لم يكن الملتقى الثاني الذي تستضيف فعالياته الرياض وحمل "الإعلام البترولي" كعنوان له وتناول في تفاصيله الشأن النفطي بدقة، عاديا وفق الأوراق التي قدمها المتخصصون خلال جلساته الأولى التي انطلقت أمس في فندق الإنتركونتيننتال، حيث طمأنوا على أن الطلب على النفط سيشهد تغيرات مستقبلية إيجابية كبيرة، رابطين ذلك بارتفاع متوسط دخل الفرد في كثير من الدول ونمو السكان عالميا، فيما تخوف آخرون من استهلاك المملكة العالي للطاقة، واصفين ذلك بالمخيف، بينما أكد آخرون أن المملكة في سياستها النفطية لا تستخدمه سلاحا سياسيا وإنما تتعامل مع متغيراته وفق أهداف سوقية تجارية بحتة. وقال الخبراء في ملتقى الإعلام البترولي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يقام تحت شعار "الإعلام البترولي الخليجي.. قضايا وتحديات"، إن الطلب العالمي على النفط سيتركز في الدول الناشئة. من جهته، أكد محافظ المملكة لدى منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" الدكتور محمد الماضي أن الأيام المقبلة ستكون حبلى بالمتغيرات في مسيرة الطلب العالمي المستقبلي على النفط، مؤكدا أن ما يقارب من 3 مليارات إنسان في دول، مثل الصين والهند، سيرتفع دخلهم المتوسط، الذي يمثل أكبر زيادة في مستوى المعيشة في تاريخ الإنسان، مبينا أن عدد السكان في العالم سينمو من 7 مليارات إنسان حاليا إلى 9 مليارات في العقدين المقبلين، ما يعني ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة بمقدار الثلث. وأوضح محافظ المملكة لدى "أوبك" أن المملكة لا تستخدم النفط سلاحا سياسيا في قراراتها تحت أي ظرف كان وهي الأخلاق الدولية التي تتعامل بها المملكة مع المجتمع الدولي، مؤكدا أن جميع الأضرار الناتجة عن هبوط أسعار النفط كانت أضرارا سوقية، وأبعاد المملكة في ذلك أبعاد تجارية بحتة، وليس لها سياسة نفطية سلبية ضد أي دولة في العالم. وأكد أن بعض التقديرات تضع كمية الاستثمارات المطلوبة بحدود 40 تريليون دولار خلال العقدين المقبلين، وعن منظمة "أوبك" وقدرتها على محافظة توازن السوق، أوضح أن قدرة أوبك على التحكم بالأسعار ليست ثابتة. وأشار إلى أن تاريخ انخفاضات الإنتاج في أوبك وصلت إلى 19 محاولة منها 13 بواسطة دول من داخل المنظمة وست بالتعاون بين دول المنظمة ودول أخرى خارجها، كاشفا أن 16 محاولة فقط أدت إلى خفض نسبي للإنتاج، فيما ثماني منها أدت إلى ارتفاع في الأسعار. من جهته، كشف المستشار الاقتصادي لوزير البترول والثروة المعدنية الدكتور ناصر الدوسري، أن الاقتصاد العالمي منذ بداية هذا القرن نما من 49 إلى 74 تريليون دولار أميركي، مبينا أن عدد سكان العالم زاد بحوالي مليار نسمة. وأشار الدوسري إلى أن عدد البشر الحاصلين على أحد أنواع الطاقة الحديثة زاد من 3 إلى 5 مليارات، وأنه لا يزال هناك مليارا شخص لا يحصلون على أي نوع من الطاقة الحديثة. واستطرد قائلا: "في ظل هذا التوسع الاقتصادي والنمو السكاني فإن العالم يُتوقع أن يستمر بطلب مزيد من الطاقة، وتشير التقديرات إلى أن النمو على النفط سينمو سنويا بحدود 1.1 مليون برميل يوميا خلال ال15 سنة المقبلة، وهذا بدوره سيؤدي إلى وصول الطلب العالمي على النفط إلى حوالي 110 ملايين برميل يوميا أو حوالي 40 مليار برميل كل عام". فيما أكد المستشار الإعلامي الدكتور زياد الحديثي أن المملكة تستهلك النفط بشكل مخيف جدا، مبينا أن كفاءة استهلاك الطاقة في المملكة تدهورت مع نمو كثافة استهلاك الطاقة حوالي 50٪ منذ عام 1985، منوها بأنه تم إطلاق الحملة الوطنية لترشيد استهلاك الطاقة، وذلك لرفع وعي المستهلك وتغيير السلوك، إضافة إلى بناء اسم موثوق ذي مرجعية في مجال كفاءة الطاقة.