أشار عدد من السياسيين إلى أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هو السبب الرئيسي في ما يشهده العراق حالياً من اضطراب سياسي وعدم استقرار أمني، مشيرين إلى أن سياسته الطائفية ودوافعه المذهبية باتت تهدد وحدة العراق وبقاءه على خريطة العالم. كما اتهموا الحكومة الإيرانية بتشجيع المالكي على سياسة الإقصاء والتهميش التي اتبعها ضد السنة والأكراد وغيرهم من أطياف الشعب العراقي، وذلك تنفيذاً لأجندتها وأحلامها الاستعمارية القديمة في المنطقة، ورغبتها في فرض نفوذها على المنطقة العربية. كما استعرضوا الإخفاقات العديدة التي منيت بها حكومة المالكي منذ مجيئه إلى كرسي رئاسة الوزراء قبل أكثر من 8 أعوام، منوهين بالتردي الأمني الذي صار يهدد حياة العراقيين، حيث تحيط بهم الأخطار في كل تحركاتهم، ووصول أعمال العنف والتفجير والهجمات الانتحارية إلى معدلات غير مسبوقةا. ورفض عدد من السياسيين الذين استطلعت "الوطن" آراءهم، ربط التطورات الأخيرة التي حدثت في العراق، واستيلاء المسلحين الثائرين على كثير من المدن في وقت قياسي، بالاتهامات التي يرددها المالكي ويلقي بالمسؤولية على دول أجنبية بدعمهم هنا وهناك. ومن بين تلك الدول التي اتهمها المالكي المملكة العربية السعودية، وهي الاتهامات التي استهجنتها الكثير من دول العالم وعلى رأسها الولاياتالمتحدة الأميركية التي وصفتها بأنها "عدائية ومتسرعة". كما أشاروا إلى أن كل ما فعلته المملكة هو الجهر بكلمة الحق، انطلاقاً من مسؤولياتها التي يفرضها عليها وضعها كدولة قائدة للعالم الإسلامي وتحتضن الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين. وطالب ضيوف "الوطن" الحكومة العراقية بسرعة الجلوس إلى الثوار، والكف عن سياسة استعداء الآخرين، والاعتراف بإخفاقاتها وفشلها، والعمل على جمع كلمة الصف ووحدة الشعب، حتى تتمكن من التصدي للأخطار الداهمة التي تتهدد القطر العربي العريق، فإلى ما أفادوا به: العمالة والخيانة بداية، تعرب المستشارة السابقة للرئيس المصري سكينة فؤاد عن أسفها لما يمر به العراق في الوقت الحالي، مشيرة إلى أن ذلك نتيجة مباشرة لحكومة نوري المالكي التي أتى بها الاحتلال الأميركي للعراق بداية القرن الحالي، لقناعته بأنها تحسن العمالة وتنفيذ مخططاته وتلبية طلباته، وتقول "بعد أن اجتاحت الجيوش الأميركية العراق، وسارعت إلى حل الجيش العراقي وكافة القوى الأمنية، وجد العراق نفسه بلا قوة كافية تحمي أراضيه أو تدافع عنها، فوقع فريسة سهلة أمام قوى الإرهاب التي عاثت فيه فساداً، وتمكنت من إيجاد مواطئ لأقدامها في ذلك القطر الذي كان يوصف يوماً بأنه مصدر أمان واستقرار للدول العربية والإسلامية، بفضل ما كان يتمتع به من عقول بشرية نيرة، وموارد اقتصادية هائلة، وقوة عسكرية كبيرة. وبعد أن استنفذ الاحتلال أغراضه ولم يبق من مبرر لبقائه، بعد تدمير بنيته التحتية وتفكيك قوته العسكرية، كان لا بد لها من الانسحاب، بحثت واشنطن عمن يمكن أن يحقق لها أهدافها، ويضمن استمرار مصالحها، فلم تجد غير نوري المالكي وبعض الذيول الأخرى، فعملت على تهيئتهم ليتسلموا إدارة البلاد، فكان لها ما أرادت، وها هو المالكي يكمل اليوم ما بدأه الاحتلال من تدمير لبلاده على كافة المستويات". نظرية