صدر مؤخراً كتاب (مفهوم الجماعة والإمامة ووجوب لزومهما وحرمة الخروج عليهما في ضوء الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح) لمعالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل، قدم له وقرضه معالي الشيخ الأستاذ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء الذي ذكر انه أجاد وأفاد وان الحاجة داعية إلى نشره لبيان الحق ورد الباطل في وقت التبس فيه الحق بالباطل نتيجة الجهل والهوى. وتناول المؤلف بيان مفهوم الجماعة ووجوب لزومها وحرمة الخروج عليها في ضوء الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، مبيناً أهمية الجماعة وضرورتها للمجتمع وأنها حفاظ على الهوية الإسلامية، والمراد الشرعي بالجماعة وبين كذلك حكم لزوم جماعة المسلمين ثم حكم الخروج على جماعة المسلمين وخطره والأدلة على وجوب لزوم الجماعة وحرمة الخروج عليها من القرآن والسنة وما جاء عن السلف الصالح في ذلك، ويقسم الأدلة في هذا المنحى إلى عدة أقسام ففي القسم الأول يحصر ما جاء في القرآن الكريم من الأدلة على حرمة الخروج على الجماعة وحكمه وعقوبته، وفي القسم الثاني يحصر ما جاء في السنة النبوية المطهرة من أحاديث ويقف مع معانيها فيشرحها ويعلق عليها رغبة في إفادة القارئ والمطلع وكذلك فعل مع بقية ما جاء على لسان الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام من أحاديث في هذا الباب من ضرورة الطاعة لله ولرسوله ولولي الأمر من المسلمين حتى استعرض المؤلف ستة عشر حديثاً كلها تحث على البعد عن الخروج على ولاة الأمور واتقاء الفتنة فأوفاها المؤلف شرحاً وتفسيراً. ويخلص المؤلف إلى حقيقة مفادها ان أساس الجماعة واصل الاتلاف المانع من الوقوع في إرهاب الفتن هو التوحيد وان العرب لا تدين لكائن من كان إلاّ بالتوحيد مستشهداً بموقف الرسول صلى الله عليه وسلم من سادة قريش عندما دعاهم إلى ان يتكلموا بكلمة يدين لهم بها العرب ويملكون بها العجم في حواره مع عمه أبي طالب. وفي القسم الثالث من الأدلة يسوق المؤلف عدداً من الشواهد من أثر السلف الصالح يبين فيها عواقب الخروج على ولي الأمر ونتائجها مثل قصة قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ووصيته للصحابة بلزوم الجماعة وغيرها وكثير من أقوال عدد من أصحاب رسول الله في ثلاثة عشر دليلاً تدل على ادراك السلف الصالح لأهمية لزوم جماعة المسلمين وطاعة أولي الأمر لما فيه خير أمة الإسلام والمسلمين. وأما القسم الرابع من الادلة فيعرج الأستاذ الدكتور أبا الخيل على الدليل العقلي وان الفطرة السليمة المستقيمة تدل صاحبها دلالة واضحة على أهمية الجماعة وأنها حق وان الفرقة زيغ وضلال وأنها أمر ضروري ومحتم لأي أمة فضلاً عن أمة السلام والإسلام لاثبات هويتها وتأصيل وجودها وأنها من أكبر المنجيات والعواصم من الفتن فبالاجتماع على دين الله عقيدة ومنهجاً وما كان عليه رسول الله وأصحابه عملاً وسلوكاً وأمور الاعتقاد وأصول العمل بالكتاب والسنة. وأما في الفصل الثاني من كتابه المفيد فيتناول مفهوم الامامة ووجوب لزومها وحرمة الخروج عليها في ضوء الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح فيعرف الإمامة وأنواعها ومكانة الإمام ومنزلتها من الدين وطرق ثبوتها ويعدد طرق اختيار ولي الأمر والبيعة وعظم أمرها وان من أعظم ميزات الإسلام الوفاء بالعهود والمواثيق بين المسلمين وبعضهم البعض أو مع غيرهم ويستعرض ما جاء على لسان علماء زماننا من أمثال سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين من التحذير من التهاون في أمر البيعة كما يوضح المؤلف طبيعة علاقة الحاكم بالمحكوم والمحكوم بالحاكم في ضوء الشرع المطهر والسنة النبوية وما جاء في الأثر عن السلف الصالح وحقوق وواجبات الأمة على الإمام. ثم يستعرض المؤلف منهج السلف الصالح في معاملة ولاة الأمر والأثر الديني والأمني للسمع والطاعة لولاة الأمر على الفرد والمجتمع ويستدل المؤلف في سياق استعراض حقوق ولاة الأمر بما ورد عن سماحة الشيخ بن عثيمين من تقريره لأحكام وأوامر ولاة الأمور وتحذيره من الخروج عليهم وبيان موقف المسلم الشرعي من المنكرات وحكم الدعاء لولاة الأمر وأنه من النصيحة الواجبة. ويصل المؤلف الأستاذ الدكتور سليمان أبا الخيل في الفصل الثالث الى بيان حرمة الخروج على ولي الأمر وخطورته مستشهداً بنماذج مما ذكره العلماء من الاجماع على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر وحرمة الخروج عليهم، ويبين الأدلة الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على تحريم الخروج على ولاة الأمر فيصل الى ما مجموعه خمسة وعشرين دليلاً كلها تتناول اهمية وعظمة مكانة ولي الأمر وتحريم الخروج عليه وأهميته في المجتمع المسلم ومخاطر الافتتان والفرقة على المسلمين وعلى مصالحهم. كما يورد المؤلف الأدلة الواردة إلينا عن السلف الصالح من آثار الصحابة والعلماء كابن تيمية والطبري والبربهاري والطحاوي والآجري وابن حنبل وابن عبدالبر والنووي وابن أبي العز الحنفي والصابوني والشوكاني وشواهدهم في حياتهم اليومية وتعاملاهم ووصاياهم لإخوانهم ومحكوميهم وجلسائهم فيسوق تسعة وثلاثين رواية وأثراً وكذلك يورد بعضاً من ارث ممن سبقونا كأمثال الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب وسماحة الشيخ محمد بن ابراهيم وسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز وفضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمهم الله جميعاً - وكذلك يستشهد بأقوال عدد من علمائنا ومعاصرينا من الأئمة والمشائخ وأصحاب السماحة والفضيلة وبأنها تؤكد جميعها على وجوب طاعة ولاة الأمر والسلاطين وعظمة مكانتهم وحرمة الخروج عليهم. ويصل المؤلف في خواتيم كتابه الى بيان مفاسد الخروج على جماعة المسلمين وإمامهم من وقوع الفتنة في جميع طبقات المجتمع وسفك الدماء واستباحة الأموال وانتهاك المحارم وانقطاع السبل، ويعدد شارحاً بعد ذلك اوصاف الخوارج والغلاة وأسباب ودوافع وصولهم الى ما وصلوا اليه من الضلال والجهل، والطرق والأفكار التي قادتهم الى الخروج على جماعة المسلمين واحداث الفرقة والفتنة وشرخ لحمة المجتمع المسلم والعبث بأمنه واستحلال دماء أبنائه ويذكر أمثلة من التاريخ الإسلامي الحزين الذي مرت به امة الإسلام ونتائج ذلك على البلاد الإسلامية أجمع. كما يسوق معاليه دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية الى جمع الكلمة والاستقامة على دين الله وتحذيره من الخوارج ودعاة التكفير والتفسيق والتبديع بدون برهان، وتحذيره ايضاً من تفريق الأمة وامتحانها بما لم يأمر به الله ولا رسوله. وفي الختام يتناول الدكتور أبا الخيل مواضيع لها صلة جاء في كتابه من صفات أولياء الله في الأرض، وكذلك ان ليس كل من أخطأ يكون كافراً او فاسقاً، وأسباب تسلط الأعداء على الأمة بسبب تفرقها تركها العمل بطاعة الله والرسول وولي الأمر من المسلمين ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحكم من يخالف اجماع المسلمين او من فضل احداً من المشايخ على النبي صلى الله عليه وسلم وحكم ذلك في الدين الإسلامي، وعقوبة من كفر المسلمين او استحل دماءهم وأموالهم ولو بالقتل او القتال، وواجب ولاة الأمر والعلماء والمشايخ تجاه المسلمين والتحذير من المنكرات والمحرمات، واستعرض بيان مذهب أهل السنة والجماعة في مسألة التكفير بتقرير شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وبيان العلة المانعة من التكفير بالذنوب، وتحذير شيخ الإسلام ابن تيمية - عفا الله عنا وعنه - من التكفير وأهمية قيام الحجة قبل الحكم بالتكفير وبيانه منهج اهل السنة والجماعة في التعامل مع الآخرين وتحذيره من تكفير المسلمين. ثم يطرح المؤلف بعضاً من اصول اهل السنة والجماعة والصحابة وأنهم لا يدعون الجمع والجماعة وأن الإمام الذي لم تظهر منه بدعة ولا فجور صلي خلفه الجمعة والجماعة وأن ذلك وارد باتفاق الأئمة الأربعة واستشهد بما جاء في الأثر عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك يذكر المؤلف انه لا يجوز تكفير المسلم بالذنب والخطأ وبين طريقة تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع المارقين وكذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ويختتم المؤلف كتابه ببيان حرمة عظيمة هي حرمة دماء المسلمين وأعراضهم وأنها لا تحل الا بإذن الله ورسوله قررها عليه الصلاة والسلام في خطبته في حجة الوداع وأكد عليها في الكثير من احاديثه لأصحابه، واستعرض المؤلف حالة المسلم اذا كان متأولاً في القتال او التكفير واستشهد بمن حضر بدر من الصحابة وما بدر منهم في بعض افعالهم وأقوالهم مع بعضهم بحضور النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولم يكفر عليه الصلاة والسلام لا هذا ولا ذاك بل شهد للجميع بالجنة، كما استعرض بعض الحوادث التي قام بها بعض الصحابة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وموقفه منها.