التماسك السياسي الداخلي بعد وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في ساعات الصباح الأولى ليوم أمس، يمكن اعتباره الرسالة السياسية الأبرز التي بعثت بها القيادة السعودية الجديدة للخارج بعد أقل من ساعة من إعلان الديوان الملكي نبأ الوفاة وتعيين ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز ملكاً سابعاً للبلاد. فما يحدث في غالبية دول العالم هو حدوث نزاعات وبلبلة سياسية إلا أن المملكة قدمت نموذجاً مشرقاً لالتحام الشعب والتفافه حول قيادته مما أسهم في الوصول إلى انتقال سلس للسلطة.ويؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور هيثم لنجاوي في حديث ل"الوطن" أن الانتقال الهادئ والمتزن والسريع للسلطة هو ما يميز مؤسسية النظام السياسي السعودي، ويقول: "النهج السياسي السعودي قائم على موازين الاستقرار بالدرجة الأولى، وهذا الانتقال يدلل على ما جرى، ليس فقط في هذه الحالة بل في كل الحالات التي انتقلت فيها السلطة من ملك إلى آخر إبان الملوك السابقين رحمهم الله". وأكد لنجاوي أن إرساء خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز لهيئة البيعة في 20 أكتوبر 2006، أدى بدوره إلى نهج استقراري أكبر للنظام السياسي السعودي، وقال: "تقييم أي نظام سياسي يخضع لاعتبارات الاستقرار وهذا ما نجحت فيه القيادات السعودية بدرجة أثارت إعجاب كافة دول العالم". الإجراءات السريعة والموفقة التي اعتمدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في هيكلية التعيينات السياسية التي أقرها في عدد من المناصب الحيوية المهمة، تدل على كون المملكة العربية السعودية هي دولة مؤسسات قائمة على إدارة الدولة بشكل مؤسسي غاية في الدقة. بدوره، أكد الباحث في الشؤون السياسية الخليجية زارع المشهور، أن من دلائل استقرار السياسة السعودية وأن المملكة دولة مؤسسات موغلة في الثبات هو أن المواطنين السعوديين يشعرون بالاستقرار والأمن وعدم تبدل الأوضاع السياسية، وهذه ليست رسالة سياسية بقدر ما هي طبيعة النظام القائم، بخلاف بعض التجارب السياسية الأخرى التي دخلت في أتون الصراعات السياسية المدوية للتشبث بالسلطة بخلاف التجربة السياسية السعودية.