وحتى تبدو جميلا .. كُف عن تجميل صورتك لأنك تمعن في تشويهها! كلنا نريد أن نترك انطباعا حسنا لدى الآخرين. ولكن من يقدر أن يستمر على هذا النحو حتى النهاية؟ انظر، كلنا نريد أن نكون، ولكننا مع الأسف لا نكون في معظم الأحيان ما نريد حقا أن نكونه! الأمر خارج عن إرادتنا، ربما ليس للإرادة علاقة بذلك. ما نكونه هو في الحقيقة ما نحن عليه في طبيعتنا، وإن كانت تحدونا الرغبة في أن نكون شيئا ما آخر غيرنا سنتحول جميعا إلى كائنات ممسوخة! قد يقول لك الناس وقد تقرأ في كثير من الكتب الفاشلة ما يحاول أن يجعل منك دائما هذا الشخص الأفضل، الشخص اللطيف المتعاطف الهادئ الذكي الرزين الرصين، الذي يضبط مشاعره وانفعالاته دائما كي يبدو في ذلك المنظر اللائق والمحبب. قد لا يمل الناس من توجيهك وإرشادك كي تتصرف على النحو الذي يريدونه، ولكن هل هم أنفسهم يلتزمون بما يقترحونه عليك؟ هم ومع كثرة مطالبتهم بأن تكون جميلا ولطيفا على الدوام يستثنون أنفسهم بطريقة لا واعية. فما دام الأمر متعلقا بما يعود عليهم بالنفع والفائدة من خلال (الآخر)، سيتوقف الأمر إلى هذا الحد بالنسبة إليهم. أما أنت - ويا لسوء حظك - تزداد مرضا وتعلقا بتلك الصورة المثالية التي تسعى أن تتركها في أذهانهم، ما يضطرك إلى أن تتصرف بانهزام، تكبت مشاعرك كي لا يُفتضح أمرك، تخفي أحزانك، تداري قلقك، وتغالب دمعاتك كي لا تبدو تعيسا مثيرا للشفقة، تحنّط ابتسامتك كما لو كنت مومياء أثرية..! - حسناً، قل لي إذن أتريد أن تكون كذلك مومياء، تمثالا كائنا متبلّدا، تعلو شفتيه ابتسامة على الدوام كي يُقال إنه شخص لطيف وجميل، وأنت تموت في داخلك كل يوم وليلة لما يعتمل في صدرك من مشاعر ورغبات مكبوتة..! أنا حقاً أقدّر فيك حرصك على التصرف بلياقة ولباقة مع الآخرين، واجتهادك على أن تبدو بصورة جميلة، هذا واجب أخلاقي واجتماعي، ولكن تأكد أنه ليس من اللياقة في شيء أن تبالغ في التجمّل..!