هل تتوقعون أننا رومانسيون بما يكفي كي نشارك العالم الاحتفال بيوم الحب الذي مضى قبل أيام، أم إن الأمر لا يعدو أن يكون تقليدا لما عليه القوم؟ وهل تعتقدون أن الرومانسية الطاغية التي تغزونا ليوم واحد فقط كفيلة بأن تحيي في قلوبنا شيئا من ذلك الإرث الجميل الذي سطره لنا فرسان الحب العذري من عشاق العرب؟ في هذا اليوم من كل عام ينقسم مجتمعنا السعودي إلى مجموعات مختلفة ما بين مؤيد ومعارض لما يسمى يوم الحب كما يحب البعض أن يطلق عليه، ولكل منهم وجهة نظره الخاصة به. وقد لا يكون الحب ومعاناته بعيدين عن الوجدان العربي، فلقد حفلت كتب التراث بأخبار مجموعة من العاشقين المتيمين ممن نسجوا أروع القصص وأجمل الأبيات فيما عُرف فيما بعد بالحب العذري، ولكن الحال لم يصل إلى أن يتم الاحتفال بهذا الحب أو تخصيص يوم معين من السنة ليكون عيدا للمحبين، ولو كان يعلم مجنون ليلى أن هناك من أحفاده من سيحتفل بالقديس "فلنتياين" ويتخذ من يوم مقتله عيدا توزع فيه الورود الحمراء وبطاقات الحب، وأنهم سيتناسون هذا العشق وهذا الوفاء منه ومن إخوانه العشاق ثم ينصرفون إلى الاحتفال بعيد الفلنتاين لمات من الغيظ قبل أن يموت من أثر الحب، أما عنترة العبسي فلو علم بهذا الأمر لما تمنى تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغر عبلة المتبسم، ومن يدري فلربما أن جميل بثينة لو علم أيضا بهذا العيد المسمى عيد الحب لما تمنى أن ينام ليلة بوادي القرى ولفضل المبيت في فراشه بعيدا عن الهوام والدواب. وبعيدا عن الحب وهمومه أيها العشاق فالمسألة لا تعدو أن تكون تجارة مربحة جدا، إذ تشير الإحصاءات التي قامت بها الرابطة التجارية لناشري بطاقات المعايدة في الولاياتالمتحدة الأميركية إلى أن عدد بطاقات يوم الحب التي يتم تداولها في كل أنحاء العالم في كل عام يبلغ مليار بطاقة تقريبا، وهو ما يجعل يوم الحب يأتي في المرتبة الثانية من ناحية كثرة عدد بطاقات المعايدة التي يتم إرسالها فيه بعد عيد الميلاد. كما توضح الإحصاءات التي صدرت عن هذه الرابطة أن الرجال ينفقون في المتوسط ضعف ما تنفقه النساء على هذه البطاقات في الولاياتالمتحدة الأميركية. هذا في أميركا، فماذا عن العالم العربي يا ترى؟! أعتقد أن المفاجأة ستكون صادمة!