في الوقت الذي تباشر جهات حكومية في مختلف المناطق تحرير مساحات شاسعة سطا عليها لصوص الأراضي وإعادتها لأملاك الدولة، وثقت جهات رقابية في تقارير سرية تورط مسؤولين وموظفين يعملون في قطاعات خدمية في تحريض ومساعدة "لصوص الأراضي" عبر تقديم معلومات خاصة عن ملكية الأراضي من عدمها، وغض الطرف عن الإحداثات، مقابل المشاركة في مساحات محددة أو حصة البيع اللاحقة. وعلمت "الوطن" من مصادر مطلعة أن إمارات وأمانات مناطق تلقت تقارير تفيد باعترافات لصوص أراض بوجود تواطؤ من قبل مسؤولين وموظفين في عدد من الجهات الحكومية، وعلمهم التام بعمليات التعدي على الأراضي وتقديم تسهيلات بشكل غير قانوني. وصنفت المصادر المتورطين في عمليات تحريض اللصوص ومساندتهم إلى نوعين، يتمثل الأول في مسؤولين مباشرين في قطاعات حكومية رسمية عدة متخصصة بمتابعة ومراقبة أراضي الدولة، غالبيتهم في مناطق ومحافظات طرفية بعيدة عن المدن، والآخر في موظفين يتبعون إلى وزارات خدمية، تواطؤوا مع المتعدين بعدم إبلاغ الجهات المتخصصة ممثلة في لجان مراقبة الأراضي وإزالة التعديات، على الرغم من علمهم بأن هذه الأراضي تتبع إلى وزارات يعملون ضمن نطاقها، إلى جانب تسريب أبرز المشاريع التي ستقام عليها مستقبلا. سجلت جهات رقابية تقارير سرية عن تورط مسؤولين وموظفين في قطاعات خدمية ومعنية برقابة وخدمات الأراضي في تحريض ومساعدة ما يسمون ب"لصوص الأراضي" عبر غض الطرف عنهم، والتأكد لهم من عدم ملكية الأراضي المنهوبة، إضافة إلى تشارك بعضهم مع اللصوص في الاعتداء على الأراضي. وعلمت "الوطن" من مصادر مطلعة أن التقارير الرقابية التي تلقتها بعض إمارات وأمانات المناطق تفيد أن لصوص أراض مقبوضا عليهم أفادوا بتواطؤ مسؤولين وموظفين معهم، يعملون في عدد من الجهات الحكومية، وأن هؤلاء الموظفين على علم بعمليات التعدي على أراض حكومية، وأن آخرين اعترفوا بتورط موظفين في تسهيل تعديهم على الأراضي بشكل غير قانوني ومشروع. وأوضحت أن طرق التواطؤ تلك تمثلت في حصول المسؤولين أو أحد ذويهم على قطع أراض بمساحات كبيرة في المواقع المعتدى عليها أو تقاضي مبالغ مالية نظير غض الطرف عن مثل هذه التعديات والمساهمة في إنجاحها وحمايتها من خلال استغلال نفوذهم في مواقعهم الرسمية. وصنفت المصادر المسؤولين المتورطين في عمليات تحريض لصوص الأراضي ومساندتهم إلى نوعين، حسب إفادات لصوص الأراضي المقبوض عليهم والمرفوعة أسماؤهم لإمارات المناطق لكثرة تعديهم وثبوت متاجرتهم بمخططات مقامة عن طريق التعدي، مشيرة إلى أن النوع الأول يتمثل في مسؤولين مباشرين في قطاعات حكومية رسمية عدة متخصصة في متابعة ومراقبة أراضي الدولة، وهذه الفئة تتكاثر في المناطق والمحافظات الطرفية والبعيدة عن المدن. وكشفت أن النوع الآخر هم موظفون يتبعون إلى وزارات خدمية، وتواطؤوا مع المتعدين بعدم إبلاغ الجهات المتخصصة ممثلة في لجان مراقبة الأراضي وإزالة التعديات، رغم علمهم بأن هذه الأراضي تتبع إلى وزارات يعملون ضمن نطاقها وذلك من خلال إمداد لصوص الأراضي بمعلومات عن المواقع التابعة إلى وزاراتهم وحدودها والمشاريع التي ستقام عليها مستقبلا. وأشارت المصادر إلى أن تواطؤ هؤلاء المسؤولين يأتي على شقين: إما بدفع مبالغ مالية من قبل لصوص الأراضي مقابل المعلومات التي يستقونها منهم، أو بمشاركتهم في الحصول على قطع من الأراضي أو عوائد مادية بعد تنفيذ عمليات البيع للمخططات المقامة على أراضي تلك الوزارات أو المحاذية والمجاورة لها، بحسب المعلومات المسربة إليهم من قبل المسؤولين في تلك الجهات، مبررين ذلك بأن نهوض المشاريع وقيامها على تلك الأراضي يعزز من قيمة المخططات الناشئة بجوارها وفي محيطها إن لم تكن مقامة عليها في الأساس.