تدرس السلطات المصرية عرضا إيرانيا رسميا بتوفير كافة احتياجاتها من القمح بعد قرار روسيا حظر تصديره، خاصة أن حجم المخزون الاستراتيجي للبلاد لايكفي إلا لأربعة أشهر فقط. وقال رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانيةبالقاهرة السفير مجتبي أماني في تصريحات خاصة إلى "الوطن" إن الجهات المسؤولة في إيران عرضت على الجانب المصري فعليا استعدادها التام مدها بما تحتاجه من القمح، لافتا إلى أن إيران بانتظار تحرك الجانب المصري في هذا الشأن وأن هناك استعدادا لتقديم كافة الخبرات والتجارب في هذا المجال. ورفض مجتبي التعليق على التوتر الراهن في العلاقات بين الجانبين بعد استدعائه من قبل الخارجية المصرية قبل يومين لمطالبته تقديم ايضاحات لتصريحات أطلقها وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي اعتبرتها القاهرة مساً بالرئيس المصري حسني مبارك. ودعا مجتبي إلى تعزيز التبادل التجاري بين البلدين الذي وصفه بأنه " ضعيف" ولا يليق بحجم بلدين كبيرين مثل مصر وإيران ، معتبرا أن قطع العلاقات السياسية بين البلدين أثر سلبا على حجم التجارة بينهما. وقال المسؤول الإيراني إن الوقت الحالي يشهد توجها إيرانيا رسميا لزيادة حجم التجارة بين البلدين في الفترة المقبلة ، موضحا أن إيران حاولت إيجاد علاقة تجارية مع مصر بغض النظر عن العلاقات السياسية وكان هناك ترحيب وموافقة من الحكومة المصرية ، داعيا رجال الأعمال في البلدين إلى إصلاح ما أفسدته السياسة. واعتبر مجتبي أن الوقت الحالي ملائم تماما للخوض في شراكات استثمارية عملاقة بين مصر وإيران خاصة أن هناك استعدادا تاما بين البلدين ولابد أن يستفيد كل بلد من منتجات الآخر، متوقعا أن تشهد السنوات المقبلة زيادة ملحوظة في حجم التجارة بين البلدين في مجالات عديدة خاصة في المجال الزراعي ومجال تجارة السيارات. وأضاف مجتبي أن إيران استطاعت وفي غضون سنوات قليلة أن تزيد مساحة الأراضي المخصصة لزراعة القمح بسبب زيادة الاستهلاك وبات هناك فائض يتم تصديره. وعلى الجانب المصري قال مستشار وزير التجارة والصناعة لشؤون التجارة الخارجية المصرية السيد أبوالقمصان إنه لا مانع من استيراد القمح من إيران أو أى دولة فى العالم طالما أنه مطابق للمواصفات المصرية. وأضاف أن المعيار الوحيد هو توفير سلعة القمح للسوق المصرية دون التطرق لأى اعتبارات سياسية مع الدولة التى نستورد منها، مؤكدا في الوقت نفسه أن مصر تدرس بجدية الأسواق المتاح الاستيراد منها. و أكد المستشار الإعلامي لوزارة التجارة المصرية عبد الناصر عارف ل" الوطن" أن تجارة القمح تجارة عالمية من اختصاص الشركات ولا توجد دول تتاجر في القمح ولا مجال للسياسة في هذا الشأن. وأشارعارف إلى أن وزارة التجارة المصرية حريصة على عدم الزج بالسياسة في التجارة ، مؤكدا أن مصر لا تستورد القمح إلا من خلال مناقصات عالمية يتقدم من خلالها عدد من الشركات على أن يتم اختيار أفضل العروض والأصناف المطابقة للمواصفات من خلال لجنة مصرية على أعلى مستوى تضم جزءا من مجلس الدولة والجهاز المركزي للمحاسبات ووزارة المالية ووزارة الاستثمار والشركة القابضة للصناعات الغذائية.واشترط لاستيراد القمح من إيران أن يكون مطابقا للمواصفات والشروط المصرية. وقال رئيس غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية علي شرف الدين ل "الوطن" إن هناك عقبات لاستيراد القمح الإيراني خاصة في ظل عدم وجود اتفاقيات تجارية بين البلدين في الوقت الحالي، لافتا إلى أن هذا الأمر محل الدراسة ولم يتخذ قرار بشأنه إلى الآن. ومن ناحية أخرى وعلى صعيد العلاقات التجارية بين البلدين فإن الاستثمارات الإيرانية فى مصر بدأت فى السبعينيات من القرن الماضي وتحديدا عام 1974 وبالرغم من مرور أكثر من 36 عاما لم تزد هذه الاستثمارات حتى الآن على 30 مليون دولار سنويا على المستوى الرسمي. وتستورد مصر ما يقرب من 7 ملايين طن من القمح سنويا لتغطية 60 % من احتياجات السوق المحلي الأمر الذي دفعها للبحث عن أسواق تتم إضافتها ضمن الدول الموردة للقمح لتأمين احتياجاتها اللازمة منه خاصة في ظل النمو المتزايد في عدد السكان.