فيما أرجع اختصاصيون تسرب الممرضين من المراكز الصحية والمستشفيات إلى تكليفهم بأعمال أخرى بقرار داخلي من مديري المراكز أو الأقسام دون سند أو نظام، وتأخير حصولهم على البدلات المقررة. بين عدد من الممرضين أن تسرب عدد منهم إلى وظائف أخرى سببه عدم شعورهم بالأمان الوظيفي، وإشغالهم بأمور إدارية، أو بالعمل في أقسام أخرى تحد من إنتاجيتهم. وقال عدد من الممارسين لأعمال التمريض في وزارة الصحة ل"الوطن" إن توجههم إلى مهنة التمريض تم بحكم تخصصهم، وتنفيذا للتوصيف الوظيفي الذي أقرته وزارة الصحة للمهنة، وأقرته الهيئة السعودية للتخصصات، مؤكدين أن الواقع كان مغايرا، إذ يجبر الممرض على القيام بأعمال خارجة عن تخصصه، مثل العمل كمراقب صحي، أو في الصيدلية، أو المختبر، إضافة إلى الاتصالات الإدارية، وذلك لقلة الكوادر الصحية". وقال الممرض سويد الغامدي إن "كثيرا من الزملاء في مهنة التمريض يتم تكليفهم بأعمال ليست من اختصاصهم، ويحدث ذلك غالبا بالقرى والهجر، في حين يمنع تكليف متخصصي الصيدلة والوبائيات والمختبر بأعمال التمريض". وأضاف أن "عددا كبيرا من الزملاء تسربوا من المراكز الصحية متجهين إلى المستشفيات أو إلى جهات أخرى بحثا عن الاستقرار الوظيفي". وطالب سويد وزارة الصحة بتفعيل إدارة التمريض بها، ومنح أقسامها في مديريات الشؤون الصحية صلاحيات واستقلالية، ومنح الممرض حقوقه من البدلات وغيرها، والعمل على تطوير قدراته بالدورات المستمرة. من جانبه، قال مدير إدارة التمريض بمديرية الشؤون الصحية بمنطقة المدينةالمنورة الدكتور خالد الجهني ل"الوطن"، إن "النقل إلى وظائف أخرى يكون في العموم تلبية لطلب الموظفين، ويتم بتحريكهم داخل وخارج المناطق وفقا للوظائف الشاغرة". وعن مشكلة تسرب الممرضين، أضاف أن "تخصص التمريض يقوم على تقديم الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية للمرضى، ودعم عائلاتهم، وهي الفئة الوحيدة من الكادر الطبي التي تتلقى التعليم والتدريب للقيام بهذه الأعمال مجتمعة، والفريق الطبي بوزارة الصحة كان يعتمد في البداية على الطبيب والممرض بشكل شبه كامل لتقديم الرعاية الطبية، وبالتالي كانت هناك حاجة لتفعيل أدوار أخرى ليكتمل العمل المؤسسي لخدمة المرضى مثل شؤون المرضى، والتعقيم، والتروية الصناعية، ولم يكن هناك إمكان لأي تخصص طبي آخر أن يغطي هذه الأدوار، خصوصا في ظل الوفرة العددية للكادر التمريضي، ومن هنا بدأ توجيه التمريض لأعمال ليست من ضمن دورهم الرئيس في الرعاية المباشرة"، مشيرا إلى أن هذه المشكلة غير موجودة في القطاعات الطبية الأخرى كالحرس الوطني، والقوات المسلحة والتخصصي. وأوضح أن "هناك تساويا في المميزات المالية بين من يعملون مع المرضى سواء في المستشفيات أو المراكز الصحية، حتى إن الوزارة تقدم بدلات مالية لغير المرتبطين بالمرضى مثل العاملين بالملزمة الطبية "المستودع". وأشار مدير إدارة التمريض بمديرية الشؤون الصحية بمنطقة المدينةالمنورة إلى "عدم وجود هيئة وطنية للتمريض تعمل كجهة مستقلة للحد من هذا التسرب، وهو ما يكلف الوزارة مبالغ مالية طائلة، وكذلك لا توجد جهة مستقلة تتولى الدفاع عن حق المرضى بالرعاية الصحية الآمنة من خلال توفير العدد الكافي من الفريق الطبي". وأكد الدكتور الجهني أن "حل المشكلة لا يمكن أن يأتي من زاوية واحدة، بل بعمل متكامل يغطي المحاور التي سبق ذكرها"، مشيرا إلى أن الوزارة بذلت جهودا كبيرة لإعادة المتسربين، ولكن لم تنجح، لعدم وجود خطة عمل كاملة ومرحلية لمعالجة المشكلة بدون التأثير في الخدمات المقدمة.