من يقرأ تفاصيل المشهدين اليمني والإقليمي، بعد إعلان قيادة التحالف العربي انتهاء عمليات "عاصفة الحزم"، وبدء مرحلة جديدة من العمل الإنساني والعسكري - في حال لزم الأمر - والمتمثل في "إعادة الأمل"، يجد أن المرحلتين كانتا بمثابة النهاية السياسية والعسكرية للانقلابيين في صنعاء، في إشارة إلى ميليشيا الحوثي، والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ونجله أحمد، على وجه الخصوص. فالحوثيون سواء من خلال نوافذهم الإعلامية أو نوافذ الإعلام الإيراني، حاولوا صنع "انتصار وهمي" من أجل التمهيد لمواجهة لا تقل قوة عن الطلعات الجوية "لعاصفة الحزم"، وهي الانتكاسة السريعة التي حاقت بقوى التمرد، وفق ما أشار إليها عدد من الساسة اليمنيين الذين التقت بهم "الوطن" في وقت سابق، والتي أسهمت إلى حد كبير في تآكل شعبيتهم حتى وسط القواعد الحاضنة لهم، إلى حد من الممكن أن يطال رأس الجماعة السياسية والعسكرية، على حد وصف الناشط السياسي اليمني فؤاد المنصور في حديثه إلى "الوطن". تحت لافتة عن أي انتصار يتحدث الحوثيون؟ ذهب الخبير الجيو استراتيجي عبدالسلام محمد إلى أن عاصفة الحزم حملت دلالتين حيويتين على الصعيد العسكري، فقد تم تدمير كل السلاح الاستراتيجي والنوعي الذي يهدد الإقليم، وقال "تم فرض معادلة عسكرية جديدة داخل المشهد اليمني، لن يكون للحوثي أو صالح لعب أي دور فيها على الإطلاق".ويمضي رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث في تحليله إلى القول إن عاصفة الحزم وما تبعها من إعادة الأمل قضيا من الناحية السياسية على الانقلاب وكل ما تم فرضه بواقع القوة، وكل تبعاته، مثل اتفاقية السلم والشراكة، وتمت استعادة المبادرة الخليجية والانتقال السياسي، وإعادة شرعية الدولة اليمنية بقياداتها والحصول على إجماع دولي وقرارات أو من خلال شن عمليات عسكرية. الملفت في حديث أحد الخبراء وهو نعمان الرافي من عدن، تأكيده أن "إعادة الأمل" تحمل في طياتها الكثير، بعيدا عن العمل الإنساني أو إعادة الإعمار، منها كتاب نهاية المستقبل السياسي لعلي عبدالله صالح وعائلته، في ظل وجود تسريبات غير رسمية من توجه الرجل إلى خارج البلاد، وعدم ممارسة أي نشاط سياسي. كما أن القيادة السياسية أوضحت من خلال "إعادة الأمل" تفهمها الكبير للمأزق الإنساني الذي تمر به المحافظات اليمنية، خصوصا في عدن، من أزمة خانقة، إلا أنها في الوقت نفسه فرضت رؤيتها وسياستها الجديدة في المنطقة القائمة على الفعل والمفاجأة، وليس ردة الفعل، وما يعطي هذه العملية أهميتها النوعية من الناحية الاستراتيجية والسياسية، هو أن رسالتها وصلت إلى الأطراف الإقليمية، من أن المملكة والدول العربية لن تقف موقف المتفرج على تهديد مصالحها أو مصالح الإقليم بوجه عام. وبين تفاصيل ومدلولات تعليق المتحدث باسم عاصفة الحزم العميد ركن أحمد عسيري، ببدء عملية "إعادة الأمل"، تكمن الرؤية الإقليمية السعودية التي أشار إلى بعضها بوضوح، والأخرى جاءت بين ثنايا حديثه، هو أن الحوثيين وحلفاءهم المحليين والإقليميين لن يكونوا في مأمن، متى ما سعوا إلى افتعال الأحداث وتكرار الاضطرابات.