أكد خبراء وسياسيون أهمية الدعوة التي أطلقها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للاحتشاد اليوم "في مليونية ضد الإرهاب"، للتأكيد على دعم الدولة ومؤسساتها المختلفة في حربها ضد الإرهاب والتطرف. مشيرين إلى أن مصر تخوض في الوقت الراهن أشرس الحروب على مدار تاريخها ضد قوى الإرهاب والتطرف، وهو ما أكده الرئيس السيسي في كلمته التي ألقاها الأسبوع الماضي، عندما قال إن التنظيم الذي يحاربه الجيش المصري يعد حاليا في أقوى حالاته. وإن كان الرئيس المصري لا يحتاج إلى إعادة التفويض، لأن واجبه الأساسي كرئيس للجمهورية وقائد أعلى للجيش يحتم عليه ضرورة مواجهة قوى التطرف والتشدد، التي تسعى جاهدة إلى إفشال الدولة، فإن الحشد الشعبي يكتسب أهمية رمزية كبيرة، تظهر للعالم أجمع وحدة الشعب في مواجهة أعدائه، واجتماع كلمته على قلب رجل واحد، وتؤكد للعالم أجمع أن المساعدات التي يتلقاها الإرهابيون من دوائر وقوى خارجية لن تمكنه من تنفيذ مخططه الشرير، وأن قوة الشعب في وحدته وتماسكه، حتى ولو تكالب عليه الأعداء. وكان السيسي قد دعا الشعب المصري – قبيل استلامه زمام الأمور كرئيس للبلاد – إلى تفويضه بمواجهة الإرهاب، وحينها تدافع الشعب بالملايين إلى الشارع في مشهد يؤكد التلاحم بين الشعب والجيش، والإطار القوي الذي يجمع المصريين بقيادتهم، وهو ما مثل رسالة واضحة لقوى الإرهاب والتطرف، مفادها أنه لا مكان لهم في مصر، وأن الشعب لن يقبل بوجودهم، وإنهم حتى لو تمكنوا من تنفيذ بعض الانفجارات والأحداث الإرهابية فإن ذلك لا يعني أنهم انتصروا على الشعب وجيشه، وأن النتيجة الطبيعية في آخر المطاف ستكون هي انتصار الشعب على أعدائه. اجتماع الكلمة بداية، يقول المتحدث باسم حزب التجمع نبيل ذكي في تصريحات إلى "الوطن": "الحزب قرر تشكيل جبهة وطنية موحدة لمكافحة الإرهاب، وعرض ذلك بالفعل على عدد من الأحزاب الأخرى على أن تكون مليونية اليوم خطوة أولى على طريق تشكيل تلك الجبهة، ويمكن لهذه الجبهة أن تجمع الأحزاب على اختلاف توجهاتها السياسية تحت مظلة واحدة، لمواجهة الإرهاب والتطرف، وجمع المواطنين حول هدف واحد، هو محاربة الإرهاب، الذي يعد أزمة معقدة تحتاج إلى تحرك على الأصعدة الحزبية والحكومية كافة، لأن الأمر أصبح حربا عسكرية معلنة بين مصر وتلك الجماعات الإرهابية، خاصة أن الدولة تواجه جماعات سرية في أفكارها وأدواتها، مما يصعب مهمة الدولة في حربها، ويأتي تنظيم مظاهرات اليوم لتأييد الدولة والقوات المسلحة ضد الإرهاب، ولا بد من التفاف الأحزاب السياسية حول الدعوة إلى مكافحة الإرهاب، وأن يهتم الجميع بتكاتف الجهود لمواصلة الحرب على التكفيريين، من خلال تنظيم فعاليات شعبية وحزبية لفضح الجماعات الإرهابية ومواجهة الأفكار المتطرفة وفضح الدول الداعمة للإرهاب". ومضى ذكي بالقول "محاربة الإرهاب والاصطفاف حول القيادة السياسية أصبح واجبا على كل فصيل وطني، خاصة أن هذه الحرب تتطلب وقتا طويلا لكي نستطيع أن نحقق الانتصار الحاسم، لأن الدفاع عن أمن مصر القومي لا يمكن النظر إليه بمعزل عن محاربة الإرهاب والأفكار المتطرفة التي تحاول أن تنخر كالسوس في المجتمع المصري ونسيجه الواحد". خطوات إضافية ويستدرك ذكي بالقول إن هناك إجراءات ومواقف لا بد من اتخاذها إضافة إلى الحشد الشعبي حتى يستطيع الشعب القضاء على هذا الخطر الداهم