بصرف النظر عن الأوراق البيضاء، التي صوت بها نواب الثامن من آذار، والتي وصفتها النائبة اللبنانية عن حزب القوات اللبنانية ستريدا جعجع ب"الإفلاس" السياسي، كان لجبهة النضال الوطني بقيادة الزعيم الدرزي وليد جنلاط، الدور الأكبر في تعليق الانتخابات الرئاسية، مما قاد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إلى الدعوة لجلسة تصويت الأسبوع المقبل. "بيضة القبان" كما يحلو للبنانيين تسمية وضع جبهة جنبلاط النيابية في لبنان، والتي تعني "أوسط الأمور، أو المتحكم بدقة الميزان"، تُعاني من وضعها كعامل توازن في الحياة السياسية في لبنان، مما حدا بزعيم جبهة النضال وليد جنبلاط، إلى الوقوف على الحياد، وعدم دعمه مرشح قوى الرابع عشر من آذار سمير جعجع، وحتى قوى الثامن من آذار، وإن لم تعلن عن مرشحها، حين رشح هنري حلو، للخروج من مأزق ترجيحه كفة سياسية معينة، على حساب أخرى. وبين هذا وذاك، لم تمر "أوراق الثامن من آذار البيضاء" على اللبنانيين بهدوء، وعلى كافة الأصعدة، ما بين مؤيدٍ لها، ومعارض. ومن أبرز مُعارضي ذاك التصرف، ستريدا جعجع، زوجة المرشح الرئاسي سمير جعجع، التي فسرت لجوء الثامن من آذار للأوراق البيضاء، ب"الإفلاس السياسي". جعجع بعد عملية الاقتراع قالت "التصويت لبعض الأسماء من ضحايا الحرب هو اقتراع غير مسؤول وتعبير عن إفلاس سياسي. يجب أن نحضر أنفسنا إلى الجلسة المقبلة وما فاجأنا أنه لم يواجهنا أي مرشح واضح باستثناء الورقة البيضاء". ومن معراب، حيث تابع جعجع عملية الانتخاب رأى المرشح الرئاسي أن "ما حصل هو انتصار كبير للديموقراطية، وأن البعض حاول تشويهه من خلال تصرفات غير مسؤولة"، في إشارة إلى الانتخاب بالورقة البيضاء وانسحاب نواب تكتل ميشال عون و8 آذار من الجلسة. وقال "كان هناك فريق يحمل مشروع لبنان والدولة وفريق يرفضه وما حصل لتعطيل الانتخابات وإعادتنا إلى الماضي، أنا مستمر في المعركة ولن نذهب إلى تسوية. الجميع يجب أن يرشح من يريد". من جهته، أكد المرشح حلو أنه مرشح جدي إلى رئاسة الجمهورية، وسيستمر في المعركة الانتخابية حتى النهاية، ولفت إلى أن ما حصل في المجلس النيابي كان لبنانياً بامتياز". في مقابل ذلك، عاد وليد جنبلاط للتأكيد على مرشحه الانتخابي، وقال "ليس لدينا مرشح آخر وسيبقى مرشحنا هنري حلو". وأشاد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، ب"مجريات جلسة مجلس النواب"، ووصفها بأنها "تعبير عن الديموقراطية اللبنانية، بغض النظر عن النتيجة التي انتهت إليها". وقال "إن جلسة مجلس النواب جاءت في سياق التوافق السياسي الذي ساد البلاد منذ تأليف الحكومة، وفي ظل المناخات الإيجابية التي وعدت الحكومة في بيانها الوزاري بتوفيرها لإجراء الانتخابات الرئاسية، نتمنى استمرار هذه الأجواء الإيجابية، ونأمل أن ينجح مجلس النواب في اختيار الرئيس الأصلح للبنان ضمن المهلة الدستورية". ووفق قراءة الكاتب السياسي والأستاذ الجامعي وسام سعادة في حديث إلى "الوطن"، اعتبر أن "الأصوات التي حصل عليها الدكتور جعجع كانت شبه متوقعة، وترجمت تبني قوى 14 آذار لترشيح جعجع، وهذه النسبة التصويتية منتظرة أن تفرض نفسها على حسابات الفرقاء بالنسبة للجولات المقبلة". ورأى أنه "في مقابل عدم تعطيلها للجلسة عمدت قوى الثامن من آذار إلى عدم تقديم مرشح لها ووقفت وراء سياسة الأوراق الملغاة والبيضاء، وهذا شكل من أشكال التعطيل جعل هدفه المباشر الحصول على أوراق بيضاء أكثر من الأصوات المصوتة لجعجع". ولفت إلى أن "خيار وليد جنبلاط بترشيح هنري حلو مناورة سياسية أخرى في مواجهة ترشيح جعجع. الأصوات التي نالها مرشحه الحلو ستعطي لجنبلاط دور المرجح للجولات الآتية".