أمر ملكي جاء توقيته يمثل النهج المؤسسي الذي تقوم عليه المملكة العربية السعودية , استقبل خادم الحرمين الشريفين فور تأديته صلاة الجنازة على شقيقه وولي عهده وساعده الأيمن الأمير نايف يرحمه الله , المعزين بالمسجد الحرام الذين أدّوا صلاة الجنازة معه من ملوك ورؤساء وأمراء دول عربية وإسلامية , ومن جموع من المواطنين ؛ ثم توجه إلى الطائف المصيف الأول بالمملكة , تبادر لذهني حينها أن خادم الحرمين الشريفين بتوجهه للطائف يعطي دلالة مكانية أكيدة لاعتدال طقس الطائف ولاتخاذ القرار الذي ينتظره أبناء شعبه الوفي بعد فجيعتهم الثانية بغضون ثمانية شهور , حيث ما أن اندملت جراح فقدهم لولي عهده الأمير سلطان يرحمه الله , تجدد ذات الجرح بفقد ولي عهده نايف. كان الأمر الملكي متوقعا بتعيين سمو الأمير سلمان وزير الدفاع ؛ وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء , ولكن كان التوقيت بالطبع حصريا بقرار وحكمة ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز , وتعيين نائب وزير الداخلية سمو الأمير أحمد بن عبد العزيز وزيرا للداخلية يمثل استمرارية لنهج شقيقه سمو الأمير نايف يرحمه الله . أخلص للقول للتأكيد بأن المملكة العربية السعودية بقيادة الملك عبدالله تجسد بل وتؤكد دولة المؤسسات بلاشعارات أو ضوضاء أو مزايدات , نعم القلوب مكلومة والعيون دامعة على وفاة رجل الأمن والأمان وساعد خادم الحرمين الأول نايف رجل المهمات الصعبة , نايف الحكمة والحزم والحسم والحوار؛ ولكن ضرورات وطن واطمئنان مواطن تحتل سلم أولويات القائد المحنك والذي أرسى نهجا شفافا بأحاديثه , وبممارساته , وبسياساته الداخلية والخارجية , واضعا نصب عينيه حاضر ومستقبل أمته ووطنه , ليقطع كل التخرصات التي يطلقها الحاقدون وسيؤوا النية وخفافيش الظلام وأبواق الضلال والانحراف الخلقي والخلل النفسي . وتستمر المسيرة الظافرة بإذن الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بحكم أسرة تحمل هم أمة ومصلحة وطن ؛ تعشق التنمية والتطوير مع حفاظها على ثوابت الدين وسماحته واعتداله ووسطيته , تجعل أولى اهتماماتها خدمة الحرمين الشريفين , وتنمية العنصر البشري تعليما وصحة وتدريبا وتوفير كافة وسائل الحياة الكريمة , المواطن يمارس عمله ويستثمر مدخراته بروح تنافسية لاتُفرض عليه ضرائب , توفر له حقوقه وتسهر على أمنه واستقراره بأحلك الظروف , بل تدعمه وتشجعه ويبقى الشعب السعودي وفيا لتلك القيادة التي يرى فيها ديمومة الاستقرار, والأمن والرفاه الاجتماعي والاقتصادي , ولم تدَّعِ قيادتنا الحكيمة يوما ما بأنها حققت كل شيء بل أنها لم تدخر وسعا لإسعاد المواطن, وتحقيق سبل العيش الكريم , مع أن الشعب الوفي يقولها صراحة بأنها لم تقصر يوما ما ,وبأن الشعب مدين لها بل ويبذل جهوده ليواكب ماتقدمه له من فرص ومن مساعدات, ومن برامج, ومن تدريب للارتقاء بأدائه بكافة المجالات . يحضرني ماسمعته عبر هيئة الاذاعة البريطانية يوم قدم رؤساء وزعماء من الغرب لتشييع جنازة وللتعزية بوفاة الملك فيصل يرحمه الله , وكان الوفد الأميركي جاء عن عن طريق المطار الدولي , وشعروا بالدهشة والذهول والاعجاب في آنِ واحد , بطريقهم من المطار لتقديم التعزية للملك خالد يرحمه الله , اندهشوا حيث توقعوا أن يجدوا الآليات العسكرية ونقاط التفتيش, وحالة الاستنفار الأمني ,وبأن الشوارع ستكون مليئة بسيارات الشرطة والأمن , ولكنهم ذهلوا كون الوضع طبيعيا والناس يجوبون الشوارع بسياراتهم وبقضاء حوائجهم ,ومنهم من يتجه لتشييع الراحل , وأضاف معد التقرير :"لقد أُعجبت تلك الوفود بحالة الأمن الطبيعية والاستقرار الذي يخيم بتلقائية دون مظاهر عسكرية او احتياطات أمنية , خلافا لما كانوا يتوقعونه بعيد استشهاد الملك فيصل يرحمه الله حيث قدموا للتعزية بوفاته كما دول العالم الثالث ". هذه هي دولة المؤسسات لادولة ميادين الغوغاء , دولة تحكم شرع الله , وتؤمن بقضائه وقدره ,وتدرك حجم المسؤولية , فتتخذ القرارات الحكيمة بما يحقق الاستمرارية ويكفل للمواطن وللوطن عافيته وأمنه وأمانه . ما استنه المؤسس الملك عبد العزيز يرحمه الله بؤكد استمراية دولة المؤسسات بنفس النهج وهاهو بعهد قائدنا وولي أمرنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز أب الجميع يجسد بأمره اليوم بتعيين أخاه سلمان وليا للعهد نهج دولة مؤسسات و أنه يحفظه الله حارس مؤسسات وضمير أُمة . أطال الله في عمرك ياخادم الحرمين الشريفين ومتعك بالصحة والعافية وأثابك عن كل ما قدمته وتقدمه لدينك وأمتك ووطنك ومواطنيك . ونبارك لك ياسلمان ياولي العهد وساعد أخيك الأيمن , ونبارك لك يا أحمد لتستكمل مسيرة شقيقك نايف , نسأل الله أن يحفظ لهذا البلد أمنه واستقراره ورغد عيشه بظل قيادتنا الحكيمة الواعية والتي أحبت شعبها فأحبها.