الذي يهدد وجوده، وتابع "نؤكد في الوقت ذاته أن المظاهرات وحدها لا تكفي، وينبغي اتخاذ إجراءات حاسمة أكثر جرأة ضد الإرهاب وإعلان التعبئة العامة لتكون الحرب على الإرهاب معركة للمؤسسات والأحزاب كافة وكل مواطن، وأن تتحول قصور الثقافة إلى مشاعل للتنوير، ويجب على الدولة اتخاذ إجراءات استثنائية إذا وجدت أن هناك ضرورة ملحة لاتخاذ مثل هذه الإجراءات، وأن لا تتردد في ذلك، وبدون اهتمام بردود الأفعال الخارجية، فالعالم انتفض وقامت الدنيا ولم تقعد اعتراضا على حادث إرهابي في فرنسا، بينما يموت الآلاف في الدول العربية جراء العمليات الإرهابية دون أن يهتم بهم أحد، كما يجب توفير اعتمادات مالية لوزارة الداخلية لتمكينها من الاستعانة بأجهزة إلكترونية حديثة لإجهاض العمليات الإرهابية قبل وقوعها". ونفى ذكي أن تكون دعوة السيسي إلى الشعب للنزول في مليونية للتأكيد على دعم الدولة في مواجهة الإرهاب والتطرف دعوة إلى اقتتال أهلي بشوارع مصر، مضيفا "ليس هناك عاقل يمكن أن يدعو إلى اقتتال أهلي، والسلطة تريد أن تثبت بالدعوة للمظاهرات بأنها مدعومة شعبيا، وهذا حقها". رسالة واضحة من جانبه، قال نائب رئيس الحزب الناصري توحيد البنهاوي "الرئيس عبدالفتاح السيسي لا يحتاج إلى تفويض جديد لمواجهة الإرهاب بعد التفويض الأول في يوليو 2013، كما أن الجيش المصري والشرطة لا يحتاجان إلى تفويض جديد، لأن التفويض الذي منحه الشعب للسيسي بعد 30 يونيو ما زال قائما والجيش والشرطة يعملان عليه، والدعوة خطوة جيدة لمواجهة الإرهاب على المستوى الشعبي، والتعبير عن إجماع المصريين على رفض تلك الجماعات ومساندتهم للدولة، وإرسال رسالة للعالم بأن مصر ترفض الإرهاب، والدعوة يجب أن تشارك فيها كل القوى السياسية بعيدا عن المواقف الحزبية والمصالح الشخصية، والوضع الحالي يتطلب تكاتف كل الأطراف لمواجهة المخاطر التي تهدد البلاد، والفكرة جيدة والهدف منها إظهار التضامن الشعبي مع الجيش والشرطة ضد الإرهاب، وتجديد الشعب لتفويض السيسي، الذي أعطاه له في 30 يونيو لمحاربة الإرهاب، يهدف لإرسال رسالة واحدة للعالم مفادها أن مصر الشعب والجيش والدولة في مواجهة الإرهاب، ويجب على الشعب المصري الخروج من جديد لتجديد التفويض الذي حصل عليه رئيس الجمهورية أثناء توليه وزارة الدفاع لمواجهة الإرهاب، فالرئيس يحتاج إلى الدعم من المصريين المخلصين الوطنيين، خاصة أن الجماعات الإرهابية لا تعرف دينا ولا إسلاما، وتأخذه ستارا لتحقيق العنف والفوضى والتخريب". الانفتاح على الآخر من جهته، يقول نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور زياد بهاء الدين: "الاصطفاف الوطني ضروري في هذه اللحظة، وقد دعا إليه رئيس الجمهورية في كلمته للشعب عقب عودته من إثيوبيا، كما كرره في لقائه بقادة الجيش والشرطة والأحزاب، ومعه الحق في الدعوة، لأن مصر بحاجة إلى وقوف المجتمع بأسره، بكل فئاته وطبقاته وأجياله، بجانب الدولة في معركتها ضد الإرهاب، ولأن المواجهة العسكرية مهما كان فيها من تضحية وبسالة فلن تكفي وحدها للقضاء على الإرهاب من جذوره ولا لتجفيف منابعه، بل يلزم لتحقيق الانتصار أن يكون المجتمع متماسكا وليس منقسما، وأن يكون داعما للدولة وقواتها المسلحة". ويضيف بهاء الدين "الاصطفاف الوطني يجب ألا يقف عند مجرد ترديد الشعارات التي تصاحب كل فاجعة تهز البلد، ثم