حذر عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ صالح الفوزان ممن وصفهم ب"المجرمين ودعاة الضلال" الذين يوقدون الفتن ويلتجئون إلى دول تحميهم، مشددا أن الواجب الحذر من هؤلاء مهما سعوا إلى استخدام الأسماء البراقة في دعوى الجهاد، داعيا إلى التأمل في النتائج التي أسفرت عنها تلك الدعوات. ودعا الفوزان في محاضرة له بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إلى لزوم السمع والطاعة لولي أمر المسلمين، مشددا على أن التفرق والاختلاف شر على المسلمين ووبال، مستشهدا بالثورات التي حدثت في عدد من الدول العربية، والنتائج والمآلات التي خلصت إليها، منبها من خطورة الانجرار خلف الجماعات التي تحاول ضرب العلاقة بين المجتمع وقيادته. وشدد الفوزان على ضرورة لزوم الصراط المستقيم، مؤكدا بالقول "إذا تمسكنا به فلن نفترق أبدا"، محذرا من مغبة الالتفاتة إلى اليمين واليسار والاستماع إلى كل ناعق، مما قد يعيد التناحر والتصارع. واعتبر الشيخ الفوزان أن الاجتماع هو واجب ديني وضرورة من ضرورات الحياة، لا يصلح حال الناس إلا به، ولكي لا يتسيد الجهال المشهد. وحذر الفوزان من أدعياء "السلفية" ومدعي الانتساب إليها، مؤكدا أن السلفية ليست دعوى بل منهج عمل، ولذلك لا بد من دراسة مذهب السلف وما كانوا عليه. وقال "هناك كثير ممن يدعي انتسابه للسلف ولا يعرف مذهبهم أو لا يلتزم به.. هذا ليس من السلف، هذا كاذب إما بجهل أو تعمد". وعن العلماء وطلاب العلم الذين يتهاونون في التحذير من الجماعات والأحزاب المتطرفة، وما هو الواجب عليهم عقب بيانات وزارة الداخلية الأخيرة بهذا الصدد، قال الفوزان إن هناك من يريد خلق حالة من سوء الفهم والتضليل في كل الخطوات التي تتخذها الدولة تجاه المتطرفين، فيما حذر من ذلك بشدة. وقال "يجب على العلماء أن يبينوا للناس الطريق الصحيح والمنهج السليم ويحذروهم من الفتن ومن دعاتها ومن تزويرهم لأنهم يزورون وينمقون الكلام ويعسلونه لأجل أن يقبل وهو باطل.. وهذا هو وقت العلماء". وعن منتقدي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لكثرة محاضراتها تجاه لزوم الجماعة والسمع والطاعة لولي الأمر، لم يستغرب الفوزان من ذلك، وقال "هذا الشيء ليس بغريب، فلقد انتقدوا الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وولاة أمور المسلمين.. هذا شيء معروف، ولكن الواجب أن نحصن أنفسنا وأولادنا وإخواننا من تلك الأفكار ونبين لهم أن هذا كيد من العدو.. وليس معنى ذلك أن نسكت عن ترهاتهم، بل من الواجب أن نفضحهم ونرد عليهم". وعن الجهاد في سورية، تساءل في القول "ماذا أثمر الآن، وما هي نتائجه؟". وأضاف "الذهاب للجهاد من صلاحيات ولي أمر المسلمين". وفي رده على سؤال حول من يزعم أن الخلافة مفقودة منذ 93 عاما، وأنها ستعود عن طريق رئيس دولة لا يخفى ضلاله على من شاهد تغريداته، جاحدا بذلك فضائل الدولة السعودية التي قامت بها طيلة العقود الماضية، أجاب بالقول "يا أخي لا تستغرب هذا، المنافقون وجدوا في عصر الرسول (ص)، وقالوا ما قالوا في المسلمين حتى في الرسول". وأضاف في مقطع آخر من إجابته "أي دولة الآن في السلام مثل هذه الدولة منذ أن قامت على يد الإمامين محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود، وهي ولله الحمد على جادة سليمة وقاعدة سليمة ومتوفر فيها الأمن والاستقرار والعمل الصالح، فترى أوجه