المؤامرة ومضت فؤاد بالقول "ما يدعيه رئيس وزراء العراق عن وجود مؤامرة تستهدف بلاده هو حديث ممجوج لكثرة ما تكرر، فمن المعلوم أنه لا يمكن لأي مؤامرة أن تنجح إذا كانت الجبهة الداخلية متماسكة، ولا تستطيع أعتى جيوش العالم أن تخترق دولة إذا كانت هناك لحمة بين قادتها وشعبها، ولكن للأسف الشديد المالكي فرق بلاده شيعاً وطوائف، واتبع سياسة أقل ما يمكن قوله عنها أنها غير راشدة، وغير ناضجة، فهو لا يخفي عمالته لإيران، وهي حقيقة لا يمكن لكل المساحيق أن تخفيها، فالرجل استهتر بشعبه واستخف بتاريخه، وربما كان لا يدري أن العراق دولة لها تاريخ ضارب في القدم، ولها جذور عميقة أسهمت في تكوين الحضارة الإنسانية، وأنها من أعرق الدول العربية وأكثرها مساهمة في التاريخ العربي، ومع ذلك لم يتردد في أن يربطها بفلك إيران". مزاعم كاذبة وعن اتهامات رئيس الوزراء العراقي للمملكة العربية السعودية تقول "على المالكي قبل أن يتحدث عن الآخرين ويدعي مسؤوليتهم عما يحدث في العراق أن يسأل نفسه، ماذا قدم لشعبه، وماذا تحقق في عهده، وما هو الدليل على تورط السعودية في ما يحدث بالعراق؟ لا شيء سوى الأوهام والأكاذيب، فالمملكة على مدار التاريخ لم تعرف التدخل في شؤون الآخرين إلا بالخير، وما مواقفها الأخيرة مع مصر إلا دليل على صدق قادتها ورغبتهم العميقة في دعم كافة شعوب الأمة العربية والإسلامية، دون رغبة في تحقيق أي أهداف خاصة أو أجندة ذاتية، بل إنها جهود تحركها الرغبة في مساعدة الآخرين ودعمهم. وبدلاً من إضاعة الوقت في ترديد هذه المزاعم التي لا يسندها دليل أو برهان، عليه أن يسارع بالإصغاء إلى صوت العقل، وأن يتخلى عن العناد والمكابرة، وأن يعترف بأخطائه ويتخلى عنها، وأن يجلس إلى أبناء شعبه ليحاورهم ويتحدث إليهم، ويحقق مطالبهم المشروعة البسيطة، وأن يوسع من دائرة المشاركة السياسية، عله بذلك يستطيع إنقاذ بلاده من المصير المظلم الذي ينتظرها، والمخاطر العظيمة التي تتهدد بقاءها". ولم تنس المستشارة المصرية توجيه اللوم والنقد للحكومة الإيرانية، حيث حملتها مسؤولية ما يحدث في العديد من دول العالم الإسلامي، قائلة "للأسف الشديد فإن حكومة طهران لا تملك أفقاً سياسياً راشداً، ومن المخجل أنها تحاول في عصر التطور التكنولوجي والنهضة العلمية لتحيي الخلافات الطائفية من جديد، وبينما يستكشف الآخرون الفضاء ويصنعون القنابل النووية تتحدث طهران عن نعرات مذهبية بغيضة، وتفتعل المشكلات في دول العالم الإسلامي، فقد تدخلت في سورية ووقفت إلى جانب نظام الأسد ضد شعبه والحصيلة مأساة إنسانية تهز ضمير العالم يومياً، كما تدخلت في العراق والنتيجة هي ما يشاهده العالم أجمع، وتتدخل كذلك في اليمن عبر جماعة الحوثيين وتثير القلاقل، وحاولت التدخل أيضاً في البحرين، إلا أن عناية الله لطفت بها، وساعدتها أخواتها من دول الخليج حتى تجاوزت المحنة". ثمار الفشل من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي السوداني الدكتور محمد أحمد عزالدين أن الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي تحصد الآن ثمار ما غرسته من تجاهل وتهميش وإقصاء بحق العديد من المكونات السياسية، وليس السنة فقط، مشيراً إلى أن الأكراد كذلك عانوا مثلما عانى السنة، وربما أكثر في