ما يلبث الخلاف والصراع أن يعودا بنا إلى الخلف مرة أخرى، وفي تقديري أن تحقيق الاصطفاف الذي يدعو إليه رئيس الجمهورية يتطلب أن ندرك أن له شروطا وكلفة، إن لم تكن الدولة مستعدة لقبولها والتعامل معها فلن يتجاوز الأمر مجرد التقاط صور جماعية لرؤساء الأحزاب والقيادات الدينية، ونعدها اصطفافا كافيا، وأول شروط الاصطفاف هو أن لا يقتصر على الجريمة الإرهابية الأخيرة في سيناء، بل يتجاوزها ويتخطى هذه اللحظة ويسعى إلى توحيد الصف بشكل يتناول القضايا الخلافية الكبرى ولا يرتبط بواقعة محددة مهما كان حجم فداحتها، كما يلزم مراجعة السياسات والقرارات والقوانين التي دفعت إلى انقسام القوى التي كانت منذ عام ونصف العام متحدة في رفضها الحكم الإخواني، وظلت متماسكة حتى إقرار الدستور الجديد، وهو انقسام أدى إلى إضعاف الجبهة الداخلية وعزوف جانب كبير من هذه القوى عن الاستمرار في دعم الدولة كلما ابتعدت عن المسار الديموقراطي". خطوات مهمة ومضى بهاء الدين قائلا "لأجل تأكيد وزيادة التلاحم بين الحكومة والشعب هناك خطوات مهمة لا بد من القيام بها، في مقدمتها أن تفتح الدولة مجال الحوار على أربعة محاور، الأول مع شباب ثورتي يناير ويونيو، وأن يصاحب ذلك وقف الحملة الإعلامية والأمنية عليه وتمكينه من استرداد حق التعبير والاحتجاج السلمي، والإفراج عن المحبوسين منه بتهمة التظاهر، والثاني مع طلاب الجامعات والتعامل معهم بعقل وحكمة وسماع شكاواهم ومقترحاتهم للتهدئة وليس فقط بالاعتماد على شركات الأمن الخاصة، والتفتيش عند البوابات والتهديد بالفصل من الدراسة، والثالث بناء الثقة مع الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني التي تؤدي رسالة اجتماعية مهمة، وتملأ فراغا تنمويا كبيرا والكف عن ملاحقتها والتضييق عليها بلا سبب، والرابع فتح حوار جدي ومستمر مع الأحزاب والقوى السياسية وجعلها شريكا في اتخاذ القرارات المصيرية، لأن الأحزاب المؤيدة والمعارضة - على حد سواء - هي التي تجعل الحكم يتوازن والقرار يصدر بعد تشاور، وأن تقبل الدولة الشراكة مع القوى والجماهير التي تريدها أن تصطف، ومعنى الشراكة أن تقبل الدولة الخلاف في الرأي، وتقبل المعارضة، وتقبل أن تطلع شركاءها على المزيد من الحقائق، وأن تستمع إليهم وتتشاور معهم، أي تقبل أن تتعامل بندية واحترام مع أطراف هذه الشراكة وليس بعدّهم حاضرين عند الطلب ولكن دون أن يكون لهم رأي وموقف". تفاعل شعبي وفي السياق ذاته، تقول عضو المجلس الرئاسي لائتلاف "نداء مصر" وفاء عكة: "التفاعل الشعبي مع الدعوة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي عبرت عنه المبادرات السريعة من جانب النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك وتويتر، الذين أطلقوا دعوات تطالب بالنزول والدعوة لمليونية للاحتشاد بالميادين لدعم الجيش المصري ورفع روحه المعنوية وتجديد الثقة فيه، وكان لأشكال الدعم صور متعددة ومختلفة، حيث قام النشطاء بتدشين حملات متضامنة مع الجيش المصري في حربه ضد الإرهاب، مثل "كلنا الجيش المصري، ضد الإرهاب، تحيا الشرطة يحيا الجيش، سيناء، التفويض الثاني للجيش المصري"، وكان الرد الشعبي سريعا، إذ تصدرت دعوات التضامن مع الجيش المصري قائمة المواضيع الأكثر تداولا على تويتر، حيث تفاعل الآلاف من أبناء الشعب المصري معه، ورصوا من خلاله صور الشهداء ضحايا