الخير في كل مكان، فليسمونا وهابية أو غير ذلك، فواقعها يشهد لها ولا نلتفت إلى شبهات المشبهين وتغريدات الضالين". ورأى الفوزان أن الخروج على ولي الأمر ممكن أن قد يكون بالقول أو الاعتقاد أو العمل، محذرا ممن يصفون العلماء ب"العملاء"، داعيا إلى عدم الالتفات إلى تلك الدعوات. وأشار الفوزان إلى أن من أطلق وصف "الجامية" هم نفسهم من أطلقوا وصف "الوهابية"، داعيا إلى تجاهل تلك التسميات لأنها ألقاب ومطلقوها يسعون من خلالها إلى التنفير من الحق. وعن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين بأنها "جماعة إرهابية"، مع وجود من يعتقد أنهم جماعة معتدلة، قال الفوزان "نحن نود أن يكونوا جماعة متوسطة في الفكر ومعتدلة.. نود هذا والحاصل ما لنا شأن في الجماعات والكلام فيها، إنما نقول الحق واضح والجادة واضحة وجماعة المسلمين وليس لنا شأن بفلان وعلان من كان على المنهج السليم فأهلا وسهلا ومرحبا فهو منا ونحن منه ومن كان خلاف المنهج السليم فليس منا ولسنا منه بأي اسم سمي". ورد الفوزان دعوى عدم إلمام كبار العلماء في المملكة ب"فقه الواقع"، بالقول مستنكرا "يعني العلماء جهال إذاً وهو العالم! هذا كلام ضلال وكلام خطأ والعلماء لم يسموا علماء إلا لأن لديهم علم بالواقع وعلم بالأحكام الشرعية، أما هؤلاء الجهال فلا يعرفون الواقع ولا الأحكام الشرعية". وعن حكم البيعة للجماعات السرية، رد الفوزان على ذلك بالقول "لا توجد بيعة إلا لولي الأمر فقط، فلم يرد أن الصحابة أو التابعين أو من جاء بعدهم يبايعون غير ولي أمر المسلمين". ونفى الفوزان أن يكون هناك أصل شرعي للتقية في الدعوة. وقال "ليس هناك تقية..التقية من أهل الشر إذا خفتهم فإنك تتخذ وقاية من شرهم مما لا يضر دينك". وعمن يشيع أن التحذير من الأحزاب والفرق كالإخوان والتكفيريين يزيد من الفرقة ويورث الشحناء، قال الفوزان في تعليق على ذلك "الإسلام دين جماعة.. وليس في الإسلام تفرقة والحمد لله، وأهل الضلال ليس الإسلام بحاجة إليهم، نحن نريد أهل الحق". ومن الأسئلة التي طرحت على الفوزان خلال المحاضرة أن بعض المعلمين يرى أن طرح موضوع الجماعات والأحزاب المتطرفة على أسماع الطلاب فيه تشتيت لأذهانهم، وعلق عليها بالقول "يا أخي الصغار يربون على الخير". وفي رده على تساؤل حول دعاة السوء ممن يستدلون على مشروعية المظاهرات بفعل الصحابة في مكة وإقرار الرسول لهم هذا، قال "هذا كذب.. الصحابة ما تظاهروا في مكة ولا أبدوا شيئا من التفريق في مكة بل كانوا مأمورين بكف الأيدي والصبر حتى هاجروا إلى المدينة وشرع الجهاد على يد الرسول". وطلب الفوزان من سائل ادعى معاونة السعودية للولايات المتحدة الأميركية في تزويد طائراتها بالوقود لضرب معاقل "القاعدة" في اليمن، بإحضار الدليل على تلك الاتهامات. وقال "يا أخي أثبت هذا الكلام.. ما هو دليلك وما دليل الواقع في هذا؟". وعن الاضطراب الحاصل في موقف بعض المواطنين تجاه الإخوان المسلمين لا سيما أن بعض أبناء المملكة منتمون لتلك الجماعة، قال الفوزان "الذي ينهي هذا الاضطراب هو الرجوع للكتاب والسنة، نحن مع من يتمسك بالكتاب والسنة ومنهج السلف، ومن خالف ذلك فلسنا منه وليس منا، ولو تسمى بأي اسم من أسماء الجماعات". ودعا في رده على أحد التساؤلات بمناصحة أساتذة الجامعات ممن تصدر منهم تزكيات لبعض الجماعات الضالة، أو التصعيد بذلك لمرجع أولئك الأساتذة.