فيما تحفظ الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية على ما يثار في وسائل الإعلام عن مبادرة روسية أواخر الشهر الجاري تجمع بين نظام الأسد والمعارضة، ألمحت شخصيات مسؤولة داخل الائتلاف إلى مقاطعة المؤتمر وعدم المشاركة فيه، ما لم يتم تقديم ضمانات حقيقية بتنفيذ مقررات مؤتمر "جنيف1"، وعلى رأسها زوال نظام الأسد. وكانت مصادر قريبة الصلة بالتجهيز للمبادرة الجديدة، قد أشارت إلى أن موسكو بدأت الاقتناع بأن أولى مراحل الحل السياسي في سورية تقضي بذهاب النظام الحالي، وإنشاء حكومة انتقالية تؤسس لانتخابات حرة وشفافة. وأشارت المصادر التي رفضت الكشف عن اسمها في تصريحات ل"الوطن"، إلى أن الموقف الروسي الجديد تبلور مع زيارة الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" الأخيرة إلى تركيا أواخر ديسمبر الماضي، لاسيما بعد تأكيدات الرئيس التركي رجب أردوغان بأنه لا يمكن الحديث بواقعية عن حل سياسي في ظل وجود الأسد على رأس الحكومة، وتشديده على ضرورة زوال النظام كشرط أساسي لبحث أي حلول سياسية. ومضت المصادر بالقول: "إن موسكو الباحثة عن تطوير وتمتين علاقاتها مع أنقرة بدأت تنظر للأمر من زاوية أخرى، لاسيما في ظل الرفض الدولي الكبير لاستمرار الأسد على رأس السلطة". وأضافت المصادر أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ألمح إلى احتمال البحث عن رئيس جديد للنظام لقيادة الحكومة الانتقالية خلال لقائه الأخير مع أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، إلا أن الأخير رد عليه بشكل قاطع بأن الأسد "خط أحمر"، ولا مجال للحديث عن تنحيه، وزاد بالقول: "إن الحديث عن هذا الأمر يعني نهاية الحوار". مما دفع "بوغدانوف" إلى الخروج غاضباً من اللقاء مردداً أن الحديث عن الأزمة السورية "ينبغي أن يكون فقط مع رؤساء الدول". وكان الأمين العام للائتلاف الوطني السوري، نصر الحريري، قد وصف الخطوات الأخيرة التي تقدمت بها موسكو في الملف السوري، بأنّها "ليست بمبادرة ولا ترتقي لحيز المفاوضات، ولا تعدو كونها "دردشة سياسية"، وأن الجلوس على طاولة المفاوضات دون ضمانات دولية، وأطر موضوعية، وصيغة واضحة المعالم؛ هو استسلام ومضيعة للوقت وعبث بدماء الأبرياء". ومضى الحريري بالقول: "الذهاب إلى موسكو في الوقت الذي يحتجز فيه نظام الأسد مئات الآلاف من المدنيين والمتظاهرين السلميين في سجونه، ويمطر أهالي المدن المنتفضة كل يوم بعشرات البراميل المتفجرة، يعني أننا نطلق رصاصة الرحمة على الثورة السورية، ولا يعقل أن نذهب إلى موسكو للمطالبة بالكف عن قتل المدنيين، والتفاوض على حياتهم، وعدم استخدامهم كأوراق ضغط على الثوار، فهذا حقّ قانوني وإنسانيّ ومن المعيب أن يكون ضمن مفردات العملية التفاوضية". أما نائب رئيس الائتلاف، محمد قداح، فقد كان أكثر وضوحاً في رفض الائتلاف للمشاركة في المؤتمر الروسي، وقال في تصريحات صحفية: "موسكو لا يمكن أن تكون مكاناً لعقد مؤتمرات الحوار وجلسات التفاوض، لاسيما وأنها الشريك الأساسي لنظام الأسد في قتل الشعب السوري منذ بداية الثورة"، مؤكداً أنّ "البلد الذي ستعقد به جلسات التفاوض، لابد أن يكون حيادياً وغير متورط بدماء السوريين".