سألني أحد الأصدقاء لماذا لم تعلق على ما تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي وما يدور في الساحة الإعلامية عن موقف أهالي نجران من الأحداث الحالية، وحرب عاصفة الحزم بالتحديد. وأود في البداية أن أوضح أن التاريخ بأحداثه وتسلسله ووقفاته على مر السنين هو الشاهد الأمين، وهو الذي يرجع إليه في الحكم على توجه الأمة وتفسير الوقائع وتحديد الهوية. وأهالي نجران خاضوا حروبا شرسة للدفاع عن الوطن الأم (المملكة العربية السعودية) منذ مئات السنين، بل وأسهموا في توحيد المملكة على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، فهم ضمن القبائل البارزة في موقعة (تربه) والزحف نحو (الحديدة) بقيادة الملك فيصل - رحمه الله - وكذالك مناطق الشمال حتى إنهم دخلوا المعركة مع الجيش الإنجليزي في بعض مناطق الخليج العربي، ناهيك عن استبسالهم ودفاعهم عن نجران أيام حرب اليمن عام 1384 وحرب الوديعة عام 1391، لذلك فإن هناك أفكارا مسمومة وعقولا مريضة متخلفة لم تقرأ التاريخ ولم تلم بالأحداث، ولا تفرق عن أهالي نجران سوى ما يتناقله الموتورون الذين تسيطر على أفكارهم التوجهات المريبة والتطرف العقدي المبني على مفاهيم مغلوطة يتناقلها الجهلة والمندسون وذوو الأغراض الدنيئة. إن الحقيقة الجلية الواضحة التي لا لبس فيها ولا غموض أن أصحاب المعاول الهدامة والأفكار الخبيثة التي تسيء إلى وحدة هذا الكيان وتدس الإشاعات المغرضة للنيل من الوطن وهي تصب في مصلحة أعداء الأمة الذين هم وراء كل فتنة وكل جريمة، وآخرها مأساة "مسجد العنود" لكنهم (وهذا ما أعرفه من التاريخ) سيفشلون، فالوعي الآن غيره بالأمس والترابط بين الشعب والقادة، خاصة وقت الأزمات، هي من الصفات النبيلة التي نؤمن بها، وتسير عليها قبائل المملكة بشكل عام وقبائل منطقة نجران خاصة، وسوف تنهار هذه العقول المشحونة بالحقد الأعمى على صخرة الوطنية الحقة التي يتصف بها أهالي نجران. إن الخوض في تفاصيل هذه الفتنة هو ضياع للهدف الأسمى وهو بناء الوطن والسعي إلى استقراره ورقّيه وتقدمه علميا وعمليا، ولذلك فإنني أود من وسائل الإعلام والكتاب والأدباء وذوي الرأي والمشورة ألا ينجرفوا في الخوض في مجال الاتهام لفئة أو قبيلة سواء بالإدانة أو الدفاع، لأن هذا الوقت هو وقت العزيمة، هذا زمن الفداء والتضحية، كلنا فداء للوطن تحت راية قادتنا الميامين. وهذا هو المجد الذي يحفظه التاريخ للشعوب، هذا ما يفترض أن نكون عليه بدل أن نخوض في ترهات ودسائس الأعداء والمرجفين، فلنكن يدا واحدة وقلبا واحدا، فنحن أمة خلدها الإسلام، والمرأة السعودية تلد الرجال جيلا بعد جيل كراما قادرين لا يعرفون الانحناء لغير الله ولا يولون الأدبار عند الزحف.. قوتنا في بساطتنا، فنحن أكثر أمم الأرض صبرا على الجوع والألم، فالصحراء بيئتنا شكلت منا رجالا أشداء.. إيماننا متجذر ومتعمق في قيمنا وأعرافنا وسلوكياتنا، يهبنا القوة ويدفعنا إلى التضحية بأنفسنا وأموالنا إذا اعتدى علينا أحد أو أراد النيل من مقدساتنا ومكتسباتنا ووحدتنا. فلينعق الناعقون ولن نلتفت إلى غثاء الحناجر الموبوءة.