أنعش إدراج لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) في دورتها ال38، مدينة جدة التاريخية على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، آمال وأحلام المثقفين، بإعادة تواصل الثقافة في عمقها الشعبي مع المجتمع، وتفعيل النشاطات الثقافية في المنطقة، باستعادة المواقع التي سبق أن وجدت لها موطأ قدم قبل سنوات، ومن أبرزها بيتا "التشكيليين والفوتوجرافيين". وقال مدير فرع جمعية الثقافة والفنون بجدة الروائي عبدالله التعزي ل"الوطن": شكلت المنطقة بمبانيها التراثية، على مدى السنوات السابقة، حلما ظل يراود الفنانين والمثقفين، لتكون مصدر إلهام لهم، ومكانا ملائما يظهر ثقافة المكان ويقدمها للآخر، غير أن الوضع الذي كانت عليه تلك المباني، وعدم وجود رؤية استراتيجية واضحة لتفعيل الجانب الثقافي، أدى لإغلاق بيت الفوتوجرافيين، الذي افتتح مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وكذلك بيت التشكيليين. وتابع التعزي: رغم ذلك حاولنا في جمعية جدة، تنظيم عدد من الفعاليات في قلب المنطقة التاريخية على مدى ثلاث السنوات الماضية، خاصة فيما يتعلق بالشق الفلكلوري، وأحيينا عددا من الليالي اللافتة، التي لاقت أصداء جيدة ومشجعة، ويجيئ هذا الخبر السعيد الآن، ليدفعنا للمطالبة، بافتتاح مقرات ثقافية متنوعة في المنطقة، يجعلها قادرة على إبراز الجانب الثقافي لها. وفي ظل حالة التقشف التي تعيشها جمعية الثقافة والفنون، قلل التعزي من تأثير ذلك، لافتا إلى الاستراتيجية الجديدة للجمعية في استقطاب دعم القطاع الخاص، مؤكدا أن انضمام المنطقة لمواقع التراث العالمي بالضرورة سيفرز كثيرا من المشاريع والبرامج والمسابقات الثقافية، التي تتقاطع مع جوهر المكان، وحمولاته الثقافية، جنبا إلى جنب مع العامل الاقتصادي الذي سيزدهر، مما ينعكس على الحراك الثقافي، متطلعا إلى تأسيس ورش عمل جادة وخلاقة تستثمر هذا الحدث. من جانبها، رفعت رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للمحافظة على التراث الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز، الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ولسمو ولي عهده الأمين ولسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله - بمناسبة موافقة لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو على تسجيل (جدة التاريخية) ضمن لائحة التراث العالمي. وأعربت عن سعادتها بموافقة مجلس الوزراء على نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، الذي يمنح الهيئة العامة للسياحة والآثار اختصاص تقرير أثرية الآثار والتراث العمراني وتحديد ما يجب تسجيله منها ويترتب على تسجيل أثر ما إقرار الدولة بأهميته الوطنية أو التاريخية أو الثقافية أو الفنية، والمحافظة عليه وصيانته وعرضه، مبدية تفاؤلها بالإنجازات المتتالية فيما يتعلق بالتراث الوطني، وأن ذلك يبشر بخير في القادم من الأيام، حيث إن التراث بنوعيه المادي والمعنوي لم يعد قضية فئة بعينها بل قضية مجتمع بأكمله فهو جزء لا يتجزأ من تاريخ وذاكرة كل مواطن. ودعت الأميرة عادلة الجميع للسعي والمساهمة الفاعلة في كل ما يعلي شأن الوطن ويحافظ على إرثه الغني، مقدمة شكرها للمندوب الدائم للمملكة لدى منظمة اليونسكو بباريس عضو لجنة حالة التراث في الجمعية الدكتور زياد الدريس على ما يوليه من حرص واهتمام ودعم لقضايا التراث الوطني، وأكدت أن الوطن غني بما يستحق تسليط الضوء عليه والسعي لتسجيله مستقبلاً من التراث المادي أو المعنوي، مشيرة إلى أن الجمعية تعمل حالياً على مشروع يهدف لتحويل (بيت صيرفي) مركزاً للفنون الأدائية في جدة التاريخية. وجددت الدعوة لحصر التراث المعنوي وتدوينه عبر مشروع وطني يستهدف بيان حالة التراث غير المادي في المملكة، وحمايته ونشر الوعي بأهميته والمحافظة عليه، حيث أعلنت فتح أبواب المشاركة في دعم ومساندة المشروع في ورشة عمل "نحو تشخيص البنى المؤسسية والإدارية للتراث الثقافي غير المادي في المملكة العربية السعودية"، التي نظمتها الجمعية بالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز بالرياض. وكانت لجنة التراث العالمي باليونيسكو أدرجت ثلاثة مواقع أثرية جديدة أخرى في جلستها الأخيرة، وهي قلعة أربيل بالعراق وموقع غزل الحرير في توميوكا والمواقع المرتبطة به في اليابان ومصنع فان نيللي في هولندا. وجاء تسجيل هذه المواقع بعد نقاشات استمرت لساعات بين الدول المتقدمة بالملفات المرشحة وبين الجهات الاستشارية باليونسكو وخبراء المجلس الدولي للمعالم الآثار (الايكوموس) وأعضاء لجنة التراث العالمي البالغ عددهم 21 عضوا حتى كانت النتائج النهائية بقرار اللجنة بضم هذه الآثار إلى القائمة العالمية نظرا لأنها تمثل قيمة استثنائية في مجال الثقافة والتراث الإنساني.