بعض الأحيان، وكذلك العلمانيين والليبراليين عانوا بدورهم من ممارسات حكومة نوري المالكي الطائفية، لكنه يعود ويقول إن السنة هم الذين كانوا مستهدفين بصورة مباشرة. ويقول "منذ أن تولى نوري المالكي رئاسة الوزراء في دورته الأولى لم يحقق أي نجاح يذكر، سواء على صعيد سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، أو أمني. فالأزمات تفاقمت في عهده، ففي المجال السياسي بدأ في استهداف حلفائه قبل خصومه، وانشغل بتدبير المكائد السياسية والخطط التي تمكنه من إزاحة كل من يرى أنه شخصية سياسية ذات وزن يمكن أن يشكِّل عليه خطراً في المستقبل، وتبرز هنا قصة الرمز السني طارق الهاشمي كمثال واضح على ذلك، إضافة إلى عدم قدرة رئيس الوزراء في استقطاب حلفاء جدد، وعدم رغبته في التعامل الجيد مع الآخرين. فأصبحت الحكومة عبارة عن خليط متنافر من القوى، هم كل واحدة منها التخلص من الآخرين والبحث عن طرق لإدانتهم. كما تسببت المشكلات التي افتعلها مع الأكراد في تنفيرهم، وها هم اليوم يبحثون عن وسيلة تمكنهم من إعلان دولتهم المستقلة، بعد أن صاروا فعلاً دولة داخل الدولة، مما يمكن أن يهدد العراق ووحدته في المستقبل القريب". إدمان الفشل ويمضي عزالدين قائلاً "أما إخفاقاته في المجال الاجتماعي فهي كثيرة وواضحة، وما حالة التشرذم التي يعاني منها العراق حالياً إلا مثال بسيط، فالاحتقان بين السنة والشيعة تزايدت معدلاته، بسبب سياسات الشحن الطائفي التي يتبعها، وإصراره على ضرب أي محاولة للتفريق بين الجانبين. كذلك تعج كل محافظات البلاد بمشكلات مماثلة، ويحس سكانها بالظلم والغبن، والدليل على ذلك ثورة الأنبار التي بدأت في البداية احتجاجاً على مشكلات اجتماعية، وللمطالبة بمطالب عادلة، وكان بإمكانه لو تحلى بإحساس رجل الدولة المسؤول أن ينزع فتيل ذلك التوتر، بأن يذهب للمعتصمين في أماكن اعتصامهم، ويتناقش معهم حول مطالبهم، ويبادر بالاستجابة لما يمكن تحقيقه منها، لكنه ولضيق أفقه وعدم درايته تكبر وطغى، ورفض كل الحلول التي قدمها له الناصحون، ظناً منه أن التنازل للثوار يقلل من هيبته، وما درى أن الحاكم الراشد هو الذي يحقق تطلعات شعبه، لا أن يحاول إنكارها ويتسرع برفضها". اتهامات باطلة وأضاف بقوله "هناك إخفاقات أخرى لسياسة المالكي الذي صار صديقا دائماً للفشل، فقد أضعف المكانة السياسية للعراق، وجعله مجرد تابع لإيران يتلقى تعليماته منها، وكأنها ولاية إيرانية. إضافة للفساد المالي الذي أصبح جزءاً من سياسة الدولة، وتورط فيه غالبية المسؤولين الحكوميين، ومنها نجله في صفقة الأسلحة الروسية الشهيرة. ومن العجيب أنه يدرك كافة المتورطين في هذا الفساد ويمتلك أدلة ضدهم، لكنه يحتفظ بها ولا يستخدمها إلا إذا حاول هؤلاء التمرد على سياساته، فحينها يبادر إلى كشف الأوراق والأدلة". وسخر عزالدين من اتهامات المالكي للسعودية، قائلاً إنها لا تستحق الرد. وأضاف "بعد أن ثبت فشل المالكي على رؤوس الأشهاد، وصارت إخفاقاته تتحدث عن نفسها، لم يتردد في توجيه اللوم على ما يحدث في بلاده نحو المملكة العربية السعودية التي عرفت على مدار التاريخ بعدم التدخل في شؤون الآخرين، واتباعها سياسة حكيمة شهد بها البعيد قبل القريب، وأشاد بها الجميع. والمملكة إذا صدحت بكلمة الحق، وطالبت