التحول من مذهب إلى آخر، قد يكلف الكثير، في بلد مثل إيران.. تلك المعاناة لم يتمكن عبدالحميد سهيل الناصري التميمي أحد أبرز شيوخ السنة في الأحواز من تجاوزها، بعد أن قرر ترك المذهب الشيعي والتحول إلى السني. الأنصاري، وفي حوار مع "الوطن"، كشف عن الكثير من العذابات التي عاشها بعد قصة التحول التي دفعت به لمواجهة تهمة كاذبة ألصقها به النظام الإيراني وأتبعها بمحاكمة جائرة، اختار عقبها الهروب إلى الملجأ للخلاص مما آلت إليه أوضاعه. الأنصاري، والبالغ من العمر 45 عاما، أكد على ضرورة دعم الدول العربية، الشعوب غير الفارسية الموجودة تحت طائلة الظلم الفارسي بأسرع وقت، مشيراً إلى أن ذلك من شأنه أن يقلب معادلة التمدد، لتصبح تقهقرا فارسياًّ بأيادٍ عربية، موضحاً أن نجاح العرب في هذه المهمة أرجح من النجاح الإيراني لبلوغ مبتغياتها للهيمنة على المنطقة. أحوازي سني في ال45 من عمره، أحد أبرز شيوخ السنة في الأحواز عبد الحميد بن سهيل الناصري التميمي، يروي لنا تفاصيل معاناة أهل السنة والجماعة في إيران مع الاستبداد الطائفي الإيراني، محذرا من انجراف شيعة الخليج العربي خلف "الكذبات الفارسية" واللعب على مشاعر العرب من الطائفة الشيعية من باب الدفاع عن "المذهب". ليس هذا وحسب بل إن الناصري، كشف عن تجربته عندما كان من أبناء الطائفة الشيعية في الأحواز، وما عاشه من تناقضات، جعلته يبحث عن خلفيات المذهب الشيعي، حتى استقر به القرار إلى أن يتخلى عن كل تلك المعتقدات، ليصبح من أهل السنة والجماعة، وذلك قبل 27 سنة. وفي عام 2006 وجد الشيخ عبد الحميد التميمي نفسه أمام تهمة كاذبة ومحاكمة جائرة بسبب تحوله مذهبياً من الطائفة الشيعية وانتمائه للسنة، فاختار الهروب إلى الملجأ للخلاص من التهمة والسجن الذي سيتحول إلى إعدام. وأكد التميمي في حديثه ل"الوطن"، على ضرورة دعم الدول العربية بكل ما أوتيت من قوة، الشعوب غير الفارسية الموجودة تحت طائلة الظلم الفارسي بأسرع وقت، مشيراً إلى أن ذلك من شأنه أن يقلب معادلة التمدد الفارسي، لتصبح تقهقرا فارسياً بأياد عربية، موضحاً أن نجاح العرب في هذه المهمة أرجح من النجاح الفارسي لبلوغ مبتغياتها للهيمنة على المنطقة. الحوار الذي أجرته الصحيفة مع عبد الحميد التميمي الأحوازي يحمل الكثير من التفاصيل والحقائق، حول الوضع الذي يعيشه الأحواز في إقليمهم المحتل وإيران عموماً، وإلى التفاصيل: محاكمة جائرة من هو عبدالحميد الأحوازي وما قصته مع الحكومة الإيرانية؟ عبد الحميد بن سهيل الناصري التميمي الأحوازي، ولدت في الأحواز العربية وبالذات في قصبة جزيرة الصلبوخ التابعة لمنطقة المحمرة شط العرب، وذلك في اليوم الثامن من شهر رجب سنة 1389 من الهجرة المصادف 21 أيلول سبتمبر 1969 ميلادية، متزوج ولدي 3 أولاد وبنتان. كنت على دين ومعتقد الشيعة الإمامية الاثني عشرية، وتحولت إلى عقيدة أهل السنة والجماعة. كان ذلك قبل 27 سنة تقريباً، بعد مروري بفترة شكوك بعقيدة قومي وأجدادي حيث كانوا من الشيعة ووصلت لنا هذه العقيدة عن طريقهم أيضاً. وأقول وبعد فترة من الشكوك والمطالعة والدراسة في العقيدتين الشيعية وعقيدة أهل السنة والجماعة، ثبت لي بطلان معتقد قومي وصحة عقيدة أهل السنة والجماعة، فلذا تحولت بفضل الله تعالى إلى معتقد أهل البيت عليهم السلام الحقيقي، ألا وهو عقيدة أهل السنة والجماعة. وبسبب تحولي تعرضت إلى مضايقات وأذى من الناس وفي فترة التجنيد العسكري الإجباري، وكذلك في