في رحلة النزوح الثانية خلال عام من حربين لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فبعد هربهم بأطفالهم من براميل وغازات الأسد من الشام إلى اليمن استهدفتهم الميليشيات الحوثية بصنوف من العذاب والقصف والاختطاف والقتل والتشريد.. هذا هو حال مئات الأسر السورية التي يزيد عدد أفرادها على ال300 فرد، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين والمرضى، التي وصلت أمس إلى منفذ الطوال بعد رحلة نزوح استمرت أياما عدة قاسوا خلالها الأمرين من العصابات الحوثية التي كانت تستهدفهم من دون غيرهم. وتستخدمهم كمصدات بشرية لحمايتهم من هجمات رجال المقاومة الشعبية. "الوطن" أمس التقت عددا من هذه الأسر السورية لدى وصولها منفذ الطوال الحدودي بجازان، حيث كان يبدو عليهم الخوف والهلع والجوع والإعياء. وأكدت المسنة السورية "نبيلة" ذات التسعين عاما بأنها لم تظن يوما في حياتها أن تعيش الرعب والهوان الذي عاشته وأسرتها وأحفادها خلال حربي الشام واليمن. وقالت: بعد أن فقدت عددا من أبنائي الشباب نتيجة إصابتهم ببراميل الأسد هربت بأحفادي من ذل الأسد في الشام إلى هوان العصابات الحوثية في اليمن. أما السوري علاء أحمد فيقول: خلال الأيام الماضية واجهنا إذلالا من العصابات الحوثية الذين كانوا يحاولون منعنا وأحيانا يتخذون منا مصدات بشرية للاحتماء فينا من هجمات القبائل اليمنية. وأكد أنه فقد عددا من أقاربه في اليمن لا يعلم عن مصيرهم شيئا إلى الآن، مبينا أنه كان كالحلم وصولهم إحياء إلى داخل الأراضي السعودية. فيما أثنى على حسن الضيافة والاستقبال من السلطات السعودية وأكد أنه سيتم تخصيص شقة سكنية لكل عائلة. أما السوري حسن عبيدو فيقول: واجهنا أصناف الرعب والإذلال من العصابات الحوثية، إذ كانوا يقومون بإنزالنا من المركبات في نقاط التفتيش فور معرفتهم بأننا سوريون وكثيرا ما جردونا من أمتعتنا، خصوصا المواد الغذائية. كما تحدثت فادية نعيم، من الجنسية السورية، عن الحال المريرة التي يعيشها السوريون في سورية واليمن، وكأنما ضاقت بهم الأرض ذرعا على حد قولها، فلم تعد تجد مكانا يتسع لها للعيش مع أبنائها في أمن وأمان. ووصفت الطفلة السورية كارمن أحمد، 11 سنة، الرعب الذي كانت تعيشه في الأيام الماضية، مع أصوات المدافع ونيران القنابل وشظاياها والظلام القابع أثناء انقطاع التيار الكهربائي، وكأن كل هذه الأحداث لحقت بها من جديد بعد أن سرقت منها وطنها الحقيقي سورية. وقال النازح السوري: "ليس بوسعي أن أصف مدى سعادتي بعد دخولي الأراضي السعودية سليما معافى، وقد نالت أيد الحوثيين الطاغية وأتباعهم كل أهالي اليمن ضعافهم وصغارهم وكبارهم وعاثت بهم فسادا ومزقتهم شر ممزق". ومن أمام مبنى اللجنة السعودية لاستقبال النازحين السوريين التقينا النازح السوري باسم الحمصى وعائلته، فقال: ليس لدي كلام سوى الشكر لله عز وجل أن أنقذنا وأسرتي من بطش الميليشيات الحوثية في اليمن وقبله أنقذنا من مجازر الأسد في الشام. وأضاف: استقبال أشقائنا السعوديين لنا في المنفذ بالحفاوة والتكريم وتقديم وتامين كل الخدمات لنا خفف علينا ما واجهناه من هوان على الجانب الآخر من الحدود.