أظهرت دراسة أمريكية أن نوعا من البكتريا النافعة التي تتمتع بقدرة خاصة على مقاومة الظروف الصعبة تحمي أنواعا أخرى من البكتريا الأضعف ضد الفناء بفعل المضادات الحيوية. وحسب هذه الدراسة التي نشرت أمس في مجلة "نيتشر" البريطانية فإن هذه البكتريا "العملاقة" تفرز مواد معينة بغزارة لمساعدة البكتريا الحساسة ضد المضادات الحيوية وذلك للحفاظ على بقاء هذه البكتريا الضعيفة، رغم أن هذه الحماية التي تقدمها البكتريا "العملاقة" تقيد نموها وتزايدها. ورجح الباحثون أن يكون هذا النوع من التضحية يهدف إلى الحفاظ على تنوعالبكتريا. وقام الباحث هينري لي وزملاؤه في معهد هاوارد هيج ميدكال بمدينة بوسطن بولاية ماساشوسيتس الأمريكية بتعريض كمية من بكتريا كولي لتأثير مضادات حيوية, و وضع الباحثون المضاد الحيوي "نورفلوكساسين" في الوسط الذي استخدم لمراقبة البكتريا, مع الحرص على أن تكون كمية المضاد الحيوي قادرة على كبح نمو البكتريا ولكن بشكل يحول دون موتها. ووجد الباحثون أن البكتريا عادت للنمو بعد فترة حيث طورت مقاومة ضد المضاد الحيوي مما جعل الباحثين يزيدون من جرعة المضاد الحيوي ليتكرر نفس السيناريو. وبعد خمسة أيام وجد الباحثون أن البكتريا أصبحت قادرة على تحمل خمسة أضعاف الجرعة التي عرضت لها في بداية التجربة. غير أن التجارب أثبتت الآن أن الجزء الأكبر من البكتريا التي خضعت للتجربة لا يتحمل مثل هذه الجرعة الكبيرة من المضاد الحيوي مثلما تتحمل هذه المجموعة من البكتريا إجمالا وأن بعض البكتريا ذات القدرات الخاصة "سوبر" هي التي تستطيع مقاومة جرعة المضاد الحيوي. وتبين للباحث لي وزملائه أن هذه البكتريا ال"سوبر" تنتج مادة اندول وهي مادة تساعد على نقل الإشارات بين الخلايا وتلعب دورا هاما في مقاومة بكتريا "ايشيريشيا كولاي" للمضادات الحيوية. وأصبحت مادة ايدول تساعد البكتريا الحساسة على إخراج المضاد الحيوي من الخلايا. كما تقوم هذه البكتريا بتفعيل آليات حماية أخرى في مواجهة المضاد الحيوي حسبما ذكر الباحثون في دراستهم.