المالكي بالكف عن سياسة استعداء الآخرين، وعدم تهميش أبناء العراق، ودعت بغداد إلى توسيع دائرة المشاركة وفتح الأبواب أمام الجميع كي يشاركوا في بناء أوطانهم ونهضتها، فهي إنما تفعل ذلك انطلاقاً من مكانتها كدولة رائدة على المستويين العربي والإسلامي، وتنطلق في ذلك من حرصها على سلامة جميع المسلمين، واستقرار كافة الدول العربية، وليس من باب التدخل في شؤون الآخرين. إلا أن المالكي الذي صار بوقاً لسادته الإيرانيين، يكرر أقوالهم ويرددها دونما وعي أو إدراك، لم يستح من مهاجمة المملكة. وهنا يبرز سؤال كبير: هل من حمل السلاح ضد المالكي في الفلوجة والأنبار سعوديون؟ أليسوا عراقيين نشؤوا على أرضهم؟ وماذا فعل المالكي لأجل استرضائهم وتطييب خواطرهم؟ والإجابة واضحة وهي: لا شيء سوى القهر والظلم والجبروت". الفوضى الخلاقة وكان الأمين العام لهيئة الدعوة والإرشاد في العراق وعضو لجنة كتابة الدستور الدكتور فخري القيسي قد عزا ما يجري في العراق من اضطرابات إلى الأزمة الطائفية وانبعاث النعرات المذهبية، محملاً رئيس الوزراء نوري المالكي المسؤولية عن التطورات الأخيرة. وقال "الظلم والاستبداد من الحكومة التي مارست الإرهاب بحق مكونات واسعة من العراقيين هو السبب في ما يجري في العراق اليوم، وهذا الأمر بدأ منذ مجلس الحكم الانتقالي والحكومات المتعاقبة. وهذا الظلم ليس وليد صدفة، بل كان نهجاً مخططاً له ودعمته أميركا، وذلك بهدف إيجاد ما أسموه "فوضى خلاقة"، بهدف إعادة رسم خريطة المنطقة. وكشف القيسي أن المالكي قام بتجنيس 100 ألف إيراني للعمل كجواسيس، وأضاف "هذا مخطط فارسي قديم يهدف إلى استعمار العراق من خلال أبنائه، فهؤلاء الإيرانيون لا يريدون من اكتساب الجنسية العراقية إلا ضمان وجود صوت لبلادهم في أرض الرافدين، ومن الخطورة أن معظم هؤلاء جنود تم استيعابهم في المليشيات الطائفية". وتابع بالقول "رئيس الوزراء نوري المالكي أزكى النعرات الطائفية، فالرجل كان لديه إيمان حقيقي بحتمية نشر التشيع بالعالم، والكفاح من أجل هذا الأمر. وقد قابلته خلال صياغة الدستور، وعندما بدأ النقاش حول قضايا طائفية، فوجئت به يقول "لو أن الأمر بيدي لكنت صنعت جدارا بيني وبين السنة كما صنعت إسرائيل جدارا بينها وبين الفلسطينيين". صدمة المفاجأة ونفى القيسي بصورة قاطعة أن يكون تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" هو الذي يقوم بالثورة حالياً في العراق، قائلاً "هناك ثوار عشائر يسيطرون على الأرض، وقرابة 15 ألف مقاتل من فصائل المقاومة العراقية الإسلامية المعتدلة التي لها الأثر الكبير في المعارك، إضافة إلى قوات قريبة من حزب البعث السابق. أما "داعش" فهو لم يقم بالثورة ولا يستطيع أن يفعل ذلك، لكن المظالم غير الطبيعية التي حلت بالناس جعلتهم يتعاطفون مع أي محرر يمكن أن يخلصهم". وعن اتهامات رئيس الوزراء العراقي للمملكة قال القيسي "هذه حيلة العاجز، فالمالكي صار يدور حول نفسه، بعد أن باغتته الثورة في عقر داره، وكان من قبل يستخف بالاعتصامات والثوار ويقول إنهم لن يستطيعوا فعل شيء. لكن تقدم الثوار السريع جعله يهرف بما لا يعرف، فالمملكة لم تتدخل في ما يجري بالعراق، بل قال قادتها كلمة الحق – كعادتهم دائماً – وهذا ما لم يعجب الطاغية".