على الرغم من تجديد المملكة لمواقفها الثابتة والرافضة لمطالبات دولية تدعو لإلغاء أحكام القصاص، إلا أن ممثلين لدول الاتحاد الأوروبي زاروا الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان خلال الأيام الماضية، حاولوا إعادة فتح هذا الملف مجددا مع مسؤولي الجمعية، وهو ما رد عليه رئيسها الدكتور مفلح القحطاني بالقول "لقد أبلغتهم أن مطالباتهم المتكررة في هذا الملف تثير المشاكل، ولن يجدوا نتيجة أو جدوى.. عليهم احترام النظام العام". وهذه ليست المرة الأولى التي تعمد فيها الدوائر الغربية والأوروبية على إثارة موضوع تمسك المملكة بأحكام القصاص، رغم أنها من الأحكام الشرعية المنصوص عليها في القرآن الكريم. وخلال الأيام الماضية، طلبت مجموعة من الممثلين المعتمدين لدول الاتحاد الأوروبي في المملكة، زيارة الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، والالتقاء بمنسوبيها. وخلال اللقاء، أثار الأوروبيون مطالباتهم القديمة الداعية لضرورة أن تقوم الرياض بتعطيل العمل بأحكام "القصاص". وفي هذا الملف، لم يترك القحطاني المجال لممثلي دول الاتحاد الأوروبي للحديث أكثر، كون أن الموضوع تم إشباعه طرحا. وقال في اتصال هاتفي أجرته معه "الوطن" أمس: "موقف حكومة المملكة من إلغاء عقوبة القصاص واضح، ومعروف لدى الجميع، ونحن في الجمعية أكدنا للأوروبيين هذا الموقف.. كما تم إحاطتهم بأن مسألة القصاص عائدة ابتداء لولي الدم فإن عفا تم إيقاف الحكم.. كما أن القيادة السياسية كان لها مواقف كثيرة لصالح إفشاء ثقافة التنازل، وهي تشجع المبادرات الخاصة بذلك، بل إن كثيرا من الأمراء يتدخلون بجاههم في بعض القضايا لحقن الدماء للاكتفاء بمبلغ الدية والتنازل عن حق القصاص". بدورها، انتقلت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان من موقف الدفاع إلى موقع الهجوم، من خلال إثارتها موضوع قيام بعض الدول باستخدام ورقة حقوق الإنسان لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية. وأضاف القحطاني في هذا الإطار "لم ينف الأوروبيون أن هناك دولا تلجأ إلى ذلك.. ولكن الأصل أن يبقى هذا الملف بعيدا عن أي مماحكات من هذا النوع". وحضر موضوع المشاركة الشعبية السياسية ضمن ما تم تداوله على طاولة جمعية حقوق الإنسان وضيوفها الأوروبيين. وهنا أكد رئيس الجمعية أنه تم إحاطة ممثلي دول الاتحاد بالتطورات التي شهدتها الساحة السعودية في هذا الإطار، من الموافقة على إنشاء جمعية وهيئة تهتمان بحقوق الإنسان، مرورا بفتح المجال أمام المواطنين للمشاركة في الانتخابات البلدية، وإدخال المرأة في عضوية مجلس الشورى، وغيرها من الممارسات الانتخابية على مستوى جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في المملكة. وسعت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان إلى الضغط على ممثلي الاتحاد الأوروبي خلال اللقاء، لحثهم على لعب دور في عملية السلام بمنطقة الشرق الأوسط، بما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم وعاصمتها القدس الشريف. وقال القحطاني "لقد أبلغنا الأوروبيين أن كثيرا من ممارسات التطرف هي نتاج بقاء هذه القضية دون حل.. ولو تم إغلاق ملف هذه القضية لما خرجت بعض الجماعات ومنها الحوثيون، لتتشدق بشعارات "الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل".