واصل فوج المجوقل في الجيش اللبناني عمليته الأمنية العسكرية في جرود عرسال والمناطق المجاورة، بعد أن أوقف عدداً من المطلوبين، وقامت وحداته العسكرية بتسيير دوريات في المنطقة، حيث أقامت الحواجز للتدقيق في هوية المارة بحثاً عن مطلوبين. وجاءت هذه العملية لإغلاق مسارب المسلحين على الحدود بين البلدين، حيث تملك القوى الأمنية معلومات حول وجود مجموعات مسلحة فرت من منطقة القلمون إلى الجرود السورية المقابلة لمنطقة عرسال، والحديث عن وجود سيارات مفخخة. ويأتي تشديد الإجراءات الأمنية بالتزامن مع التطورات العراقية والخوف من انعكاس الصراع العراقي على خلفية مذهبية في لبنان، إذا ما قرر "حزب الله" التدخل عسكرياً هناك، كونه يأتمر بأوامر "الفقيه الولي"، وفي ظل توارد المعلومات عن قرار إيراني يقضي بمساعدة حكومة نوري المالكي وتدريب الميليشيات الشيعية على يد الحرس الثوري الإيراني، الذي قد يطلب النجدة من مقاتلي النخبة في حزب الله لمواجهة تمدد "داعش"، مما يفجر الصراع أيضا في لبنان. ولكن حزب الله الغارق في دمائه في المعارك التي يخوضها حماية لنظام بشار الأسد في دمشق، قام بالأمس بتشييع جثث 8 من قتلاه، كما ترددت معلومات أيضاً عن وصول جثث 9 قتلى جدد في قرى جنوبية، فيما أفادت مصادر في الجيش الحر عن مقتل 30 عنصراً للحزب خلال اليومين الماضيين في اشتباكات رنكوس. وكان سياسيون لبنانيون قد حذروا من خطورة ما يجري في العراق من سيطرة لقوات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام على حساب القوات الحكومية، واحتمال انعكاس تلك التطورات الأمنية على لبنان، مشيرين إلى أن تدخل حزب الله في القتال إلى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد يهدد بانتقال تلك التوترات إلى لبنان، وطالبوا الحزب بالانسحاب الفوري من سورية والتقيد بسياسة الحياد التي جسدها "إعلان بعبدا" وتتبعها الحكومة اللبنانية. وفي هذا السياق، دعا رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة أمس، الحزب للانسحاب العاجل من سورية والعودة إلى لبنان، و"عدم الاستمرار في الانزلاق في تعقيدات المنطقة"، حسب وصفه. وأضاف أن ما يجري في العراق له ارتباط وثيق وقوي بما يحدث في سورية، مضيفاً أن لبنان في غنى عن دفع فاتورة ما يجري خارج أراضيه، وأن الأنسب والأسلم له هو التقيد بسياسة النأي بالنفس عما يحدث في دول الجوار. وبدوره، طالب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، بعقد اجتماع عاجل لمجلس الدفاع الأعلى برئاسة نائب رئيس المجلس رئيس الحكومة تمام سلام، لبحث التداعيات التي يمكن أن تنجم عن الأحداث الجارية في العراق. وقال المشنوق في تصريحات صحفية: "ثمة شعور بوجوب اتخاذ تدابير احترازية في دول المنطقة، لذلك حري بنا في لبنان أن نقوم بتشديد المراقبة على كافة منافذنا". وبدلاً من تجاوب حزب الله مع هذه المطالبات، رشحت معلومات مؤكدة ل"الوطن" مفادها أن الحزب يفكر في مضاعفة عدد مقاتليه في سورية، لتغطية النقص الذي يتوقع أن يحدث في القوات المتحالفة مع النظام، نتيجة لانسحاب مقاتلين عراقيين صدرت لهم الأوامر بالاستعداد للانسحاب من سورية والعودة إلى بلادهم للمشاركة في القتال مع القوات الحكومية. وأشار مصدر مطلع إلى أن عشرات العربات المحملة بمقاتلي حزب الله شوهدت وهي تتأهب لعبور الحدود إلى سورية خلال اليومين الماضيين.