في دعوة تعد الأولى من نوعها، طالب مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في خطبة الجمعة أمس، بإخضاع الشباب السعوديين للتجنيد الإجباري، في وقت تقود فيه المملكة مع عدد من دول التحالف العربي عملية عسكرية لاستعادة الشرعية في اليمن. وتكتسب دعوة المفتي أهميتها من أنها تأتي في وسط ظرف استثنائي، وعدد من التحديات التي تموج بها المنطقة. وعلى الرغم من أن مجلس الشورى كان صاحب قصب السبق في الدعوة إلى تطبيق التجنيد الإجباري، وذلك عبر دعوات متفرقة من عدد من أعضائه، وتقديم أحد الأعضاء السابقين مشروع "خدمة العلم" الذي لا يزال معلقا منذ سنوات، إلا أن لغة المؤسسة البرلمانية تغيرت تجاه هذا الأمر، وذلك بعد أن أكد رئيس لجنة الشؤون الأمنية الدكتور سعود السبيعي في اتصال هاتفي أجرته معه "الوطن" أمس أن المملكة ليست بحاجة إلى هذا النظام. وينطلق السبيعي في مبرراته لعدم تأييد تطبيق التجنيد الإجباري، من التجربة السابقة التي خاضتها السعودية في حرب الخليج، حينما هب ألوف المواطنين للاستجابة إلى دعوة فتح باب التطوع إبان الأزمة. وقال "لو تعرضت المملكة لا سمح الله لأي خطر ستجد جميع أبنائها بشبابهم وكبارهم يتقدمون للدفاع عن الدين والبلد"، مستشهداً لذلك بحرب تحرير الكويت.
فيما دعا مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ إلى التجنيد الإجباري للشباب، تحفظ مجلس الشورى على نظام التجنيد الإجباري، مكتفيا بأن المملكة ليست بحاجة إلى هذا النظام. وكان مفتي عام المملكة دعا إلى التجنيد الإجباري للشباب في خطبة الجمعة من جامع الإمام تركي بن عبدالله في مدينة الرياض. وقال آل الشيخ "لا بد من تهيئة شبابنا التهيئة الصالحة ليكونوا لنا درعا لنا للجهاد في سبيل الله ضد أعداء الدين والوطن"، مضيفا بالقول "لا بد أن نهتم بشبابنا ونهيئهم، والتجنيد الإجباري -إذا وُفقت الأمة له- سيساهم في إعداد الشباب لأداء المهام". وتابع: "هذه الخطوة مهمة لشبابنا في دينهم ولحماية أوطانهم، وحتى نكون على استعداد دائم لمواجهة الأعداء، ونعيش في نعمة الأمن وهي نعمة يحسدنا عليها الآخرون، ومن باب شكر النعمة أن يكون شبابنا في حالة استعداد دائم للدفاع عن الدين والوطن، من خلال تدريبهم عبر التجنيد الإلزامي". وقال المفتي: "علينا الحذر من الأعداء الذين يُريدون إفساد ديننا وأخلاقنا واقتصادنا، وتدمير وحدتنا، وذلك بأن نعدّ شبابنا عسكريا وفكريا وتعليميا". وأشار إلى قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا)، مضيفا بالقول "لا بد من الاستعداد والتسلح الدائم لمقاومة أي شيطان، والتجنيد الإجباري لشبابنا أمر مهم ومطلوب، لتكون لنا قوة لا تغلب، مدربة تدريبا جيدا". في السياق ذاته، أكد رئيس لجنة الشؤون الأمنية بمجلس الشورى الدكتور سعود السبيعي في تصريح إلى "الوطن" أن التجنيد الإجباري قرار سياسي لا يتخذه إلا ولي الأمر، قائلا "وجهة نظر مفتي عام المملكة نحترمها، لكن هذه قضايا جانبها سياسي ولا يتخذها إلا ولي الأمر الذي بيده الحل والربط". وأضاف السبيعي أنه لو تتعرض المملكة لا سمح الله لخطر ستجد جميع أبناء المملكة شبابهم وشيبانهم يتقدمون للدفاع عن الدين والبلد، مستشهدا بحرب تحرير الكويت، مشيرا إلى أن ولاة الأمر صرحوا بأنه المملكة ليست بحاجة إلى نظام التجنيد الإجباري، وأنه لو طلب ولي الأمر من أبناء المملكة لتجدهم جميعا على أهبة الاستعداد لنداء ولي الأمر. وحول مشروع نظام خدمة العلم الذي لا يزال عالقا بمجلس الشورى، قال السبيعي "إن خدمة العلم لا شك أنها أخذ بها في كثير من الدول لكنها الآن تخلت عنها لأنهم لم يجدوا فيها ما كانوا يتمنونه، أما متخذو القرار في المملكة فأجمعوا على أنه لا حاجة لنا بها". وأشار إلى أن الفرق بين خدمة العلم في البلدان الأخرى والمملكة يكمن في أن تلك البلدان تتكون من أعراق وأديان ولغات مختلفة ليسوا على قلب واحد، فلذلك يتجهون إلى مثل ذلك لكسبهم عند الحاجة، أما في المملكة فالدين واللغة والقيم الأخلاقية واحدة، قائلا "هذه الميزة لا توجد في كثير من البلدان". وأضاف أن وجود الإسلام يجمع الناس على عبادة الله سبحانه وتعالى، والقيم الإسلامية تجعلهم على استعداد للتضحية في سبيل حماية دينهم وأمن وطنهم.