تأملت واقع وفكر أفراد فئة الضلال، من خلال ظهورهم عبر وسائل الإعلام، ومن خلال ما يقومون به من عمليات إرهابية؛ فوجدت أن أحدهم أشبه ما يكون بدمية، يتم تحريكها ذات اليمين وذات الشمال، دون أن تبدي مقاومة أو ممانعة، وإلا كيف يرضى بوضع الحزام الناسف في وسطه، ثم يعمد إلى تفجير نفسه في سوق تجاري أو مؤسسة عامة أو خاصة. إن قادة وزعماء التنظيمات الإرهابية يعرفون نوعية الأشخاص الذين يمكن التغرير بهم، وحقنهم بسموم فكر التطرف، حتى يصبحوا مسيرين غير مخيرين في كل شؤون حياتهم، وفي مقدمتهم صغار السن، خاصة أولئك الذين يعانون من مشاكل اجتماعية وأسرية، يُستدرجون بطرق عدة، أهمها التركيز على الجانب الديني، والحديث عن الجهاد والمجاهدين، ولَيّ عنق الآيات والأحاديث؛ حتى تأتي متناغمة مع أهداف خفافيش الظلام، ثم يتم رسم صورة سوداوية عن المجتمع ومؤسساته، وشيئا فشيئا ينعزل الشاب قليل العلم والخبرة عن مجتمعه، وتعشش أفكار الانتقام في مخيلته، وحينها يمكن استخدامه، والزج به إلى أتون الصراعات. ومن الذين يمكن جذبهم وتحويل مسارهم، أصحاب السوابق والمنبوذين من الوسط الاجتماعي، فحينما يجدون من يزين لهم عالم الضلال، ربما ينقادون طائعين؛ هربا من واقعهم التعيس، يضاف إلى ذلك حديثي الالتزام ممن كانوا مبتعدين عن المنهج الإسلامي القويم؛ إذ يمكن استغلال حماسهم واندفاعهم بطريقة تجعلهم يجنحون عن جادة الصوب دون أن يشعروا، وبين عشية وضحاها يجدون أنفسهم وقودا لعمليات إرهابية يُقتل على إثرها الأبرياء، وبسببها تسوى البنايات والمنشآت القائمة بالأرض. وما لاحظته من خلال المحاورات التلفزيونية مع بعض أتباع الفكر المنحرف، هو أنهم لا يستطيعون تحليل الأمور، ولا يفكرون باستقلالية؛ بل يركنون للتبعية في كل أمر يخصهم، وكأنهم أجهزة حواسيب مبرمجة، لا تقبل أي نتيجة سوى تلك التي تأتي وفق ما وضع المبرمج؛ وهذا يعني أن المفاهيم التي زُرعت في أدمغتهم يصعب اجتثاثها، بدليل أن كثيرا ممن تجازوا برنامج المناصحة وأعلنوا توبتهم، عادوا إلى غيّهم القديم.