكرى واستذكار الأساليب القيادية الملهمة    محمد بن سلمان.. سنوات من التحول والتمكين    15.57% ارتفاعا في السفر الداخلي بالمملكة خلال عيد الفطر    ولي العهد أعاد الأكسجين    نائب أمير مكة يترأس اجتماع لجنة الحج المركزية    سيكولوجية الصوم    الوعي الذاتي وتأثير الأفكار    "التجارة" تضبط مواطنًا وعمالة يغشون في منتجات الدواجن وتوقف تصريف 2,5 طن مغشوش في الأسواق    اصطدام طائرتين عسكريتين فرنسيتين خلال عرض جوي    أستراليا تتغلّب على الصين بثنائية وتنفرد في الوصافة    المركز الوطني للمسؤولية والدراسات ويلو علاقة مميزة لخدمة المجتمع    صور مشرقة ل"كشافة تعليم الطائف" في خدمة المعتمرين بميقات السيل    رمضان يجمعنا.. مبادرة إنسانية تُنير قلوب الأيتام وتوحد أطياف المجتمع ..    مشروع ولي العهد يُجدّد مسجد «الحصن الأسفل» بعسير    أمانة الشرقية.. رقم قياسي في «غينيس» لدعم الباعة الجائلين    رينارد يعتذر.. ويعد بالتأهل    الكرملين ينشر قائمة بمنشآت الطاقة الروسية والأوكرانية التي يحظر استهدافها مؤقتاً    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعًا صحيًا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    البديوي يدين إنشاء (إسرائيل) وكالة لتهجير الفلسطينيين من غزّة    القيادة تهنئ رئيس الهيلينية بذكرى استقلال بلاده    تقلص فرصة قطر في التأهل المباشر لكأس العالم بالخسارة من قرغيزستان    المركز الوطني للعمليات الأمنية يشارك في معرض وزارة الداخلية    الرئيس التنفيذي لتجمع عسير الصحي يدشن قسم الأشعة المقطعية بمستشفى تنومة    128 بطولة رمضانية في رابطة الهواة لكرة القدم    «شارع الأعشى» كتلة مشاعر    أمل علاج السرطان ما بين الحقيقة والشائعات    الضربات الأمريكية في اليمن: تحجيم للحوثيين ورسالة ردع إلى إيران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرية تصنع الإبداع
نشر في الوطن يوم 11 - 06 - 2015

الفن ليس لَهوا ولا حتى ترفا رفيعا، بل هو ضرورة مُلحة من ضرورات النفس الإنسانية في حوارها الشاق المستمر مع الكون المحيط، وهذا ما يؤكد عليه رينيه ويج، أحد الأعلام المرموقين في ميدان تاريخ الفن وعلم الجمال في عصرنا الحديث.
وإذا صح القول ألا فن بلا إنسان، فينبغي القول ألا إنسان بلا فن.
وهذا الفن الذي يُعد ركيزة أساسية للحياة الإنسانية ولا يستقيم حالها إلا بوجوده وجودا فعالا، لن يولد ولن يترعرع إلا في كَنَف حرية تضمن له الاستمرار، بعيدا عن أي منغصات وعراقيل تعترض مجرى تياره المنساب في هدوء، وقد أشار إلى ذلك الأديب الفرنسي جوستاف فلوبير في أحد خطاباته التي أرسلها إلى لويز كوليه، إذ يقول "هذا هو السبب في أنني أحب الفن، لأن هناك على أقل تقدير يتحول كل شيء إلى حرية داخل عالم الأخيلة، هنا يتم إشباع كل شيء والقيام بأي شيء حيث يكون المرء مَلِكا ورعية في آنٍ معا، فاعلا نشطا وكائنا سلبيا، قربانا وكاهنا، وليس هناك من حدود، وتصبح الإنسانية بالنسبة إليك دمية ذات أجراس يمكن جعلها تدق حتى نهاية مقطعها الموسيقي، مثل بهلوان، إلى آخر مدى يبلغ قَدَمه".
هنا بالطبع يتحدث فلوبير عن الحرية بمعناها الحقيقي، لا الوهمي، الحرية التي ينشدها الجميع، الفنان المبدع قبل الإنسان غير المبدع، الحرية التي هي مرادف للحياة، ولا بد من أن ينعم الجميع أسفل ظلال أشجارها الوارفة، الحرية التي هي بلا سقف وبلا حدود، طالما أنها لم تقترب من خدش حريات الآخرين، لأنه دون حريةٍ تفتح الأبواب أمامه إلى آفاق وعوالم الإبداع والخلْق والابتكار، لن يستطيع أن يخطو ولو لخطوةٍ واحدةٍ على درب الإبداع فنا كان أم أدبا.
وحدها الحرية تمنح الفنان الثقة في نفسه وتضفي عليه سُحب الأمان، جاعلة إياه يبدع ويبتكر والجا داخل أعماق عوالم لا يجرؤ مَنْ سواه على مجرد الاقتراب منها.
وهي وحدها، التي تجعل مؤشره الفني يتحرك إلى أعلى مسجلا أسمى درجات الرقي الإبداعي والفني، وهي التي تجعل الفنان يحيا مستقرا نفسيا وإبداعيا دون أن يخشى أي قيد، أو أي ملاحقات، سواء على المستوى الديني، أو الاجتماعي، أو السياسي.
ووقتما تغيب شموس الحرية وتكسف أقمارها، وتحتل القيودُ مكانها، يتراجع الفن متجها إلى عصور ظلامية، وينضب معين الإبداع، ويتوارى الفنان باحثا عن صومعة يمارس فيها وحيدا عزلته الاختيارية أحيانا، الإجبارية غالبا، التي يفرضها على ذاته مُجبَرا حتى لا تطوله سهام الأذى أدبيا أو ماديا أو جسديا.
ومن أسف أننا حين نقلب صفحات التاريخ الإنساني، نجد أنه وعلى مساحات زمنية ممتدة، يتم اضطهاد الفنان وملاحقته ومحاولة النيل منه، وكأن ثمة اتفاقا بين مختلف العصور على أن تمارس الفعل نفسه ضد الفنان.
يبدو أن الفنان بما يمتلك من مَلَكات خاصة، ومشاعر نبيلة تدفعه دفعا إلى حب الخير والجمال، يصبح عدوا لقُوَى الشر الأخرى التي تحاول أن تفرض سلطتها على الكون الإنساني، ولهذا تحاول أن تسلبه حريته وأن تُحْكم قبضتها عليه حتى يكون تابعا لها، ولا يمثل سوى ذيلٍ دون فائدة، وكم من فنانين ومبدعين ضَحوا بحياتهم ضريبة لفنهم، وكم من فنانين آخرين قضوا معظم حياتهم إما مسجونين، وإما تم إقصاؤهم عن الحياة.
ورغم هذا ما يزال الفنانون الحقيقيون يواصلون مشاكستهم للحياة، رافضين كل أنواع القهر، حيثما الفن هو من ينتصر في النهاية، والفنان هو الذي يفرض كلمته، ويقرر مصيره وحده، دون أن يسمح لأحد أن يتحكم فيه أو أن يسلبه حريته التي يتوق إليها إلى الأبد.
* كاتب وناقد ومترجم مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.