فترة دراستي الجامعية وبعدها حيث منعت من العمل في جميع الدوائر الحكومية والشركات الخاصة والعامة وباقي مؤسسات الدولة الإيرانية وكنت أعمل وأمارس التجارة الحرة في السوق. وبعدها أي في عام 2006 تم اعتقالي برفقة مجموعة من إخواني المهتدين، وبعد 4 أشهر من مكوثي عند أمن الدولة والحبس المنفرد تم الإفراج عني بكفالة؛ وبعدها بعام واحد اعتقلوني أي في صيف عام 2007 ومن ثم أفرجوا عني بكفالة أيضاً، على أن تتم محاكمتي بعدها. واستمرت محاكماتي حتى عام 2009 وفي الشهر السادس من تلك السنة حكموا علي بالحبس النافذ 10 سنوات، وبالنفي 10 أعوام أيضا خارج الأحواز، بعدما حاولوا عودتي إلى التشيع ولكن الله ثبتني على دينه. وكان ذلك كله لأني تحولت إلى عقيدة أهل السنة، مع العلم أنني لم انتم إلى أي حزب ولا أي حركة سياسية ولا قومية ولا ثقافية ولا اجتماعية. الكل يعرف هذا عني، هذا وقد وجهت لي تهمة تهديد أمن البلاد والدعاية ضد النظام. وبعد هذا الحكم الجائر اضطررت إلى أن أهاجر بأهلي وأولادي وبرفقة إخواني الذين اعتقلوا معي أيضاً وحكم عليهم بالسجن لمدة 5 سنوات لكل واحد منهم. الهرب من الفتنة ولماذا اخترت الهجرة؟ خوفا من الفتنة في الدين. حيث إن السجون الإيرانية يمارس فيها ضغوط شتى في هذا الباب، وقد تجبر على ترك دينك خوفاً وتعود إلى التشيع، وهاجرنا إلى تركيا وسجلنا عند مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وبعد مدة طويلة حوالي 4 سنوات ونصف تم ترحيلي إلى جمهورية فنلندا، وأنا الآن موجود فيها وقد تم ترحيل إخواني الآخرين إلى بلدان أخرى. كيف ذهبتم إلى تركيا؟ خروجي إلى تركيا كان عن طريق الجبال، حيث سحبت الدولة الإيرانية جواز سفري، وأصدر النائب العام في البلاد حكم بمنع سفري وقد تم سحب جوازي في مطار شيراز، لذا اضطررت أن أخرج مشياً على الأقدام، على يد بعض الإخوة الأكراد من حدود أرومية أذربيجان الغربية، برفقة اثنين من إخوتي، حوكما معي. وبعد 16 يوما، وصلت إلى مدينة أغري التركية، التي تبعد عن الحدود الإيرانية 120 كلم. لكن بسب وجود الحواجز الأمنية كان ذلك يستوجب أن يتغير المسير والطريق. مدينة أغري من أبرد المناطق في العالم وتقع بالقرب من قمة أرارات التركية وتصل فيها درجة البرودة إلى 45 تحت الصفر. كنا نستعمل الفحم الحجري للتدفئة في البيوت وكان أهل أغري من إخواننا الأكراد، يعرفوننا ويعرفون سبب هجرتنا، ولكن للأسف كانوا قد خدعتهم الدعاية الإيرانية ومحاربة الاستكبار العالمي وأميركا وغيرها من الشعارات التي تطلقها الدعاية الإيرانية، التي باتت مضحكة للناس أجمعين. كانت هجرتي خشية من الفتنة في الدين وصدور حكم الحبس بحقي وقد ذكرته آنفا واحتمال تغيير هذا الحكم من 10 سنوات إلى شيء آخر، فإن الأحكام تتغير عادة خاصة بحق أهل السنة والجماعة، وقد حدث ذلك للأخ الناشط الكردي فتاحيان حيث حكموا عليه أولاً 10 سنوات، وبعدها تغير حكمه إلى الإعدام، وتم إعدامه في شتاء 2010. نصحني بعض الإخوة وخاصة المحامين بترك البلاد، والهجرة وأن لا أبقى أنتظر، فلذا دفعت مبالغ الكفالة للكفيل وخرجت مهاجرا مع أهلي وأولادي وأنا مكره على ترك بلدي وبيتي وأبي وأمي وإخوتي، ولم أخرج طالبا للدنيا ولا لشيء لأنني كنت أمارس التجارة ولست محتاجا لشيء من هذا والحمد لله. لشيعة الخليج: احذروا ماذا تقول لأبناء الطائفة الشيعية في الخليج العربي وهل من مقارنة بينهم وبين شيعة الأحواز المحتلة من حيث الحياة الاجتماعية والاقتصادية؟ أقول لا توجد مقارنة بين الشيعة في الخليج وشيعة الأحواز أصلا، حيث إن شيعة الأحواز تمارس عليهم العنصرية الفارسية، وهم محرومون من أبسط حقوقهم المعيشية والإنسانية، لا يسمح لهم بالدراسة بلغتهم ولا يسمح لهم بإظهار حتى لبسهم العربي ولم يسمح لهم بالوظائف والمناصب العليا في بلدهم، إلا من يترك العربية وأصوله ويصبح فارسيا كلياً ويغير حتى اسم أسرته من العربية إلى الفارسية ويصبح عميلا يبيع أهله وقومه، ولا يسمح لهم حتى بأن يسموا مواليدهم بالأسماء التي يريدونها، كالأسماء العربية وهذا أبسط الحقوق، ولا يوجد لهم وقف خاص بهم ولا جمعية خيرية ولا محكمة ولا أحوال شخصية، في حين من أرضهم يستخرج 90% من البترول الإيراني الذي هو عمود الاقتصاد الفقري، وكذلك الغاز أيضاً معظمه من أرضهم وبلادهم، ولم يكن نصيبهم منه سوى الدخان والتلوث البيئي. هم محرومون حتى من شرب الماء الصافي حيث تم سرقة ماء معظم الأنهار التي تجري في الأحواز مثل نهر الكارون والكرخة وغيرها وتحويل معظم روافدها إلى أصفهان ورفسنجان وباقي المناطق الإيرانية، والذي لا يصدق كلامي من شيعة الخليج فليتفضل يزور الأحواز ويرى بعينه ما نقول وليكن هو الشاهد والحكم. أنا زرت في السعودية محافظة الأحساء والقطيف وبعض قراها، ورأيت بعيني أن تلك المدن والقرى في عمرانها وبيوتها وطرقها ومراكزها الصحية العالية التي تشبه مدن وقرى الدول المتقدمة في كل جوانب الحياة. وأخص بالقول شيعة السعودية، وأحثهم على أن يحمدوا الله لما هم عليه من نعمة ورخاء وحرية عقيدة ودين ولم يكرهوا على ترك عقيدتهم، وأقول لهم "لديكم المساجد والحسينيات والجمعيات والنوادي والتجارة ومعظم الأسواق في المنطقة الشرقية، ولديكم شركات ومؤسسات ومحكمة خاصة بكم، وتدرسون بلغتكم وأنتم تعتبرون مواطنين سعوديين كسائر المواطنين في الرياض والقصيم ومكة والمدنية وعسير وجازان وغيرها، تعملون في معظم الشركات وخاصة شركات النفط وغيرها من الشركات، يا شيعة السعودية أنتم آمنون على أنفسكم وأموالكم وأعراضكم وهذه نعمة لا يقدرها إلا من فقدها، فاحذروا دعاة الفتنة". سقوط المشروع كيف ترى أو تتوقع مستقبل إيران على الخريطة السياسية، مع كثرة الصراعات التي تسببت طهران بافتعالها؟ إيران بعد ما يسمى بالثورة، قامت بمحاولتين للسيطرة على المنطقة، اأولى في بداية الثمانينات وهي حرب ال8 سنوات مع العراق، حيث كانت طرفا مباشراً فيها. وفي بدايتها رفضت إيران جميع الوساطات الدولية والإسلامية والإقليمية، وكانت تطمع في احتلال العراق عسكريا وقد حشدت لهذا الجموع، وأعدت له عدتها. لكن صلابة الجيش العراقي وقوة قيادته ودعم الدول العربية ووجود موقف عربي حازم وموحد، جعل الدائرة عليها وهزمت شر هزيمة وتجرع الخميني في إثرها كأس المرارة باعترافه بذلك، بعد قبول قرار مجلس الأمن 598 مرغما ومن دون قيد أو شرط، وهذا يعرفه كل من عاصر تلك الأحداث. وسبب تمدد إيران في المنطقة من جديد، هو الخلل الذي حصل في المنطقة، وذهاب توازن القوى فيها، والذي كان العراق أحد أطرافه. السبب في ذلك كله خطأ صدام حسين في غزوه دولة الكويت في أغسطس 1990، الذي كان سببا رئيساً في حصار العراق ومن ثمّ احتلاله. هذا الخلل وبعده غياب موقف عربي حازم وموحد من قبل الدول العربية، ومغازلات أميركا والغرب عموماً لإيران واتفاقها السري معها من تحت الطاولة، يمثل إطلاق يد إيران، وتركها تلعب وتعبث في المنطقة العربية، ما جعل إيران تتمادى في غيها. لكن الثورة السورية كشفت خبث إيران وازدواجية المعايير لدى نظامها، وكشفت حقدها ومكرها، ويعلم الجميع أن إيران منهكة اقتصادياً ولو تم دعم الثورة السورية وانتصر ثوار سورية وسقط عميل إيران، ستكون بداية سقوط المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. في السابق كانت شعوب المنطقة تعيش حالة عداء موحد مع إسرائيل، الآن دخلت إيران على الخط، أليس كذلك؟ إيران أصبحت منبوذة في المنطقة مثل الكيان الصهيوني. هذا مؤشر على سقوطها. إيران جلبت لنفسها عداوة أمة الإسلام كلها، بعد ما كانت ترفع شعارات معاداة الاستكبار العالمي وغيرها من الأكاذيب. المشكلة الآن أن إيران لم تدخل بالكامل في المواجهة إلا نادرا، والذي ينفذ مخططات إيران هم بعض الشيعة العرب الموجودين في بلاد المسلمين، ممن تعمل على استغلالهم تحت شعارات الطائفية البغيضة، لتجعلهم مطية لتنفيذ مآربها، ولذلك أصبحت تسوقهم إلى المهالك في سورية والعراق واليمن، وهي لا تتحرك ولا يصيبها ضرر إلا قليل، ولولا هؤلاء المدفوعون بالحقد الطائفي لما استطاعت إيران أن تتمدد بهذا الشكل الذي نراه. أنا أقول إن إيران قد اجتازت الخطوط الحمراء، ولهذا يجب لجمها، واتخاذ موقف عربي حازم، والضغط عليها. ومن أهم هذه الضغوطات دعم القوميات الموجودة ضمن الخارطة الإيرانية التي تعاني التهميش والاضطهاد. أتوقع انهيار إيران وسقوط مشروعها الثاني كما سقط الأول في حرب الثمانية سنوات وستكون بداية انهيارها في سورية بعون الله. القمع مذهبيا حدثنا عن اعتقالات الشيوخ من أهل السنة والجماعة في إيران؟ بخصوص ما يجري على أهل السنة والجماعة في إيران عموماً، نقول إن البطش والتنكيل اللذين تمارسهما الحكومة الصفوية العنصرية لم يرى أهل السنة والجماعة مثله منذ مجازر إسماعيل الصفوي في القرن العاشر الهجري. وما قام به ذلك المجرم بحقهم في ذلك الزمان. وهذه الحكومة الطائفية اليوم ومنذ وصول الخميني إلى إيران قامت بأبشع الجرائم بحق أهل السنة والجماعة، ومارست عليهم شتى صنوف الاضطهاد والبطش والتنكيل. هدمت المساجد وخربت المدارس وقتلت الكثيرين من العلماء وطلاب العلوم الدينية، وهجرت وسجنت وعذبت الآلاف منهم منذ عام 1979 وإلى يومنا هذا. وصل الحال بأهل السنة أن تمنى العديد منهم أن يحكمهم اليهود والنصارى وغيرهم، خير من هؤلاء الطائفيين، فالذي يتعرض له أهل السنة والجماعة في إيران من ظلم وعدوان، أبشع مما فعلته الشيوعية في حكمها للاتحاد السوفيتي سابقاً، وكوريا الشمالية، ولا حتى ميانمار ولا غيرها، أولئك كانوا يصفون خصومهم السياسيين ومعارضيهم فقط، ولكن هؤلاء في إيران اليوم يمارسون الاضطهاد والتهميش والقتل لكل شيء وعندهم طرق في القتل والإرهاب لا يعرفها أحد غيرهم. قتلوا العديد من علماء السنة والجماعة، بدءًا بأحمد مفتي زاده الكردي، وبهمن شكوري، والعلامة محمد ربيعي الكردي إمام السنة في جوانرود كردستان، مروراً بالشيخ محمد صالح ضيائي الذي عذبوه وبعدها قتلوه ورموا جسده في عقبة من الجبل ورموا سيارته في الوادي بالقرب منه، ليوهموا الناس بأنه مات بحادث، لكن الله فضحهم وخرج ضابط من جهازهم الأمني واعترف بالجريمة، وكيف قتلوا ضيائي رحمه الله. هكذا فعلوا مع الدكتور أحمد صياد ميرين البلوشي عند ما خطفوه ورموا جسده في قارعة الطريق في مدينة ميناب شرق بندر عباس، وكذلك إبراهيم دامني وعلي مظفريان. هناك العشرات بل المئات من العلماء وطلاب العلوم الدينية من الذين قتلوهم ومثلوا بهم.