الحادث الإرهابي الغاشم، والكثير من التعليقات التي تحمل رسائل دعم ومؤازرة للجيش المصري، وغيرها من التعليقات التي تحمل مشاعر الحزن والأسى على أرواح الشهداء والعزاء لأسرهم والدعاء لهم والتخفيف عنهم، ومنهم من طالب السيسي بإجراءات مشددة للقضاء على هذه العمليات الإرهابية التي كان آخرها الحادث الإرهابي الذي تبنته جماعة أنصار بيت المقدس الذي وقع مساء الخميس 29 يناير الماضي وأودى بحياة 30 شخصا غالبيتهم من العسكريين، وعدم تكرار حدوثها مرة أخرى". إجراءات تكميلية وكان قسم التشريع بمجلس الدولة برئاسة المستشار مجدي العجاتي انتهى من صياغة النص النهائي لمشروع قانون الكيانات الإرهابية، حيث تضمنت أهم التعديلات التي أدخلها على القانون بأن يكون طلب الإدراج بالنسبة للكيانات والأشخاص غير الموجهة أعمالهم لمصر، مثل منظمتي بوكو حرام وجبهة النصرة، بناء على طلب يقدم إلى النائب العام من وزارة الخارجية بالتنسيق مع وزارة العدل، أو من جهات الدولة الأمنية إلى النائب العام، وأن تفصل الدائرة المتخصصة في طلب الإدراج بقرار مسبب خلال سبعة أيام من تاريخ تقديم الطلب لها مستوفيا المستندات اللازمة، وكذلك إدخال الآثار التي تترتب على نشر قرار الإدراج، التي من بينها بالنسبة للكيان نفسه حظر الكيان الإرهابي، ووقف أنشطته وغلق الأمكنة المخصصة له، وحظر اجتماعاته وحظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للكيان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وتجميد الأموال المملوكة للكيان، أو لأعضائه متى كانت مستخدمة في ممارسة النشاط الإرهابي وحظر الانضمام للكيان أو الدعوة إلى ذلك، أو الترويج له، أو رفع شعاراته. محاصرة الإرهابيين كما شملت التعديلات إدراج الإرهابيين على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول أو منع الأجنبي من دخول البلاد وسحب جواز السفر أو إلغائه، أو منع إصدار جواز سفر جديد وفقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية وتجميد أموال الإرهابي متى استخدمت في ممارسة نشاطه الإرهابي وتلتزم جميع سلطات وجهات وهيئات وأجهزة الدولة، كل في حدود اختصاصه، بإعمال وإنفاذ الآثار المشار إليها، وبإبلاغ الجهات المعنية في الداخل والخارج لإعمال آثار الإدراج على أي من القائمتين. ويأتي ذلك بعد أن أغفلت المسودة بعض الإجراءات الخاصة بأحقية النائب العام أو من يفوضه بالاطلاع على الحسابات المالية للمدرجين على قوائم الإرهاب وودائعهم وأماناتهم في البنوك، وكذلك المعاملات المرتبطة بها أو الحصول على أية بيانات أو معلومات عنها وسحب الجنسية المصرية من مزدوجي الجنسية، وسحب الأسلحة المرخصة ممن يحوزونها من هؤلاء العناصر ورفض أية طلبات ترخيص جديدة لهم. وأشارت التعديلات إلى ضرورة أن تتعاون الجهات القضائية والأجهزة المصرية المعنية بشؤون الإرهاب كل في حدود اختصاصه، وبالتنسيق بينها، مع نظيراتها الأجنبية، من خلال تبادل المعلومات والمساعدات والإنابات القضائية وتسليم الأشخاص والأشياء واسترداد الأموال ونقل المحكوم عليهم، وإخطار الدول والمنظمات المعنية بالقرارات المشار إليها في هذا القانون، وغير ذلك من صور التعاون القضائي والمعلوماتي، وذلك كله وفقا للقواعد التي تقررها الاتفاقات الدولية النافذة في مصر أو وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل.