عقود من الزمن وما زال المسرح مسرحا للعزلة والتغييب والإقصاء القسري.. مما جعله فقيرا بين بقية الفنون الأخرى وهنا تبدأ الملامة المجتمعية بين وزارة الثقافة والإعلام والجامعات السعودية، لا سيما وأن المسرح هو أبجديات الانطلاق والتصحيح والمسار الفني الحقيقي، وعمق الرؤية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والفنية. هذا المسرح المختبئ في جلبابه المرتق على أوجاع الإهمال ومشكلات التسويف.. والوعود.. أفراد عاشقون مهووسون بالمسرح تشبثوا ببقايا هذا المسرح فهاجروا إليه فكرا وطرحا ورأيا، ووجدوه وطنا وبوحا.. فبات المسرح في منفى التفردية المعطوبة بالأشخاص والأعمال الارتجالية التي تفتقد المظلة الرسمية القوية ماديا ومعنويا، فبات المسرح أشبه ببنيان قصر قد تهدم! وبات المسرح مهجورا، غريبا بين أهله في الوقت الذي يرى فيه التلفاز وكثافة ما يطرح والعقود الخيالية فيشعر بغصة شح الدعم من وزارة الثقافة والإعلام، وهو المعلم، والمدرسة التي تخرج منها أرباب التلفاز، ناهيك عن سذاجة بعض ما يطرح في التلفاز، وافتقاره للدراما الحقيقية التي أصبحت لدينا تقاس بالمزاجية، والانتاجية الدعائية والمكاسب المادية فقط..! المسرح هو ثقافة الشعوب ورسالة الأوطان في عرف الفنون والثقافات العالمية، في الوقت الذي يختبئ فيه مسرحنا السعودي في جمعيات الثقافة والفنون.. جمعيات رعاية الفقراء والمساكين والمعوزين وقصور ذات اليد ومسرحنا المختبئ ما زال ينظر للعالم من حولنا وكيفية التعاطي مع رفقاء دربه من المسارح الأخرى.. والتي أحظى بمعاهد الفنون، والتخصصات الجامعية والتي وللأسف حجبت، ورحلات الابتعاث الخارجي التي تسهم في تطوير الفن المسرحي الذي بات رمانة الميزان الفني. ومضة أخيرة: هل سيرى مسرحنا المريض نور الشفاء..؟! وتعود له الحياة وينبض قلبه بالعطاء، وحلمه بالحياة، أم هي صحوة ما قبل الموت كي يخبرنا بأنه دفن هنا..؟!