لاشك أن الإعلام السعودي بكافة عناصره ومؤسساته قد لعب دوراً محورياً في معركة الوطن ضد الإرهاب فكراً وممارسة ومعتقداً ، وأسهمت الصحافة بشكل خاص إسهاماً واضحاً في هذه المواجهة بل كانت شريكاً حقيقياً مع الأجهزة الأمنية مثلما كان المواطن سنداً ورديفاً لرجال الأمن حتى استطاعوا -بفضل الله- اجتثاث هذا الفكر من جذوره ، ووقف العمليات الإجرامية ، وإحباط المؤامرات والمخططات الماكرة التي كانت تدار ضد الوطن وأهله وضيوفه وزواره ومنشآته وأمنه واستقراره. واشتمل دور الصحافة على الجوانب التوعوية والتغطيات الميدانية ومتابع الأحداث ورصد ملابساتها ووضع المواطن والمقيم أمام الحقيقة بكامل حجمها ، وكذلك إبراز المنطلق الحقيقي لمنفذي العمليات وتوضيح أهداف التنظيم والوسائل التي يتخذها أنصاره للتغرير بالبسطاء والسذج وصغار السن ، واستخدام الفتاوى الباطلة لتبرير قتل الأبرياء وتدمير المنشآت وترويع الآمنين والاعتداء على أرواح المؤتمنين وتبصير الناس بحجم الأضرار الناجمة عن ذلك، وعرض فتاوى العلماء والمشايخ وأهل العلم الثقاة في توضيح الحقيقة وكشف الضلال بشأن ما يمارسه الإرهابيون من إجرام بحق الدين والوطن والمواطنين وغيرهم. الصحافة شكلت عنصراً مهماً ضمن الخطوط الأمامية في هذه المواجهة بين الوطن وأبنائه من جهة والإرهابيين وأنصار الفكر الضال المنحرف من الجهة الأخرى وقد تكللت جهودها بالفلاح والنجاح ، حيث كان لتلك المواقف الوطنية والمهنية الاحترافية الرصينة لصحافتنا الوطنية الأثر الواضح في صناعة موقف وطني موحد وداعم ومسند لأجهزتنا الأمنية التي برهنت على قدرتها وكفاءتها العالية وإخلاصها للوطن وحرصها على عدم التهاون في المساس بأمن واستقرار الوطن وأمن المواطن والمقيم ، واستطاعت أن تدير المعركة لصالح الوطن ، وتراهن على الحس الأمني للمواطن ووعيه ومساندته لأجهزته الأمنية وقد كسبت الرهان بجدارة واستحقاق. الإعلام -وفي مقدمته الصحافة- استطاع إبراز رؤية وجهود وخطط صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية ، وإبراز النجاحات التي حققها رجال الأمن البواسل بناء على تلك التوجيهات الكريمة والسديدة من سموهما -حفظهما الله- وهذا كان له الدور الأساسي في تفكيك الشبكة المجرمة وإفشال مخططاتها ، وبث الثقة والدافع المعنوي لدى رجال الأمن والمواطنين على حد سواء. كذلك حرصت وسائل الإعلام وعلى رأسها الصحافة على إبراز دور لجان المناصحة التي شكلتها وزارة الداخلية ، من خلال رؤية سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز لأجل إصلاح الشباب وتصحيح أفكارهم ، وإيضاح دور تلك اللجان في تصحيح مفاهيم بعض المغرر بهم ممن انقادوا وراء أفكار أصحاب الفكر الضال ، والنتائج الإيجابية التي حققتها تلك اللجان لصالح الأمن الوطني ، وإسهامها في إعادة عدد كبير من الشباب إلى جادة الدرب وإلى الصواب بعد خضوعهم للمناصحة والتبصير بصورة شرعية. وحينما بدأت جلسات محاكمات بعض خلايا الفئة الضالة ، كانت الصحافة أكثر حضوراً في قاعات المحاكم ، من خلال نقل وقائع الجلسات ، وكشف المزيد من الحقائق ، والمفاجآت التي غالبا ما تكشف عنها وقائع الجلسات ، وأقوال الشهود ، واعترافات المتهمين والجناة. وفي هذا المعترك ، كانت صحيفة (الجزيرة) الأكثر حضوراً وتألقاً ، وذلك من خلال مبادراتها وسبقها الصحفي وتفردها بتغطية كثير من الأحداث المتعلقة بعمليات التفجير ، ولم يتوقف دورها عند حدود نقل المعلومات مصورة ، بل استمرت في الرصد والتحليل وعرض مسح شامل للعمليات وملابساتها بطريقة سردية شيقة تنم عن الحس الصحفي والوطني في ذات الوقت ، ولا أقول هذا لأي اعتبار يربطني بالجزيرة لكنها الحقيقة التي لا يختلف حولها اثنان. وهكذا ظلت الصحافة الوطنية تشكل عنصر إعلام وتوعية وتثقيفاً ، وكذلك ظهيراً مسانداً للأجهزة الأمنية ، وعاملاً مؤثراً في تنمية الأمن الفكري وصناعته ، فضلاً عن التأثير الإيجابي في تنمية الوعي الاجتماعي ، ووضع المتلقي في قلب الحدث ، وممارسة دورها الطليعي كسلطة يصب جهدها في رصيد الوطن والمواطن. ونحن حينما ننظر إلى بعض البلدان من حولنا ، حيث تزهق الأرواح ويعتدى على الأعراض والممتلكات ، ندرك ما نحن فيه من نعمة الأمن والاستقرار ، وندرك ما أودت إليه الفوضى والتصرفات غير المسؤولة ، نسأل الله أن يهدي من ضل من شبابنا إلى الطريق الصحيح فنحن في دولة تحكم بالشريعة الإسلامية ، ونسأله أن يحفظ بلادنا ويديم عليها خيره وفضله في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.